عار يليه عار

عار يليه عار

28 ابريل 2017
أهالي غزة مهددون بكارثة إنسانية (محمد عبد/فرانس برس)
+ الخط -
كأنه لا يكفي السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس، عار إفشال تقرير غولدستون وفتح محاكمات دولية ضد الاحتلال الإسرائيلي لمحاسبته وقادته على جرائم الحرب، ولا يكفيها، وقوفها متفرجة على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على غزة منذ عدوان "الرصاص المصبوب"، و"أمطار الصيف" فـ"عامود السحاب" وصولاً إلى عدوان "الجرف الصامد". هذا كله لم يكن كافياً، فزادت عليه عار التنسيق الأمني وتحويله إلى "عقيدة مقدسة"، لتأتي الآن السلطة الفلسطينية وتبشرنا، أو لنقل تهددنا بعار جديد، لكنه ليس كغيره، عار فرض العقوبات الجماعية على مليوني فلسطيني في قطاع غزة وإغراقهم في ظلمات قطع التيار الكهربائي. وكل ذلك بحجة أنها لم تعد تستطيع السكوت على ما أحدثته حكومة "حماس" في قطاع غزة.
الخلاف بين "حماس" و"فتح" شيء، ومصير الناس ومعاقبتهم شيء آخر، هو الاحتلال وحده الذي كان ولا يزال، وأحياناً بتشجيع عربي، يفرض العقوبات الجماعية على الشعب الفلسطيني، وهي العقوبات المحرمة دولياً، وكان الاحتلال يدّعي كل مرة أنه لا يعاقب الشعب الفلسطيني وإنما يسعى لمعاقبة "الإرهابيين".
اليوم فإن جمهوراً غفيراً من المقربين لعباس، يتطوع لتفسير وتبرير تهديداته بوقف تقديم الدعم المالي مقابل أثمان الكهرباء، التي يستهلكها الشعب الفلسطيني كله في قطاع غزة، على شح الكهرباء التي يحصل عليها، في ظل حصار قاتل، يعترف فيه قباطنة الاحتلال بأنه يهدد بكارثة إنسانية، من شأنها أن تفجر الأوضاع من جديد.
لكن كل هذا لا يعني سلطة رام الله بشيء، فهي تشخص على ما يبدو فرصة سانحة للتقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب (عدد من المحللين يرون التهديدات التي يلوّح بها عباس ضد الشعب الفلسطيني في غزة، بأنها مهر للقائه مع ترامب) وفي الوقت ذاته ضرب "حماس" وإن كان عبر فرض عقوبات جماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. حصار من ذوي القربى، كأنه لا يكفيه الحصار الذي تفرضه إسرائيل ومصر، لتنضم إليه اليوم منظمة التحرير ممثلة برئيسها، محمود عباس. أي عار أكبر من هذا العار؟ هل هناك عاقل واحد في الضفة الغربية وقطاع غزة يمكن له أن يصدق أن تهديدات السلطة الفلسطينية هدفها حماية وحدة الوطن وأبنائه فعلاً؟ وإذا كانت صادقة فلماذا انتظرت للآن. وأين كانت حتى الآن؟