خذلان مدنيي الغوطة

خذلان مدنيي الغوطة

29 ابريل 2017
المدنيون بالغوطة منزعجون من عدم وحدة المعارضة(عبدالمنعم عيسى/فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي يسعى فيه النظام السوري لتحويل الغوطة الشرقية بدمشق إلى حلب شرقية أخرى من خلال تقطيع أوصالها ومنع كل أسباب صمودها في وجه الحصار، من أجل تجويع السكان وإجبارهم على القبول باتفاق تهجير آخر يضمن للنظام تأمين أشد المناطق خطراً عليه في محيط العاصمة، عادت الخلافات بين فصائل المعارضة لتطغى على المشهد العام في المنطقة، إذ تطورت لاشتباكات سقط فيها عشرات القتلى والجرحى، ولتعطي النظام الفرصة لالتقاط أنفاسه وللتفرّج على أعدائه وهم يصفون بعضهم البعض فيما تسود حالة من الخذلان في أوساط السكان المدنيين، من كل الفصائل المتقاتلة التي لم يسلم حتى المدنيون من اقتتالها.

وبينما استطاعت الغوطة الشرقية الصمود على مدى أربع سنوات في وجه الحصار من خلال بدائل تعتمد على الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي، وعلى الأنفاق التي كان يتم من خلالها جلب بعض الاحتياجات الأساسية من خارج الغوطة، وجد السكان أنفسهم في وجه حصار من نوع آخر بعد قضم النظام معظم أراضيهم الزراعية وقطع أوصال غوطتهم، والسيطرة على كل الأنفاق التي تصلهم بالعالم الخارجي. كان السكان المدنيون يعولون على الفصائل العسكرية المسيطرة على مدن وبلدات المنطقة أن تتحد مع بعضها ضمن غرفة عمليات مشتركة بهدف فك الحصار عنهم كي لا يوضعوا أمام خياري الموت جوعاً أو التهجير، ليفاجأوا بأن أولويات تلك الفصائل قد ذهبت باتجاه تصفية حساباتها في ما بينها على حساب أولوية محاربة النظام وفك الحصار.

وقد أظهرت الاشتباكات الأخيرة بين تلك الفصائل حدة الخلافات في ما بينها ضمن مشهد "سوريالي" لا يمكن فهمه منطقياً ما لم يتم فهم طبيعة تلك الفصائل. فعلى مستوى الخلاف نجد أن هناك تحالفاً بين "فيلق الرحمن" الصوفي التوجه، و"هيئة تحرير الشام" السلفية التوجه، في وجه "جيش الإسلام" الأقرب إلى السلفية كمنهج، أي أن "هيئة تحرير الشام" التي تسود خلافات حادة بينها وبين "فيلق الرحمن"، قد توحدت في غرفة عمليات مشتركة معه ضد إخوة المنهج.

بغض النظر عن الذرائع التي اتخذت لتأجيج الخلاف في الغوطة، فإن جذر الخلاف يبدو خلافاً عقائدياً لا يمت للثورة السورية بصلة، وإنما يرتبط بفصائل ركبت موجة الثورة بدافع معاداتها للنظام ولكنها لم تستطع الانتظار حتى تنتصر عليه.