شيخ الأزهر مستعد للاستقالة حال المسّ بوضعيته القانونية

شيخ الأزهر مستعد للاستقالة حال المسّ بوضعيته القانونية

26 ابريل 2017
أول أزمة بين السيسي والطيب تعود إلى عام 2015(Getty)
+ الخط -
بات شيخ الأزهر في مصر، أحمد الطيب، مستعداً لتقديم استقالته من منصبه في حالة إقدام الدولة على المساس بالوضع التشريعي المستقل الذي حازت عليه المشيخة في السنوات الأخيرة، بحسب معلومات وصلت إلى "العربي الجديد"، بينما تلقى مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي تقريراً من جهاز سيادي يحذره من خطورة الاستمرار في الحملة الإعلامية على مؤسسة الأزهر، لما يحمله ذلك من ردود فعل سلبية ضد النظام. وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن الطيب أصدر، خلال اجتماع مع عدد من مساعديه وبعض أعضاء هيئة كبار العلماء حصل أخيراً، تعليمات للشيوخ والأئمة والأساتذة المقربين منه الذين يظهرون في وسائل الإعلام، وإلى مسؤولي صحيفة "الأزهر" بتصعيد الحملة للدفاع عن الأزهر واستقلاله، في محاولة للرد على الهجوم الذي يتعرض له منذ أزمة "الطلاق الشفهي" وتصاعد بعد حادثي تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية، إلى حد وصف شيخ الأزهر بـ"الفاشل" في بعض برامج الفضائية المحسوبة على جبهة الترويج للنظام.
وأوضح المصدر أن الطيب ليس قلقاً من الإعلام الموالي للسلطة والتوجيهات الصادرة له من الدائرة المحيطة برئيس الجمهورية، بقدر قلقه من بعض أعضاء هيئة كبار العلماء "المشتاقين للمناصب" ــ على حد تعبيره ــ والمعروفين بعلاقتهم الوطيدة بالأجهزة الأمنية، مشيراً إلى أن هناك مقترحات بعقد اجتماع طارئ لهيئة كبار العلماء لإصدار بيان "شديد اللهجة" إزاء المشروع الذي سيقدمه النائب الموالي للنظام الحاكم محمد أبو حامد لتعديل قانون الأزهر بما يمسّ باستقلاله. وكان "العربي الجديد" قد نشر في 7 مارس/آذار الماضي بناء على معلومات من مصدر واسع الاطلاع قائمة الأفكار والمقترحات الرئيسية التي أوصى بها عدد من مستشاري الدائرة المخابراتية ــ الرقابية المحيطة بالسيسي، كنقطة انطلاق لتعديل قانون الأزهر بما يقضي على استقلاله الإداري ويفرض سيطرة رئيس الجمهورية وأجهزته على هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية.


وتبين بإعلان أبو حامد عن مشروعه، تطابقه مع عدد من هذه الأفكار، أبرزها إعادة سلطة رئيس الجمهورية في اختيار شيخ الأزهر من بين 3 أشخاص ترشحهم هيئة كبار العلماء، سواء من الهيئة نفسها أو مجمع البحوث الإسلامية أو أساتذة جامعة الأزهر، في وضع شبيه لما كان عليه الأزهر منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وإلغاء النظام الحالي القائم على أن تنتخب هيئة كبار العلماء شيخ الأزهر الجديد على مرحلتين: الأولى تختار فيها ثلاثة من الأعضاء المؤهلين للمنصب، والمرحلة الثانية تقضي بإجراء اقتراع سري على المرشحين الثلاثة، وأن يقر رئيس الجمهورية هذا الاختيار من دون اعتراض أو ملاحظات.
ومن بين الأفكار التي تضمنها المشروع أيضاً، أن يتولى رئيس الجمهورية اختيار أعضاء هيئة كبار العلماء وعزلهم، مما يفتح الباب أمام عزل معارضي النظام الذين يهاجمهم الإعلام الموالي، بالإضافة لتوسيع سلطات هيئات أخرى تنازع الأزهر حالياً في سلطاته. وبعدما كان جميع الأعضاء يرشَحون من داخل الأزهر، يقترح أبو حامد تخصيص نِسب "كوتا" يرشحها كل من وزير الأوقاف، ومفتي الجمهورية، ونقيب الأشراف، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، والمجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ثم أخيراً المجلس الأعلى للجامعات. كما يستحدث المشروع مجلساً أعلى للأزهر يستحوذ على بعض اختصاصات شيخ الأزهر، يتكون من وزير الأوقاف والمفتي ونقيب الأشراف وشيخ مشايخ الصوفية ورئيس جامعة الأزهر ونواب رئيس الجامعة، كما يمنح المشروع رئيس الجمهورية سلطة تعيين أمين عام لهيئة كبار العلماء، وتعيين 5 شخصيات عامة في المجلس الأعلى للأزهر بسلطة اختيار مطلقة.



