هل تؤثر الضربة الأميركية على الوضع العسكري في سورية؟

هل تؤثر الضربة الأميركية على الوضع العسكري في سورية؟

09 ابريل 2017
من القصف الأميركي على مطار الشعيرات (فورد وليامز/Getty)
+ الخط -
على الرغم من أن الضربة الصاروخية الأميركية على مطار الشعيرات العسكري، التابع للنظام السوري في ريف حمص، وسط البلاد، حملت رسائل سياسية ومعنوية واضحة، إلا أن مدى تأثير هذه الضربة على الوضع العسكري الميداني في سورية، ما زال غير واضح حتى الآن، خصوصاً "إذا لم تتبعها ضربات أميركية أخرى"، حسبما طالبت قوى محلية واقليمية عدة.

في هذا السياق، رأى بعض المحللين أنه "بغضّ النظر عن التأثيرات المباشرة المحدودة نوعا ما للضربة على الصعيد العسكري، لكنها تسهم في كسر شوكة النظام سياسياً وعسكرياً، وفي الحدّ من التفرّد الروسي بالوضع في سورية". ورأى المحلل العسكري اللواء محمد الحاج علي المنشق عن جيش النظام، أنه "سيكون لهذه الضربة انعكاسات كبيرة على الوضع العسكري وفي الحدّ من غطرسة النظام وأتباعه وحماته وعلى الوضع الاستراتيجي الذي حكم الصراع في سورية منذ ست سنوات، والتفرّد الروسي في الفترة الأخيرة في سورية".

وأضاف الحاج علي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الضربة الأميركية رسالة قوية لكل الأطراف في المنطقة، وهي زجّت بالولايات المتحدة في الصراع الدائر كلاعب رئيسي ومقرر ومؤثر فيه. وقد تكون القاطرة التي سيصطف الكثيرون خلفها لإنهاء الصراع في سورية".

وأشار إلى أن "الأهم أنها قطعت مع بقاء بشار الأسد في السلطة وهذا سيغيّر في طريقة الأداء السياسي". وعلى الصعيد العسكري، رأى الحاج علي أنه "لا شك بأنها قوية ومؤثرة مادياً ومعنوياً على أداء قوات النظام والدول المتحالفة معه، وتعتبر درساً قاسياً لهم بإخراج قاعدة جوية أساسية في الحرب الدائرة، خصوصاً إذا علمنا أن ربع ما تبقى من طيران النظام كان موجوداً في هذه القاعدة".

من جهته، قلّل المحلل العسكري السوري أديب عليوي من أهمية الضربة، مستبعداً أن "يكون لها أثر في تغيير موازين القوى على الأرض". وأضاف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الضربة الأميركية هي رسالة سياسية أُرسلت عبر الصواريخ إلى كل من روسيا وإيران والنظام، وسيكون لها انعكاس سياسي فقط". وعلى الصعيد العسكري، رأى عليوي أن "لا تأثير عسكرياً كبيراً لهذه الضربة، فالنظام خسر سابقاً العديد من المطارات من دون أن يتأثر بذلك".



من جهته، حاول النظام إعطاء انطباع بأن الضربة الأميركية كانت محدودة النتائج وأنه بصدد إعادة تأهيل المطار ليعود إلى العمل قريباً. بدوره، توقع محافظ حمص طلال البرازي عودة المطار الذي استهدفته الضربة الأميركية، إلى العمل خلال أيام، وهو ما حصل، بإعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "قوات النظام استخدمت طائرتين بعد إصلاح المطار". وجاء ذلك بعد ساعات من زيارة رئيس أركان قوات النظام علي أيوب لمطار الشعيرات واطلاعه على المواقع التي استهدفتها الضربات الصاروخية، وحجم الخسائر والأضرار المادية اللاحقة بمنشآت المطار.

كما بث التلفزيون الروسي والسوري لقطات تبدو فيها أجزاء من المطار ومدرجيْه سليمة، وفيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن 23 صاروخا أميركيا فقط سقطت على مطار الشعيرات في ريف حمص، وأن البحث جار عن مصير بقية الصواريخ، أكد مسؤول أميركي أن كل الصواريخ، باستثناء واحد، أصابت أهدافها وأنه تم تدمير نحو عشرين طائرة في المطار المستهدف. من جهتها، قالت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) إن عدداً من الصواريخ الأميركية سقطت في قرى مجاورة لمطار الشعيرات ما أدى إلى مقتل تسعة مدنيين حسب قولها.

وفي الأوضاع الميدانية عقب الضربة الأميركية، كان لافتاً قيام طائرات حربية يرجّح أنها روسية بقصف الأطراف الشمالية لمدينة خان شيخون، التي تعرضت للقصف الكيماوي وذلك بعد ساعات من الضربة الأميركية على مطار الشعيرات، لكن من دون التبليغ عن وقوع إصابات.

وأمس السبت، قصفت طائرات روسية مناطق في ريف حلب الغربي، وتحديداً بلدة دارة عزة، ما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين، بينما قصفت قوات النظام السوري بنحو 150 صاروخاً وقذيفة مدفعية مدينة عندان في ريف حلب الغربي، ما تسبب بدمار كبير في ممتلكات المدنيين. وصعّد الطيران الروسي غاراته على مناطق غرب حلب، بعد فشل قوات النظام والمليشيات المساندة لها بالتقدم إلى حي الراشدين ومنطقة الفاميلي هاوس خلال الهجمات التي شنها على المنطقتين أخيراً.

وعقب الضربة الأميركية شنت المقاتلات الحربية التابعة لسلاح الجو الروسي ثماني غارات جوية مكثفة على الأحياء السكنية في مدينة جسر الشغور بريف إدلب، مما أدى إلى جرح عدد من المدنيين. لكن ناشطين لاحظوا أن أجواء الشمال السوري بدت خالية تقريباً من أيّة طائرة تابعة للنظام السوري، وأن جميع الطائرات التي تحلق في الشمال تتبع لقاعدة حميميم الروسية.

وفي محيط دمشق، أعلن "جيش الإسلام"، عن مقتل خمسة عناصر لقوات النظام خلال الاشتباكات الدائرة في بساتين حي برزة شرقي العاصمة دمشق. وذكر "الجيش" على حسابه في تطبيق "تيلغرام"، أن "الاشتباكات مع قوات النظام في تلك المنطقة أسفرت أيضاً عن تدمير جرافة تابعة للنظام بقذائف محلية الصنع".

وفي جنوب البلاد، أفادت فصائل الجيش السوري الحر، بأنها "سيطرت على منطقة فايز الأديب العسكرية في حي المنشية بدرعا البلد". وأوضح المتحدث العسكري لـ "غرفة عمليات البنيان المرصوص"، بأن "الكتلة الاستراتيجية التي تم اقتحامها عبارة عن 20 كتلة سكنية، مشيراً إلى "مقتل وجرح عدد من عناصر قوات النظام، إضافة إلى تدمير عربتي شيلكا وبي أم بي مصفحتين لقوات النظام. والعمليات العسكرية مستمرة حتى السيطرة على حي المنشية بالكامل".


المساهمون