زيارة السيسي لواشنطن: توافق في الأمن.. وحماية "مساعدات مصر"

زيارة السيسي لواشنطن: توافق في الأمن.. وحماية "مساعدات مصر"

03 ابريل 2017
يحمل السيسي ملف "محاربة الإرهاب" إلى ترامب (فرانس برس)
+ الخط -
وصل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى واشنطن في زيارة رسمية لمدة خمسة أيام، يلتقي خلالها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ونائبه مايك بنس، ووزيري الخارجية، ريكس تيلرسون، والتجارة، ويلبر روس، فضلاً عن قيادات الكونغرس وكبار مسؤولي البنك وصندوق النقد الدولي.


جدول أعمال مكثف لزيارة قد تتميز بالنجاح مقارنة مع غيرها من اللقاءات والاتصالات التي أجراها الرئيس ترامب حتى الآن مع قيادات أجنبية. فمعظم هؤلاء كان الرئيس الجديد قد اشتبك معهم بصورة أو بأخرى، وخاصة الحلفاء منهم. إلا مع الرئيس السيسي، فترامب "معجب به"، كما قال بعد لقائهما في نيويورك على هامش دورة الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي. 


وسبب الإعجاب أنه يرى في الرئيس السيسي الحليف القوي في "محاربة الإرهاب"، علماً بأنه "لم يشارك بأي من طائرات إف–16 التي زودته أميركا بها في قصف تنظيم داعش في سورية والعراق"، كما قال أحد المراقبين.

في قاموس ترامب، محاربة "الإخوان المسلمين" جزء من الحرب على الإرهاب، وتسوّغ غضّ النظر حتى عن ملاحقة الخصوم السياسيين الآخرين، ومن هنا طرح بعض أركان حكمه وأنصاره ضرورة ضم "الإخوان" إلى لائحة الإرهاب.

الناطق في البيت الأبيض، شون سبايسر، قال، يوم الجمعة، إن "الإدارة لم تحسم بعد موقفها في هذا الخصوص". لكن أكثر من جهة أميركية تصدت لهذا التوجه، محذرة من العواقب التي يستجرها شمل الإسلاميين المعتدلين مع المجموعات الإرهابية.

وهذا موضوع كان قد أثار الجدل منذ أيام أوباما، حيث دار الجدل حول ضرورة التفريق بين الأطراف التي تمارس العنف وتلك التي "لا تحمل السلاح"، من ناحية أن الخلط من شأنه أن يسمح للسلطة المصرية بممارسة القمع ضد الخصوم السياسيين تحت ذريعة محاربة الإرهاب. وهذا ما حصل وما دفع بالتالي إدارة اوباما إلى وقف بيع بعض الأسلحة لمصر. لكنها سرعان ما تراجعت، تماماً كما سبق وامتنعت عن تسمية عودة العسكر للحكم بمصر بـ"الانقلاب" رغم يقينها بذلك؛ حسب ما قال فيليب كرولي بعد استقالته، والذي كان الناطق الرسمي آنذاك في وزارة الخارجية.

اليوم يتكرر نفس السيناريو وإن بصورة لا تصل إلى التلويح بتدفيع النظام المصري ثمن تماديه في ملاحقة خصومه. فثمة تحرك في الكونغرس "كوابح وضوابط" على المساعدات لمصر لو بقي النظام على ممارساته الراهنة التي تمس بحقوق الإنسان، ويذكر في هذا السياق أن بعض التشدد في هذا الشأن يتصل بمطالبة النظام بإخلاء سبيل ناشطة أميركية من أصل مصري.

وفي كل حال يبقى مثل هذا التشدد في إطار التمني ولا يصل إلى مستوى التحذير والمساءلة، خاصة فيما يتعلق بملاحقة الخصوم السياسيين الآخرين، فهذا الأمر لا يهم الإدارة الأميركية، ولا حتى موضوع حقوق الإنسان.

ولم يكن من الصدفة تغيب الوزير تيلرسون عن تقديم وشرح التقرير السنوي لحقوق الإنسان في العالم التي تعده وزارته، ويعرضه الوزير أمام الصحافة في مثل هذا الوقت من السنة.

السياسة أولاً من منطلق "أميركا أولاً" عند الرئيس ترامب، ولهذا لن يصادف الرئيس السيسي أي صعوبة أو مطالبة لتغيير نهج تعامله مع المعارضة المصرية، أو فيما يخص حقوق الإنسان. فهذا أمر تفضل الإدارة الأميركية بحثه بعيداً عن الأضواء.

ومن المستبعد أن يتولى الكونغرس أمر الضغط على الرئيس السيسي في هذا المجال لئلا يصطدم بالبيت الأبيض وهو الغارق بالمشاكل مع هذا الأخير.

تبقى المشكلة التي قد يواجهها الرئيس السيسي محصورة في موضوع المساعدات لمصر والمهددة بمقص القطع الذي طاول معظم أبواب الموازنة. وبالذات موازنة وزارة الخارجية التي يعتزم الرئيس ترامب خفض 27% منها. خاصة فيما يتصل بالمساعدات الخارجية طبعاً ما عدا حصة إسرائيل منها.

وهنا يشكل الكونغرس ورقة القوة لمصر، فهو الذي يحدد صيغة الموازنة في نهاية المطاف، وقد أعلن العديد من الأقطاب خاصة في مجلس الشيوخ بأن الخفض الذي يقترحه الرئيس ترامب، خاصة على صعيد المساعدات الخارجية، "لن يمر" بتعبير السناتور الجمهوري لاندسي غراهام.

وحتى لو حصلت تسوية حول هذه الشريحة من الموازنة فإنها لن تطاول على الأرجح حصة مصر المتواضعة نسبياً، والتي تساوي 1,3 مليار دولار سنوياً.