رسالة مروان البرغوثي: دعوة لعصيان مدني شامل بذكرى النكبة

رسالة مروان البرغوثي: دعوة لعصيان مدني شامل بذكرى النكبة

14 مايو 2017
البرغوثي يقود الإضراب بسجون الاحتلال (عباس موماني/ فرانس برس)
+ الخط -
وجه القائد الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي، اليوم السبت، رسالة إلى الشارع الفلسطيني والفصائل الفلسطينية، على رأسها حركة "فتح"، تحدّث فيها عن معركة الأمعاء الخاوية التي دخلت يومها الثامن والعشرين وعن الذكرى التاسعة والستين للنكبة.

ونقل الرسالة محامي نادي الأسير الفلسطيني خضر شقيرات، بعد أن تمكن من زيارة البرغوثي في عزل معتقل "الجلمة" بعد منع المحامين من زيارته طيلة أيام الإضراب عن الطعام.

وفي ما يلي نص الرسالة التي وجهها البرغوثي:

"أنا ما هنت في زنزانتي ولا صغرت أكتافي. أتوجه بتحية الاعتزاز والإكبار والإجلال لشعبنا الفلسطيني العظيم الذي هب في كل مكان لنصرة الأسرى في القدس والضفة وغزة وفي داخل الـ48 ومخيمات الشتات وبلاد اللجوء والمنافي والجاليات الفلسطينية.

كما أتوجه بتحية الإكبار والتقدير والاعتزاز للشعوب العربية وكل أحزابها ونقاباتها وشبابها، وأحيي هذه الحركة الشعبية التضامنية في العالم العربي، وأتوجه بالتحية للأصدقاء والأحرار في كل العالم الذين عبروا عن تضامنهم معنا في معركة الحرية والكرامة لفلسطين، كما أتوجه بالتحية لشعبنا وللاجئين بشكل خاص في ذكرى 69 للنكبة والتطهير العرقي وأجدد موقفنا الثابت على التمسك بحق العودة المقدس للاجئي فلسطين إلى ديارهم التي هجروا منها في أبشع محاولة استئصال واستبدال لشعب جرت في هذا العصر.

وأدعو إلى التحام حركة إحياء النكبة وفعالياتها مع الحركة الشعبية للتضامن مع الأسرى وصولاً إلى تطوير هذه الحالة إلى عصيان مدني ووطني شامل تتزامن مع ذكرى مرور نصف قرن على الاستعمار الإسرائيلي الكولونيالي للأراضي العربية المحتلة عام 67.


ومن جهة أخرى، أتوجه بالتحية والاعتزاز والإكبار للأسرى الأبطال المضربين عن الطعام، فرسان الانتفاضات وأبطال المقاومة القابضين على الجمر في ملحمة الثبات والصبر "فما النصر إلا صبر ساعة"، فهم الذين يسطرون صفحة مشرقة ومشرفة جديدة في بطولات الحركة الأسيرة ونضالات شعبنا الفلسطيني من أجل الحرية والكرامة ويزرعون الأمل في الأجيال القادمة ويروونه من لحمهم ودمهم. وأعاهدهم وأعاهد شعبنا على مواصلة معركة الحرية والكرامة لفلسطين حتى تحقيق أهدافها، وأن لا شيء يكسر إرادة أسرى الحرية التي تنبع من إرادة شعبنا العظيم، وباسمهم أقول لشعبنا الفلسطيني: رهاننا عليكم ولكم نضحي وبكم ننتصر ولا شك لدينا أنكم دوماً تقابلون الوفاء بالوفاء.

كما أطلق تحية إكبارٍ وإجلال لشهيد الحرية والكرامة سبأ عبيد، الذي التحق بركب شهداء فلسطين الأبطال الأطهر منا جميعاً، وإنني أستنكر بشدة الهجمة البشعة التي يتعرض لها الأسرى المضربون عن الطعام من أجل تحقيق مطالبهم الإنسانية العادلة، حيث تم التنكيل بهم ونقل المئات منهم وتعريضهم لمصاعب التنقل في البوسطات لـ18 ساعة في اليوم الواحد، ومنع زيارات المحامين، والزج بهم في زنازين العزل الانفرادي في ظل جسد متعب ومنهك، ولكني أؤكد لشعبنا أن كل محاولات الابتزاز الرخيصة والإجراءات القاسية المريرة، والشروط الوحشية التي نعيشها، لن تزيدنا إلا إصراراً وعزيمة وإيماناً بالنصر.

ومن جهة أخرى، أوجه نداء إلى الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة فتح وحماس، للمصالحة الوطنية وتجديد الحوار دعما لعقد مؤتمر وطني للحوار الشامل للوصول إلى وثيقة عهد وشراكة وللحفاظ على التمثيل الفلسطيني ومنع انهيار النظام السياسي الفلسطيني الذي يعيش حالة تآكل وضعف، وإلى تشكيل حكومة وحدة وطنية على الفور، بمشاركة الجميع، واستعادة الحياة الديمقراطية الفلسطينية وحالة التلاحم الوطني في مواجهة الاحتلال الاستعماري كما فعل الأسرى الذين قدموا وثيقة الأسرى وإضراب الحرية والكرامة كتجسيد لوحدة الصف والموقف.

