الجيش الأميركي وعشائر الأنبار: تعاون بعد فتور حقبة أوباما

الجيش الأميركي وعشائر الأنبار: تعاون بعد فتور حقبة أوباما

30 ابريل 2017
التدريبات الأميركية تشمل القوات العراقية والكردية وعشائر الأنبار(جون مور/Getty)
+ الخط -
بعد فتور دام لنحو عام كامل، على مستوى التنسيق والدعم بين القوات الأميركية ومقاتلي العشائر العربية في الأنبار، غرب العراق، تظهر تقارير ميدانية وتصريحات زعماء قبليين لـ"العربي الجديد"، تطوراً كبيراً في مستوى الدعم الأميركي لهذه العشائر. وتفيد بأن الجيش الأميركي المتواجد في قاعدتي عين الأسد (200 كيلومتر غرب الأنبار) والحبانية (25 كيلومتراً غرب الفلوجة)، يقدم دعمه لقوات العشائر التي يبلغ تعدادها نحو 10 آلاف مقاتل، ينحدرون من قبائل وعشائر مختلفة، وينتشرون في محافظة الأنبار المتاخمة لحدود ثلاث دول عربية، هي السعودية والأردن وسورية. وكان المقاتلون هؤلاء قد تمكنوا أخيراً من تنظيم أنفسهم ضمن مجلس يعرف باسم "العشائر المنتفضة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)" ويشرف عليه قادة ميدانيون تم اختيارهم من بينهم.

والعلاقة التي يمكن وصفها بالجديدة بين القوات العشائرية والقوات الأميركية لا تشبه علاقة الحكومة العراقية في بغداد مع تلك القوات العشائرية، التي تشكو من تهميش بغداد لها، ومعاملتها على أساس طائفي. ويؤكد أكثر من زعيم قبلي في الأنبار أن الحكومة تسلح المليشيات وتمنح أفرادها مرتبات شهرية، في حين تمتنع عن تسليح أو تقديم دعم مالي للمقاتلين الذين أثبتوا أخيراً قوتهم على الأرض من خلال معارك مباشرة مع "داعش"، تمكنوا خلالها من كسر التنظيم في أكثر من مرة وإجباره على الانسحاب، كما حصل في مدينة الرطبة وهيت والبغدادي وجزيرة الخالدية خلال الفترة الماضية.

ولا يعرف ما تريده واشنطن تحديداً من مقاتلي العشائر، عبر الدعم الذي تقدمه لهم والتنسيق الجديد معهم. لكن بعض التسريبات تتحدث عن رغبة الولايات المتحدة بأن يكون جهاز الأمن المستقبلي في الأنبار من أبنائها، أي تريد إبعاد مليشيات "الحشد الشعبي" التي تمثل الأجندة الإيرانية بالعراق، عن المحافظة. وفي هذا الصدد، تعدّ واشنطن برنامجاً لدمج مقاتلي العشائر بجهازي الشرطة ومكافحة الإرهاب وأفواج الطوارئ ووحدات التدخل السريع في العراق، وهو ما يمكن اعتباره هدفاً حيوياً لكل من الأردن والسعودية، لا سيما مع تسجيل حالات قصف بالهاون نفذتها مليشيات "حزب الله" العراقية و"جيش المختار"، واستهدفت أراضي سعودية في العامين الماضيين.

وفي هذا السياق، قال مسؤول بارز في مجلس الأنبار (الحكومة المحلية)، يوم الثلاثاء الماضي، إن "الجيش الأميركي نفذ سلسلة عمليات دعم لوجستي لمقاتلي العشائر في قضاء حديثة ومناطق أعالي الفرات خلال اشتباكات مع مسلحي داعش بين الفترة الممتدة من 16 فبراير/شباط الماضي ولغاية 22 من شهر إبريل/نيسان الحالي". وأكد أن "دعماً تسليحياً ومادياً تلقته القوات العشائرية التي تقاتل "داعش"، كما تمت مساعدتها بإعانات غذائية، في مدينة حديثة غرب الأنبار، والتي تعاني بعض مناطقها من حصار بسبب هجمات "داعش" المتكررة على الطرق المؤدية إليها. ولفت إلى عقد الجانبين اجتماعات في قاعدة عين الأسد بعد طول انقطاع، وهو ما يؤكد وجود سياسة جديدة للإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، مع العشائر تختلف عن سياسة الإدارة السابقة.


وقال القائد العسكري لقوات عشائر أعالي الفرات غربي الأنبار، الشيخ ناظم الجغيفي، لـ"العربي الجديد" إن التنسيق بين قواته وبين الأميركيين "أفضل بكثير مما هو الحال عليه بيننا وبين الحكومة ببغداد على الرغم من أننا نقاتل داعش ونضحي ونطهر ونحرر المدن والبلدات والقرى"، وفق تعبيره. وأضاف "وصل بنا الحال إلى بيع آثاث منازلنا وسياراتنا الشخصية حتى نشتري ذخيرة وسلاحا لقتال الإرهابيين من دون أن تلتفت إلينا الحكومة"، حسب قوله. وتحدث عن "اجتماعات تنسيق وعمليات استطلاع ورصد مستمرة مع القوات الأميركية التي بدورها توفر غطاءً جوياً جيداً فوق مناطق تواجدنا وتحذرنا في حال وردت معلومات لها عن احتمال هجوم وشيك لداعش"، مؤكداً أن "آخر اجتماع كان الأسبوع الماضي".

من جانبه، ذكر عضو قيادة عمليات الأنبار التابعة لوزارة الدفاع العراقية، العقيد الركن محمد الدليمي أن "الأميركيين حرصاء على جعل أي تعامل مع العشائر من خلال قيادة الجيش لتجنب أي امتعاض أو تحفظ حكومي والالتزام بالسياقات المتفق عليها". وأشار إلى أن عمليات تسليح وتدريب وتجهيز تحصل عليها العشائر التي تقاتل "داعش"، لكن كل ذلك يتم بعلم الجيش العراقي وليس بشكل مباشر بين الجانبين، وفق قوله. وأضاف أن "قوات العشائر رقم صعب في ساحة الأنبار على وجه الخصوص ولا يمكن اعتبارها ورقة سياسية بقدر ما هي ورقة أمنية وعسكرية لاستعادة مدن محتلة من داعش". ووصف دور العشائر الاستخباراتي بأنه "رئيسي" في متابعة جيوب وخلايا التنظيم بمناطق اكتمل انتزاعها من قبضته.

وكان محافظ الأنبار، صهيب الراوي، قال في مؤتمر صحافي نقلته وسائل إعلام محلية أخيراً، إن "دور القوات الأميركية والتحالف الدولي هو تدريب القوات المحلية ومقاتلي العشائر في المحافظة وتأهيلها استعداداً لتطهير المناطق الغربية". وأكد أن "معركة تحرير قضاء القائم وراوة وعانة من سيطرة التنظيم الإرهابي اقتربت مع استمرار معارك تطهير مناطق الموصل"، وفق تعبيره. وأعلن أحد القياديين العشائريين في الأنبار، علي عودة العسافي، أن بقاء القوات الأميركية في المحافظة أفضل على المدى القريب والبعيد، لافتاً إلى أنه إذا ما قورن بالنفوذ الإيراني فإن العشائر تختار الأميركيين، حسب تعبيره. وختم بالقول "بالأمس كنا نعتبرهم احتلالاً ومع الأسف الآن نراهم كالحمّى إذا ما قورنت بالموت ونحن مجبرون على التعاون في ما بيننا لأن الحكومة تخلت عنا كما ترون"، وفق تأكيده.

المساهمون