الأردن واحتمالات الحملة على الحدود السورية: إبعاد "داعش" وإيران

الأردن واحتمالات الحملة على الحدود السورية: إبعاد "داعش" وإيران

10 ابريل 2017
هدف المناطق الآمنة استيعاب النازحين على الحدود(توماس كويكس/فرانس برس)
+ الخط -
مع تصاعد الحرب التي تشنها قوى محلية وإقليمية ودولية عديدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية والعراق، وبعد الضربة الصاروخية الأميركية الأخيرة على مطار الشعيرات في ريف حمص، يتزايد الحديث عن إمكانية تدخل إقليمي مدعوم من الولايات المتحدة في الجنوب السوري بهدف محاربة "داعش" وإقامة مناطق آمنة هناك. وفي هذا الإطار، تحدثت مصادر صحافية عن وجود خطط لعمليات أردنية-أميركية-بريطانية مشتركة، لمواجهة التنظيمات المتشددة والتمدد الإيراني في الجنوب السوري في الآن معاً، انطلاقاً من تصريح سابق لملك الأردن عبدالله الثاني، قال فيه لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أخيراً، أنه بعد طرد تنظيم "داعش" من الرقة قد يتوجه عناصره إلى الجنوب، مؤكداً استعداد الأردن لمواجهة هذا التحدي بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا.

وفي هذا السياق، لم يستبعد عضو القيادة العسكرية لـ"الجيش السوري الحر" في الجبهة الجنوبية، أيمن العاسمي، حصول تدخل عسكري أردني بدعم أميركي في المنطقة الجنوبية، خلال الفترة المقبلة. لكنه رأى أن مثل هذا التدخل لن يكون هدفه تنظيم "داعش" بالدرجة الأولى، لأن التنظيم ومبايعيه في الجنوب أضعف وأقل أهمية من أن يحتاجوا إلى تدخل خارجي للقضاء عليهم. وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أن بإمكان فصائل المعارضة، وبقليل من الدعم الخارجي، القضاء على أنصار "داعش" في حوض الجنوب السوري والمتمركزين في محيط اليرموك. واعتبر أنه لم تكن هناك جدية حتى الآن في المعارك التي جرت وتجري مع "داعش" في تلك المنطقة، لافتاً إلى أن قليلاً من السلاح يصل إلى فصائل المعارضة هناك. ورأى أن الحديث اليوم عن تدخل عسكري إقليمي تدعمه الولايات المتحدة وارد، لكنه لا يستهدف "داعش" بالدرجة الأولى، حتى وإنْ اتخذ من ذلك غطاءً. وبيّن أن الهدف من هذا التدخل سيكون "إقامة مناطق آمنة أو مناطق انتقالية تستوعب المدنيين والنازحين إلى حين التوصل إلى حل نهائي للوضع في سورية، بدل اجتيازهم الحدود إلى الأردن، فضلاً عن الفوائد الاقتصادية التي قد يجنيها الأردن من وجود هذه المنطقة عبر المعبر الذي قد ينشأ للتبادل التجاري بين الأردن وهذه المناطق"، بحسب قول العاسمي.

وذكر القيادي في "الجيش الحر" أن "الأمر الآخر المهم هو أنه لا يوجد حالياً فكرة حل شامل ونهائي في سورية، وهذه المناطق (ستكون) انتقالية ريثما يتم التوصل إلى حل"، وفق تعبيره. ولفت العاسمي إلى أنه لا توجد جهة في المعارضة مؤهلة لإدارة هذه المنطقة. وسبب ذلك يتمثل في نظره، بكون "القوى الخارجية لا تريد دعم أي فصيل محدد في الداخل السوري حتى لا يستقطب القوى الأخرى ويصبح لديه استقلالية ويكون أقل امتثالاً للإملاءات الخارجية". وفي هذا الصدد، لفت إلى أن "الأمر نفسه ينطبق على النظام أيضاً، إذ تعمد القوى الخارجية إلى إضعافه كلما شعر بقوته وقدرته على اتخاذ قرارات مستقلة، ومن هذا المنطلق من غير المستبعد أن تكون الضربة الأميركية الأخيرة للنظام في إطار تفاهم ما مع روسيا لجعل النظام يعود إلى الحضن الروسي ويبتعد عن إيران ومليشياتها"، بحسب تقدير العاسمي.


