الاحتقان السياسي يشعل البرلمان التونسي

الاحتقان السياسي يشعل البرلمان التونسي

19 ابريل 2017
الناصر رفع الجلسة بسبب الخلافات (Getty)
+ الخط -
انتقل التوتر السياسي الذي يعيش على وقعه الشارع التونسي، خلال الأيام الأخيرة، إلى قبّة مجلس نواب الشعب، الذي تحول إلى حلبة صراعٍ بين ترويكا الحكم وترويكا المعارضة البرلمانية، لتنقلب الجلسة العامة المخصصة لتنقيح مجلة المحروقات، مساء أمس الثلاثاء، إلى مجال لتقاذف التهم بحماية الفساد والمزايدات السياسية.

وانتقلت عدوى تبادل التهم من ساحات الاحتجاجات في عدد من جهات البلاد، إلى قاعة الجلسات العامة، حيث تنافس فريق المعارضة على وصف الحكومة بدفع البرلمان إلى التشريع للفساد وحمايته، مما أثار حفيظة نواب الائتلاف الحاكم الذين استماتوا في رد كيل الشتائم والتهم بأبشع منها، مطالبين رئيس المجلس باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأديب نواب المعارضة وإجبارهم على الالتزام بالنظام الداخلي وعدم التجريح في زملائهم.

وعبثاً حاول رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، تهدئة الأوضاع وإعادة الجلسة إلى سيرها العادي أمام تعالي الأصوات والصيحات، التي تطالب جميعها بالتدخل خارج موضوع الجلسة العامة التي حادت بدورها عن جدول أعمالها المخصص لمناقشة تنقيح مجلة المحروقات، إلى نقاش حول من يحمي الفاسدين ومن يعمل على تفكيك لوبيات الفساد.

وأمام عجز رئاسة البرلمان عن السيطرة على الجلسة، تولى رئيس البرلمان رفعها ودعوة رؤساء الكتل السبع إلى الاجتماع العاجل حفظاً للنظام والاحترام المتبادل بين مختلف النواب من مختلف الحساسيات والأطياف.

وقال الناصر "لن أسمح لأي نائب بأن يهين زميله داخل هذه الجلسة وأنا أترأسها، وسوف يتم تطبيق القانون وعلى الجميع أن يساهم في احترام القانون الداخلي للمجلس". ودعا الناصر مختلف الكتل إلى التزام الهدوء وتمالك الأعصاب، مبيناً أن الشعب يراقب هذا المجلس وقد انتخب ممثليه ليقوموا بدورهم التشريعي والرقابي في كنف الاحترام المتبادل.

وانطلق الخلاف من مداخلة النائبة سامية عبو عن "التيار الديمقراطي"، تهجمت فيها على وزيرة الطاقة والطاقات المتجددة هالة شيخ روحو، كما وصفت الائتلاف الداعم للحكم بمساندة "الفساد ولوبيات المفسدين"، معتبرةً أن "مقتضيات التنقيح المقدم في مجلة المحروقات تعد التفافاً على الدستور الذي يضمن مراقبة البرلمان للاتفاقيات المبرمة في مجال الطاقة في حين يسحب التنقيح الجديد الرقابة البرلمانية ويلغيها".

ودفعت مداخلة عبو القيادي في حركة "النهضة" عامر العريض إلى الرد عليها، مشيراً إلى أن مقترحاتها هي التي تفتح أبواب الفساد.

وأقامت مداخلة العريض الجلسة ولم تقعدها، ليقف نواب المعارضة من "الجبهة الشعبية" و"التيار الديمقراطي" و"الوطني الحر"، صفاً واحداً ضد بقية الكتل الداعمة للحكومة، خاصة منها كتلتا الأغلبية، "النهضة والنداء"، مما أدخل الجلسة في فوضى عارمة، واستحال على رئيس البرلمان إعادة الأمور إلى نصابها وحفظ النظام العام داخلها.

ولم تنته الأمور عند هذا الحد، فبمجرد عودة الجلسة إلى أشغالها واستئناف مناقشة المقترحات، رفضت كتل الائتلاف الحاكم جميع مقترحات المعارضة البرلمانية، ما أدى إلى تجدد الخلافات مرة أخرى، ما يعكس حالة التوتر الحاد التي تشهدها الساحة السياسية التونسية.

المساهمون