مؤتمر الصومال في لندن... معاهدة أمنية ودعم اقتصادي وإنساني

مؤتمر الصومال في لندن... معاهدة أمنية ودعم اقتصادي وإنساني

12 مايو 2017
مؤتمر دعم الصومال في لندن (Getty)
+ الخط -
جذب مؤتمر الصومال، الذي احتضنته العاصمة البريطانية لندن، أمس الخميس، حضورا دوليا كبيرا، وتعهّد المشاركون بدعم أمني واقتصادي وإنساني بعد أن تمّت الموافقة على الأولويات للسنوات الأربع القادمة، وكيفية تنفيذها، والاتفاق على بدء مرحلة انتقالية تتحمّل فيها الحكومة إدارة البلاد.

ووقعت الصومال معاهدة أمنية مع الدول، التي حضرت المؤتمر، ضمن إطار المساعي الدولية لبناء قوة وطنيّة صوماليّة تتكفّل بمحاربة مقاتلي مليشيا "حركة الشباب" المتطرفة. وأقرّت الدول المشاركة في ختام مؤتمرها خططًا لتدريب الجيش والشرطة الصومالية للاضطلاع بالمهامّ التي يتولّاها الاتحاد الأفريقي حاليًّا.

غير أن الرئيس الصومالي، محمد عبد الله فورماجو، اعتبر أن النزاع في بلاده مؤهّل للاستمرار عشر سنوات أخرى؛ ما لم يتمّ رفع الحظر على السلاح الذي تفرضه الأمم المتّحدة، واقترح أن يتمّ ذلك "خلال عدّة أشهر، أو ربّما العام القادم، وهو ما لم يؤيّده وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، معتبرًا أنّ الوقت "لم يحن بعدُ" من أجل رفع الحظر على الأسلحة، خشية من أن "تصل إلى أيادٍ خاطئة".

دعم إنساني

من جهة ثانية، احتلت الأزمة الإنسانية في البلاد حيّزاً واسعاً من المؤتمر، بحيث شدّد المجتمعون على ضرورة دعم الصومال. وقال مدير منظمة "صوماليا كونسورتيوم"، عبد الرحمن شريف، لـ"العربي الجديد"، على هامش المؤتمر، إنّه كي تتمكّن الصومال من التقدّم، عليها التحوّل تدريجيا من مسار الأزمة الإنسانية إلى مسار التطوّر، موضحا أن بلاده تعيش أزمة منذ 20 عاماً، وقد تستمرّ على هذا النحو لفترة قادمة.

وأشار شريف إلى أهمية خطة التنمية الوطنية التي وضعتها الحكومة، والتي تمتد على مدار ثلاثة أعوام، بيد أنّه اعتبرها فترة قصيرة لإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة، مشيرا إلى غياب مصادر تمويل خطة التنمية الوطنية، وأنّ بلاده تحتاج من المجتمع الدولي إلى الالتزام باستراتيجية الثلاث سنوات، لأنّها إن لم تحظ بهذا الدعم، فهي مهدّدة بالعودة إلى الوراء.

وما تزال الأوضاع الإنسانية حرجة في الصومال؛ ففي عام 2011، مات نحو 260 ألف شخص، خلال شهور أبريل/نيسان ومايو/أيار ويونيو/حزيران، بسبب العطش والمجاعة، وتسعى الحكومة الصومالية حاليا إلى الحصول على الدعم الدولي لتجنّب المزيد من الوفيّات.

وقال شريف إنه يجري حاليا العمل على برامج مرنة ومستديمة للتعامل مع كارثة الجفاف، بالتعاون مع المجتمعات المحلية والمهاجرين الصوماليين، واعتبر أن هذه البرامج ينتظر تنفيذها على أرض الواقع.

بدوره، قال مسؤول منظّمة "الشتات الصومالي السويدي"، بشير غوبدون، لـ"العربي الجديد"، إنّهم يعملون على الجانب الصحي، وما يتعلّق بأمراض مثل السل والملاريا والكوليرا، مؤكدا أن المؤتمر سيمدّ الصومال بالدعم الذي تحتاجه.

وأشار إلى أنّ جمعيته تحظى بالتمويل من حكومة السويد ومن جمعيات إنسانية بينها جمعية بيل غيتس، منذ عشر سنوات لتحسين الوضع الصحي الذي يعاني منه الصوماليون، بعد أن عانت بلدهم حربا أهلية لنحو 25 عاماً.

مداخلات المؤتمر

وشهد المؤتمر مداخلات من ممثّلي الدول المشاركة، تحدّثت في مجملها عن التعهد بدعم الحكومة الجديدة وزيادة التنمية الاقتصادية والاستثمارات وخلق فرص عمل والقضاء على البطالة، وتعزيز الأمن وبناء قدرات الجيش.

وأعرب الرئيس الصومالي، في المؤتمر، عن أهميّة تعاون بلاده مع المجتمع الدولي، لتحقيق الاستقرار، ولفت إلى أهمية دور الجيش في تعزيز الأمن، ورأى أنّ معالجة الأمن ينبغي أن تبدأ من الجذور، ولا يتم ذلك سوى بالقضاء على الفقر والبطالة ووضع خطّة انتعاش اقتصادي.

ودعا فورماجو إلى الاستثمار في الصومال والاستفادة من مواهب وقدرات الشعب الصومالي. وشدد على ضرورة محاسبة الحكومة في حال فشلها.

ومن جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس، إلى مساعدات مالية إضافية بقيمة 900 مليون دولار، للسماح لوكالات الإغاثة بمعالجة مشكلة الجفاف الشديد الذي تعيشه البلاد، والتي يعتبرها "الأولوية الملحّة" بالنسبة للصومال، ليصل إجمالي المساعدات إلى 1.5 مليار دولار.

وتحدث رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي، محمد موسى فقيه، عن الجهود التي يبذلها الاتحاد، للدفاع عن الصومال، وأكّد أن الحاجة ملحّة لتوفير دعم سريع لأن الإسهامات لا تتساوى مع حجم المشكلة، موضحا أنّ الاتحاد الأفريقي سيستضيف المؤتمر التالي لدعم الصومال في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

واعتبر وزير خارجية قطر، الشيخ محمّد بن عبد الرحمن آل ثاني، أنّ أهمية الاجتماع تكمن في دعم الصومال على مكافحة الإرهاب والقرصنة، وأنه يتعيّن على المجتمع الدولي مضاعفة الجهود لمعالجة الوضع الإنساني المتدهور.

وتابع أنّ قطر تجاوزت مساعداتها للصومال 200 مليون دولار أميركي بين عام 2010 و2016، وتعهّد بالتزام بلاده بتنفيذ المقرّرات التي تصدر عن المؤتمر.

وأثنى رئيس وزراء إثيوبيا، هايلة مريم ديساليغنه، على حكومة الصومال الفدرالية، وما توصّلت إليه في تحقيق العملية الديمقراطية والالتزام بقوّة الدستور، بيد أنّه أشار إلى زيادة أعداد النازحين واللاجئين وتأثيرها على البلاد والبلاد المجاورة.

وقال سفير السعودية، الأمير محمد آل سعود، إنّ بلاده قدّمت مساعدات متنوّعة للصومال تزيد عن المليار ومئتي مليون دولار أميركي، وأنّها ستقدّم 10 ملايين دولار إضافية.




المساهمون