البراك خارج السجن... خلط لأوراق اللعبة السياسية في الكويت

البراك خارج السجن... خلط لأوراق اللعبة السياسية في الكويت

22 ابريل 2017
البراك يتواصل مع زعماء المعارضة في البرلمان(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

أنهى يوم أمس النائب السابق في مجلس الأمة، وأحد أبرز الشخصيات المعارضة في الكويت، مسلم البراك، حكم السجن الصادر بحقه بتهمة "إهانة الذات الأميرية". ومن المتوقع أن يؤثر خروج البراك بشدة على المشهد السياسي في الكويت، في ظل توتر العلاقة بين الحكومة والمعارضة البرلمانية. وصدر حكم على البراك بالسجن لمدة عامين على خلفية الخطاب الذي ألقاه في أكتوبر/تشرين الأول 2012 في ساحة الإرادة، أمام مجلس الأمة، يطالب فيه بإنهاء الحكم الفردي في البلاد، وإلغاء تعديل قانون الانتخاب الذي يقلص فرص فوز المعارضة في البرلمان. ويرى مراقبون أن خروج البراك سيخلط الأوراق من جديد في الكويت، في ظل تكهنات برغبته بإعادة تنظيم صفوف المعارضة بعد تفككها، إثر سياسات التخويف التي انتهجتها الحكومة.

وواجهت الحكومة حراك المعارضة بعدة تكتيكات، أبرزها سحب الجنسية من الناشطين المعارضين، واستخدام القيود الأمنية. وسحبت الجنسية من بعض رموز الحراك المعارض البارزين، ومنهم النائب السابق، عبدالله البرغش، والإعلامي المقرب من البراك، سعد العجمي، ومدير قناة "اليوم" المعارضة، أحمد الجبر الشمري. وكانت قناة "اليوم" إحدى أبرز المنصات التي وجه البراك من خلالها خطاباته. ومن عوامل إضعاف المعارضة أيضاً ابتعاد الزعيم السياسي، أحمد السعدون، بسبب خلافاته مع البراك حول طريقة إدارة عمل "الحركة الشعبية الدستورية"، وابتعاد النائبين السابقين فيصل المسلم وعبيد الوسمي عن الساحة، وانشغالهما بالتدريس الأكاديمي في جامعة الكويت، علاوة على هجرة عدد من الكتًاب والناشطين السياسيين خارج البلاد، بعضهم بسبب الملاحقات الأمنية.

ولم يكن البراك مقتنعاً بقرار غالبية نواب المعارضة إنهاء مقاطعتهم للانتخابات التي استمرت أربعة أعوام، والمشاركة في انتخابات 2016، لكنه فضل التزام الصمت وعدم تأييد أو رفض قرارات المعارضة. واكتفى بمشاهدة الساحة السياسية ودراستها من بعيد، بانتظار ما ستؤول إليه نتائج المشاركة، خصوصاً في ملف إعادة الجنسيات المسحوبة ورفع القيود الأمنية وتعطيل القانون الخاص بمنع المسيئين للذات الأميرية من الترشح.
وأقر مجلس الأمة السابق، الموالي للحكومة، قانوناً يقضي بمنع من صدرت بحقهم أحكام نهائية بإهانة "الذات الإلهية أو الأميرية" من الترشح والانتخاب في مجلس الأمة، وهو القانون الذي وصفته المعارضة آنذاك بأنه مدروس لحرمان مسلم البراك من أي منصب نيابي طوال حياته. ويعتبر حرمان البراك من الترشح إلى البرلمان، وهو المنبر السياسي الوحيد في الكويت، بمثابة إنهاء لمستقبله السياسي. وهو أمر سبق أن حدث مع رموز العمل السياسي المعارض في الكويت بشكل طوعي، وعلى رأسهم المعارض القومي، أحمد الخطيب، الذي اختفى تدريجياً من المشهد السياسي بعد أن أحجم عن الترشح إلى انتخابات مجلس الأمة بعد عام 1996.



ويقول مقربون من مسلم البراك، لـ"العربي الجديد"، إنه سيعلن في الأيام المقبلة موقفه بما يخص إنهاء نواب المعارضة مقاطعتهم للانتخابات، وإنه على تواصل دائم مع زعماء المعارضة في البرلمان الحالي، والذين نقلوا إليه 90 في المائة من تفاصيل "التهدئة" التي عقدوها مع رئيس مجلس الوزراء، الشيخ جابر المبارك الصباح، والتي تقضي بتحصين رئيس الحكومة من الاستجوابات مقابل إعادة الجنسيات وإسقاط القيود الأمنية عن المعارضين السياسيين وعائلاتهم.

لكن البراك لن يعلن عن موقفه من المشاركة بالانتخابات أو عدمها إلا بعد أن يتلقى رسالة من القيادة السياسية، أو من ينوب عنها، بخصوص إلغاء قانون الإساءة إلى "الذات الأميرية"، والذي يعلم أنه أعد لمنعه من دخول البرلمان مجدداً، وذلك للحفاظ على رصيده الشعبي الذي ارتفع بقوة بعد أن رفض تقديم أي اعتذار عن خطابه الذي ألقاه مقابل خروجه من السجن، خصوصاً مع اعتلال حالته الصحية بسبب تقدمه في السن (61 سنة) وظروف سجنه السيئة. وفي حال ورود تطمينات بهذا الشأن فإن "الحركة الدستورية الشعبية"، التي يقودها البراك، ستصنع تحالفات جديدة مع تيارات الصف الثاني ذات الشعبية المنخفضة والمتوسطة، والتي قررت عدم المشاركة في الانتخابات الماضية. وعلى رأس التيارات المرشحة للتحالف مع البراك، "التيار التقدمي" الذي يتبنى طروحات يسارية، بالإضافة إلى حركة "حدم"، وهي حركة ليبرالية إسلامية ينتمي غالبية أعضائها إلى قبيلة مطير، وهي ذات القبيلة التي ينتمي إليها البراك، و"حزب الأمة الإسلامي"، الذي يترأسه الأكاديمي والباحث، حاكم المطيري، وهو ما يعني إعادة المعارضة للشارع، من دون سقف مطالب محدد، خصوصاً أن هذه التيارات لا تملك أي مناصب حكومية أو برلمانية قد تستخدمها الحكومة لابتزازها أو الضغط عليها. وعلى العكس من هذه الحركات، يملك حلفاء البراك التقليديون مكاسب، سياسية أو شخصية، يخشون عليها، عبر محاولة بعضهم الحصول على أكبر قدر من المناصب لأبناء قبائلهم، أو عودة بعضهم إلى مجلس الأمة من جديد ومحاولة التأثير في المشهد السياسي للبلاد من خلاله.

وبحسب مراقبين فإن البراك سيكون أكثر حذراً في تعامله مع المشهد السياسي، وخصوصاً أنه يعلم أن الكثير من الأطراف في الكويت تحاول استخدامه ورقة ضغط في الصراعات الداخلية، ولاسيما تلك التي تتعلق بمستقبل الحكم في البلاد. وكانت بعض القوى الكويتية، المنخرطة بالصراعات السياسية من أبناء الأسرة الحاكمة، والتي يعيش جزء منها خارج البلاد بسبب أحكام قضائية صدرت بحقها، دفعت بقوة لحل مجلس الأمة الحالي، عبر تأييدها المفاجئ للاستجوابات المقدمة لرئيس الحكومة. ووصف إعلاميون تابعون لها البراك "بالبطل الشعبي"، بالرغم من أن سبب معارضته للحكومة الكويتية، في ذلك الوقت، هو وجود هذه الأطراف على رأسها.