الأمن والتعذيب
لطالما أثارت قضية التعذيب وسوء المعاملة في مراكز التوقيف الأردنية حالة من الذعر في نفوس المواطنين، وجعلت غالبيتهم يتخوفون من مجرد التفكير بالتقدم بشكوى للجهات المختصة حول ما طاولهم من خرق للقانون على يد من يفترض أنهم ينفذون القانون، مغبة أن يجدوا أنفسهم عرضة للانتقام.
الإشادة بما أقدمت عليه مديرية الأمن العام، تبقى حذرة في انتظار النتائج التي ستؤول إليها القضية، والعقوبة التي ستصدر بحق المتورطين بموت الشاب، ومبعث الحذر وربما عدم التفاؤل المقدمات التي صاحبت إحالة القضية إلى محكمة الشرطة وذاكرة التعامل مع قضايا مماثلة.
موجبات الحذر، أن النيابة العامة أسندت للمتهمين تهمة الضرب المفضي إلى الموت بالاشتراك، مفترضةً مباشرةً أن قصد ونية المتهمين لم تنعقد على قتل المجني عليه، في وقت تشير الدلائل أنهم واصلوا فعل التعذيب بشكل مخالف للقانون رغم يقينهم بتردي حالة المجني عليه بالقدر الكافي لموته، ما يقتضي أن توجه النيابة تهمة القتل العمد.
ومن موجبات الحذر، أن قضايا مشابهة ما تزال منذ سنوات منظورة أمام محكمة الشرطة، التي لم تصدر لليوم قراراً بإدانة شخص لارتكابه جريمة تعذيب، وسط يقين بات يتسلل إلى نفوس أهالي الضحايا أن العدالة لن تأتي ولن تنصف أبناءهم الذين زهقت أرواحهم في مراكز الأمن.
بعد أن طفت قضية التعذيب في مراكز التوقيف على السطح، يصبح التحدي أن تتم محاصرتها والقضاء عليها بتحقيق العدالة عبر معاقبة مرتكبي فعل التعذيب وإنصاف الضحايا وأسرهم وتعويضهم، وذلك ضرورة وطنية حتى لا يفقد المواطن إحساسه بالأمان وهو يتوجه إلى مركز الأمن، وحتى لا يصبح الجهاز عدواً.