"البدون"... قوة بشرية للجيش الكويتي تاريخياً

"البدون"... قوة بشرية للجيش الكويتي تاريخياً

04 ابريل 2017
خدم البدون بالجيش منذ قبل تأسيس الدولة الحديثة(ياسر الزيات/Getty)
+ الخط -
ما إن أعلنت وزارة الدفاع الكويتية فتح باب القبول لأبناء المقيمين بصورة غير قانونية (البدون) في الجيش، السبت الماضي، حتى سارعت أعداد كبيرة منهم للتسجيل في كشوفات الخدمة العسكرية، طمعاً بالمميزات المادية التي يوفرها الجيش لأفراده في ظل أزمة البطالة التي يعانيها شباب البدون.

وبحسب تصريح اللواء الركن خالد مضحي الشمري، فإن "أعداد المتقدمين بلغت حتى اللحظة 18 ألف شاب من البدون، ومن المرجح أن يصل عدد المتقدمين إلى 35 ألفا سيتم فرزهم واختيار اللائقين منهم فيما بعد".

ويأتي فتح المجال أمام البدون للتجنيد، بعد إقرار التجنيد الإلزامي للكويتيين العام الماضي، مع زيادة أعداد الكويتيين الذين يتركون العمل في الوظائف العسكرية لأسباب مختلفة، من ضمنها وجود فرص وظائفية بدخل أفضل، بحسب مراقبين.


وتركز الكويت بصورة متصاعدة على قدراتها العسكرية مع تزايد التحديات الأمنية الإقليمية التي تواجهها، لاسيما مع تصاعد التهديدات الإيرانية، والدور الذي تلعبه المليشيات في العراق.

ويعود تاريخ خدمة البدون في القوات الكويتية والشرطة والأمن العام إلى ما قبل بدايات تأسيس الدولة الحديثة في الكويت، وقبل ترسيخ وجود "البدون" باعتبارهم فئة اجتماعية مهمشة في الدولة، ولا تتمتع بأي حقوق مواطنة.

وشاركت القبائل التي ينتمي إليها البدون في معارك الكويت ضد الدول والإمارات المجاورة، وعلى رأسها حرب الصريف ضد إمارة جبل شمر عام 1901، ثم مع بداية اكتشاف النفط وتأسيس الكويت الحديثة، والتي كانت بحاجة إلى أيدٍ عاملة في كل القطاعات العسكرية والمدنية، فبدأ البدون في الانتظام بسلك الشرطة وحرس الأسواق في خمسينيات القرن الماضي تحت مسمى "أبناء البادية".

مع تأسيس الجيش الكويتي الحديث، انضم غالب أفراد هذه الفئة إلى ألوية الجيش، حيث بلغت نسبة الجنود البدون في الستينيات أكثر من 80 بالمائة من أفراد الجيش، في ظل قلة أعداد المواطنين الكويتيين آنذاك، وعدم رغبتهم في الانتظام في السلك العسكري، لتوفر الفرص الدراسية والوظيفية الأخرى، التي لم تتوفر للبدون وقتها.

وزادت الكويت من أعداد جنودها البدون في محاولة منها لبناء جيش قوي يواجه الأخطار المحدقة به، وعلى رأسها تهديدات الرئيس العراقي الراحل عبدالكريم قاسم، والذي رفض استقلال الكويت عن الوصاية البريطانية، وطالب بضمها إلى العراق.


وشارك الجنود البدون مع الجيش الكويتي في حرب يونيو/حزيران 1967 ضد الكيان الصهيوني، كما شاركوا في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 ، كما خدموا في القوات الخاصة والشرطة والأمن العام والإطفاء والمرور والحرس الأميري أيضاً.

وفي عام 1985، قتل جنديان من البدون وأصيب آخران أثناء صدهم محاولة اغتيال أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح على يد منتمين لحزبيَ "الدعوة" و"حزب الله"، بحسب الحكومة الكويتية، رداً على موقف الكويت في دعمها للعراق أثناء حربه مع إيران.

لكن البصمة الأبرز للبدون كانت في عام 1990، حينما غزا الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين الكويت، إذ شارك الجنود البدون في عمليات المقاومة وعملية تحرير البلاد من الوجود العراقي، مما أدى إلى أسر وفقد وقتل العديد منهم.

وبعد تحرير الكويت، اتخذت الحكومة سياسة متشدّدة تجاه البدون، وقامت بفصل جميع أفراد الشرطة البدون بدعوى الاكتفاء الذاتي، كما قامت بفصل جزء كبير من أفراد الجيش، وأبقت على الجزء الآخر الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.

وأغلقت الحكومة باب التسجيل في الجيش لفئة البدون بشكل نهائي عام 1991، في الوقت الذي كافأت فيه أفراد البدون الذين شاركوا في الحروب العربية بمنحهم راتباً تقاعدياً، فيما حرمت الجنود الآخرين من هذه الميزة.

واضطرت الحكومة في 2015 لفتح باب القبول للبدون في الجيش من أبناء المواطنات الكويتيات، نظراً لتناقص أعداد المجندين الكويتيين، كما فتحت باب القبول للخليجيين من أبناء الكويتيات أيضاً للانضمام إلى سلك الشرطة والقوات الخاصة، لكن الأعداد التي تقدمت لم تبلغ المطلوب، بحسب ما يقول مراقبون.

وبلغ عدد أبناء الكويتيات من البدون في الجيش الكويتي 2500 جندي فقط على مدى سنتين، ما شجع رئاسة أركان الجيش على فتح المجال لجميع أبناء البدون السبت الماضي، بشرط أن يكونوا من حملة إحصاء 1965 وهو إحصاء يثبت تواجدهم قبل تلك الفترة في الكويت.

ومن المنتظر أن توقف الحكومة قرار التجنيد الإلزامي للمواطنين الكويتيين، في ظل الاعتراض على هذا القانون لأسباب مختلفة سياسية واجتماعية واقتصادية. ويتوقع أن يكون قبول البدون معوضاً عن قانون التجنيد المزمع إلغاؤه.

وبحسب مصادر في وزارة الدفاع، فإن الجيش الكويتي يحتاج لخمسة آلاف جندي من البدون خلال سنتين حيث سيتم ضم 2500 في السنة الأولى و2500 في السنة الثانية مع إمكانية تعيين المزيد في الشرطة وقطاعات وزارة الداخلية والدفاع المدني والإطفاء.

دلالات

المساهمون