وفي ما يتعلق بالتدخل العسكري في جنوب سورية، رأى العاسمي أن هذا التدخل المحتمل له علاقة بشكل رئيسي بـ"الحفاظ على مصالح إسرائيل، في ضوء تمدد إيران عبر حرسها الثوري وحزب الله والمليشيات الأخرى في المنطقة الجنوبية، وهو ما دعا روسيا إلى تخفيف غاراتها نسبياً على المنطقة الجنوبية حتى لا تنفجر المنطقة وتتأذى إسرائيل"، وذلك بهدف إيجاد منطقة مستقرة لمصلحة كل من دولة الاحتلال والأردن، حسب تعبيره. واعتبر أن التدخل العسكري في الجنوب السوري أمر وارد، مشيراً إلى وجود قوات جاهزة في الأردن لمثل هذا التدخل، تشرف عليها الولايات المتحدة وبريطانيا، قوامها جنود أردنيون وربما سعوديون، وفق قوله.

وكان الملك عبدلله الثاني قد صرّح قبل أيام بأن وجود "الحرس الثوري الإيراني" على بعد 70 كيلومتراً من حدود الأردن لا يعد خبراً ساراً، ملمحاً إلى أن ذلك يعتبراً تهديداً للأردن وإسرائيل على السواء.

وفي هذا السياق، أعلن عضو "الهيئة العليا للمفاوضات"، الممثلة للمعارضة السورية، العميد أسعد الزعبي، تأييده فرضية التدخل الخارجي في الجنوب السوري عبر قوات أردنية مدعومة من الولايات المتحدة. وقال في حديث مع "العربي الجديد " إنه لا توجد معطيات دقيقة حول هذا الأمر، لكن "لم يعد هناك شيء في سورية غير ممكن، فكلّ دول العالم باتت تريد التحارب وتنفيذ المشاريع التكتيكية واختبار قدراتها الدفاعية في سورية التي أصبحت أرضاً مشاعاً"، على حد وصفه. وأعرب عن اعتقاده بأن "الحديث عن تدخل أردني في الجنوب السوري وارد جداً ضمن مؤشرات انتهاء الأزمة بعد المواقف الأميركية الأخيرة حيال النظام السوري". ولم يستبعد الزعبي أن يكون هدف مثل هذا التدخل إقامة مناطق آمنة في الجنوب السوري. وقال إنه "سمح لتنظيم داعش بالتموضع في الجنوب السوري دون أي إعاقة من الدول المجاورة، سواء الأردن أو إسرائيل، وهو لا يبعد عن حدودهما أكثر من 300 متر"، مشيراً إلى "وجود معلومات عن تلقي داعش مساعدات من إسرائيل"، وفق قوله.

غير أن المتحدث باسم قيادة المنطقة الجنوبية في "الجيش السوري الحر"، عصام الريّس، استبعد وقوع مثل هذا التدخل. وقال في حديث لـ"العربي الجديد" إن فصائل المعارضة "لم تسمع حتى الآن بأية تعديلات أو خطط من هذا النوع"، معرباً عن اعتقاده بأن الأمر يتعلق بمجرد "شائعات لا تستند إلى واقع"، وفق تعبيره. ورأى أن الحديث عن إقامة مناطق آمنة في سورية لا يزال قيد البحث ويحتاج إلى وقت طويل حتى تتضح آلياته.

في المقابل، قال قائد لواء "تجمع توحيد الأمة"، أحد قادة الفصائل التي تقاتل "داعش" في المنطقة الجنوبية، ويدعى خالد الفراج (يُلقّب بأبو عدي)، لـ"العربي الجديد"، إنه من خلال متابعة الوضع ميدانياً على الحدود مع الأردن لم يلاحظ عناصره أي حشد عسكري جديد في الجانب الأردني، لافتاً إلى أن القوات المنتشرة هناك موجودة منذ فترة وهدفها حماية حدود الأردن إزاء المواجهات التي تحصل على الجانب السوري من الحدود. وحول عجز فصائل المعارضة حتى الآن عن القضاء على أنصار "داعش" في حوض اليرموك، ذكر أن الفصائل لم تتمكن بعد من استرجاع أي من المناطق التي اجتاحها "جيش خالد" المبايع لتنظيم "داعش" في الآونة الأخيرة، ولكنها "تمتلك خططاً ستبصر النور قريباً لاسترجاع حوض اليرموك بشكل كامل"، حسب قوله. وأشار إلى الدور السلبي الذي تقوم به "غرفة عمليات الموك" في إضعاف بعض فصائل "الجيش الحر" وتقوية أخرى، خدمةً لأجندات بعض القوى الخارجية في المنطقة الجنوبية. وأكد أن هناك فصائل في الجنوب تتلقى مساعدات من "غرفة الموك" عسكرياً ومالياً وأخرى تتلقى رواتب فقط وثالثة من بينها فصيله (تجمّع توحيد الأمة) لا تتلقى شيئاً، وفق قوله.

المساهمون

The website encountered an unexpected error. Please try again later.