والهدف من هذه المقترحات، التي تؤكد مصادر سياسية مطلعة أنها درست بعناية في لجنة التشريع بوزارة العدل وإدارة التشريع بمجلس الوزراء، إعادة وضع الأزهر إلى ما كان عليه قبل إدخال التعديلات التشريعية الأخيرة على قانون الأزهر عام 2012 في عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهي تلك التعديلات التي كانت قد وضعتها هيئة كبار العلماء آنذاك بالإجماع، وحظيت بتأييد واسع بين رجال الدين الإسلامي والأوقاف والأوساط الإعلامية أيضاً لأنها تكفل بشكل كبير استقلال الأزهر عن السلطة التنفيذية. بل إن بعض هذه المقترحات تمنح رئيس الجمهورية فرصة تغيير هيكل مؤسسات أزهرية مستقرة كهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، كما تعطي طابعاً قانونياً لعدد من السلوكيات التي كان يعترض عليها الأزهر بشكل دائم، مثل توحيد خطبة الجمعة، وهو المشروع الذي كان يقترحه وزير الأوقاف محمد مختار جمعة ويعارضه شيخ الأزهر أحمد الطيب.


وتؤكد المصادر السياسية أن التعديلات ستبدأ إجراءات تمريرها بعدما ينهي مجلس النواب ملف أزمة مشروع رؤساء الهيئات القضائية مباشرة، إذ سيتم تقديمه رسمياً اليوم الأربعاء، مما يعني أنه قد يناقش في لجنة الشؤون الدينية ولجنة الشؤون التشريعية والدستورية خلال شهر مايو/أيار المقبل. وكان الطيب، الذي كان عضواً في لجنة سياسات الحزب الوطني المنحل في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، قد وافق عام 2014 على تغيير أعضاء مكتبه الفني الذي كان يترأسه الشيخ حسن الشافعي، عضو الجمعية التأسيسية لدستور 2012. كما صمت على إطاحة عشرات الموظفين والشيوخ الذين تم تعيينهم أو انتدابهم للعمل في المشيخة لأسباب مثل معارضتهم إطاحة الرئيس المعزول محمد مرسي. وكرّس مواقفه الموالية للانقلاب بالظهور خلف السيسي في بيانه الشهير لعزل مرسي في 3 يوليو/تموز 2013.

وسبق لـ"العربي الجديد" أن كشف خيوط أول خلاف مباشر حصل بين السيسي وشيخ الأزهر في مايو/أيار 2015، خلال اجتماع بينهما لمناقشة أفكار السيسي لتدشين المشروع الذي وصفه بـ"تجديد الخطاب الديني"، عندما طلب السيسي من الطيب بشكل ودي إصدار فتاوى لتكفير كل من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وجماعة أنصار بيت المقدس (ولاية سيناء لاحقاً) وجماعة الإخوان المسلمين، أو إصدار فتوى عامة بتكفير أي شخص أو جماعة تقوم بعمليات إرهابية. إلا أن طلب السيسي قوبل برفض مباشر وفوري من الطيب، الذي أكد أنه لا يستطيع كعالم أزهري تكفير أي شخص نطق بالشهادتين، وأن نهج الأزهر ينبذ التكفير في حد ذاته أياً كان مصدره.


المساهمون