كما أحذر من استئناف المفاوضات مجدداً على نفس القواعد السابقة التي أثبتت فشلها، فلن تكون هناك جدوى للمفاوضات إلا بالتزام إسرائيل الرسمي بإنهاء الاحتلال وفق جدول زمني محدد، والوقف الشامل للاستيطان والانسحاب إلى حدود 67، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، بما في ذلك إقامة دولة كاملة السيادة على حدود 67 وعاصمتها القدس الحبيبة، جوهر الصراع وأصل الحكاية، والاعتراف بحق اللاجئين بالعودة طبقاً للقرار 194 واشتراط الإفراج الشامل عن الأسرى والمعتقلين قبل أي استئناف للمفاوضات، ووقف جريمة الإهمال والتقصير بحقهم المستمر منذ ربع قرن من المفاوضات.

كما أهيب بشعبنا الفلسطيني، ونحن ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني والانعتاق من الاحتلال والاستعمار، إطلاق أوسع حركة شعبية وحركة عصيان مدني ووطني شامل وإعادة الاعتبار لخطاب التحرر الوطني في الذكرى الخمسين على الاستعمار الإسرائيلي، ومع اقتراب الذكرى السبعين للنكبة. وأؤكد أخيراً أن معركة الحرية والكرامة هي جزء لا يتجزأ من الكفاح ضد الاحتلال ومن أجل إسقاط نظام الابارتهايد الظالم في فلسطين".

من جهة أخرى، أكد البرغوثي أن الإضراب عن الطعام مستمر حتى تحقيق المطالب التي خاضوا الإضراب لأجلها.

وقال محامي نادي الأسير شقيرات إنه لا يوجد مفاوضات مع البرغوثي، لا علنية ولا سرية، ولم يتحدث أي شخص من سلطات الاحتلال معه.

وأضاف أن القائد البرغوثي لديه قرار بأنه لن يتحدث ولن يتفاوض مع أي جهة إسرائيلية، وأن قرار فك الإضراب واستمراره منوط بمروان البرغوثي، ضمن ما هو مطروح على الطاولة إما الاستجابة للشروط، أو استمرار الإضراب حتى النهاية.

ولفت شقيرات إلى أنه إذا ما أراد الإسرائيليون التفاوض مع السلطة الفلسطينية بتحقيق المطالب، فإن مروان البرغوثي ليس لديه أي مشكلة، وأوضح أن أي مطلب أو تفاوض لا يلبي المطالب التي وضعت لن يقبل به، وأن أسس المفاوضات مفتوحة شريطة أن تعرض على مروان البرغوثي للموافقة عليها.

وأكد شقيرات أن كل ما يتم الحديث عنه، حول المفاوضات التي تجري ما هي إلا من قبيل التشويه وكسر الإضراب، وأن هنالك تفويض من قبل مروان البرغوثي لقيادة الإضراب بالسماع فقط لمن ترسلهم سلطات الاحتلال للسجون بغرض التفاوض.

وأوضح أن وحدات قمع السجون تقوم باقتحام زنزانته وتفتيشها أربع مرات يومياً، وبشكل مهين، إذ يتعرّض خلالها للتفتيش العاري بالقوّة وهو مكبّل اليدين والقدمين، علاوة على وضعه في قبو أسفل قسم العزل لمدة أربعة أيام، تمّ إخراجه منها بعد إضرابه عن الماء، مضيفاً بأنه يتعرّض لأصوات مزعجة تصدر عن أجهزة على مدار ساعات يومياً، ما يضطره إلى حشو أذنيه بمناديل.

وأضاف شقيرات بأن زنزانة الأسير البرغوثي تخلو من جميع المتطلبات الأساسية، وهي مليئة بالحشرات والبقّ، ولا يتوفّر فيها سوى بطانية واحدة، مبيّناً أنها لا تحتوي على أي نوع من الكتب أو القرآن الكريم.

وأشار إلى أنه لم يتمكّن من تبديل ملابسه منذ بدء إضرابه، ويتمّ نقله من الزنزانة إلى عيادة السجن مكبّل اليدين والقدمين، علماً أنه خسر من وزنه (12 كغم)، وأصبح وزنه (53 كغم).

ونقل المحامي شقيرات عن الأسير القيادي البرغوثي: "نحن مصممون على مواصلة هذه المعركة حتى تحقيق كامل أهدافها".

وحيا البرغوثي أبناء الشعب الفلسطيني وعائلات الأسرى وكافة أحرار العالم الذين وقفوا إلى جانب الأسرى في معركتهم العادلة".

من جهته، أكد عميد الأسرى كريم يونس أن قيادة الإضراب هي الجهة الوحيدة المخولة بدخول مفاوضات مع الاحتلال، وفق المعايير والأسس التي حددتها قبل بداية المعركة، مشيرا إلى أن مندوبين عن أجهزة مخابرات الاحتلال جربوا فتح مفاوضات وهمية مع الأسرى، كان هدفها إفراغ المعركة من مضمونها مقابل وعود فارغة.

وأضاف يونس في رسالة وصلت اليوم الأحد، للحركة الوطنية الأسيرة بالداخل المحتل: "إن الأسرى رفضوا أية مفاوضات وهمية ليست سوى جملا إنشائية لا تملك أي رصيد، وأبلغناهم أننا جاهزون لمفاوضات جدية لا جلسات فارغة المعنى لا تهدف إلا إلى شق الصفوف وكسر الإضراب، وما هي إلا محاولات لكسب الوقت".

وأكد يونس، الذي يقبع في عزل أيالون بسجن الرملة، أن الالتفاف الجماهيري حول قضية الأسرى وأخبار التضامن التي تصلهم برغم العزل، يرسخان لدى الأسرى قناعةً بحتمية الانتصار مهما بلغت شراسة المعركة وضراوتها.