الخطة الأميركية لسورية: ضرب "داعش" و"مناطق استقرار" فإطاحة الأسد

الخطة الأميركية لسورية: ضرب "داعش" و"مناطق استقرار" فإطاحة الأسد

19 ابريل 2017
مزيد من الضحايا بقصف من النظام وروسيا (فراس فحام/الأناضول)
+ الخط -


في موازاة التحركات الجارية لعقد اجتماعات جديدة حول سورية في العاصمة الكازاخية أستانة، وقبيل أيام من اجتماعٍ ثلاثي روسي أميركي أممي مرتقب في مدينة جنيف السويسرية، جاء التطور الأبرز حول الملف السوري من واشنطن، مع الكشف عن خطة جديدة تعمل عليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في سورية، عرضها وزير الخارجية الأميركي ريكس تليرسون على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تنتهي برحيل رئيس النظام بشار الأسد عن السلطة بعد إنهاء خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وتأتي هذه التطورات في ما يواصل النظام السوري تصعيده العسكري، في مختلف مناطق سيطرة المعارضة المسلحة شمالي البلاد وجنوبها، موقعاً المزيد من القتلى المدنيين في محافظات إدلب وحلب وريف دمشق.

وفي تطور بارز في سياق الصراع السوري، كشفت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تكشف هوياتهم، عن ملامح استراتيجية إدارة ترامب لإنهاء الحرب في سورية. ووفق الوكالة، فإن خطط ترامب لسورية لا تزال تتبلور، لكنها باتت أوضح خلال الأيام التي أعقبت إصداره أوامر بشن ضربات على قاعدة الشعيرات التابعة للنظام السوري بعد الهجوم الكيميائي على خان شيخون. وكشفت الوكالة عن أن الخطة تتألف من ثلاث مراحل أساسية: هزيمة تنظيم "داعش"، واستعادة الاستقرار في أرجاء سورية منطقة تلو الأخرى، وتأمين مرحلة الانتقال السياسي التي يتنحى فيها بشار الأسد بشكل نهائي عن السلطة. ولفتت الوكالة إلى أن هذه المقاربة تختلف قليلاً عن النهج الذي فشل في ظل إدارة باراك أوباما، وتواجه تحديات أكبر، مع مقاومة الأسد بعنف كل المحاولات لإنهاء حكمه، مما أدى إلى تأجيج الصراع، إضافة إلى أن المعارضة باتت أضعف بعد سلسلة من الهزائم، كما أن أي خطة أميركية للأسد سوف تحتاج إلى تعاون روسيا. ونقلت "أسوشييتد برس" عن مسؤولين أميركيين أن خطة ترامب تقوم على التالي: المرحلة الأولى: هزيمة "داعش". ولفتت الوكالة إلى أن الضربات على الشعيرات كانت أول هجوم أميركي على قوات الأسد، ولكن ليس هناك شهية لاستخدام الجيش الأميركي لوقف الأسد. وأشارت الوكالة إلى كلام مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، الجنرال هاربرت ماكمستر، أن الولايات المتحدة لا تعتزم إرسال المزيد من القوات البرية، إضافة إلى قول وزير الدفاع جيمس ماتيس إن "أولويتنا لا تزال هزيمة داعش".

المرحلة الثانية: الاستقرار. بعد هزيمة "داعش" أو تحييد خطره، ستحاول الإدارة الأميركية التوسط في وقف إطلاق النار بين نظام الأسد والمعارضة، وفق الوكالة. وكذلك فإن إدارة ترامب وفق الخطة تحدثت عن "مناطق استقرار مؤقتة". وقد تختلف هذه المناطق عن "المناطق الآمنة" التي سعت إليها إدارة أوباما ولكنها لم تنفذها لأنها كانت تحتاج إلى وجود عسكري أميركي لتنفيذها، وربما كانت لتضع الطائرات الأميركية في مواجهة مع قوات النظام الجوية. وفي إطار خطة ترامب الجديدة، سيكون نظام الأسد طرفاً في "مناطق الاستقرار"، ويمكن للطائرات الأميركية أو العربية القيام بدوريات من دون الاشتباك مع طائرات النظام. ومع استعادة الأمن، تأمل الإدارة الأميركية أن يتمكن القادة المحليون الذين أُجبروا على الفرار من العودة وقيادة السلطات المحلية. ويمكن لهؤلاء المساعدة في استعادة الخدمات الأساسية وعمل الشرطة. والفكرة الأساسية هي أن تكون القوات السنّية هي التي تسيطر على المناطق السنّية في الغالب، والقوات الكردية تسيطر على المناطق الكردية وما إلى ذلك. وعلى الصعيد الوطني، فإن الهدف هو إنشاء سلطة انتقالية لحكم سورية مؤقتاً، كما جاء في الخطة.

المرحلة الثالثة: الانتقال السياسي. على الرغم من أن المسؤولين في إدارة ترامب قد أدلوا بتصريحات عامة متضاربة حول مستقبل الأسد، فإن الخطة الناشئة تتصور نقل السلطة سلمياً. ووفق الخطة، يمكن أن يحدث رحيل الأسد بطرق مختلفة. أحد الاحتمالات هو إجراء انتخابات بموجب دستور جديد، مع منع الأسد من الترشح. وهناك احتمال أكثر جرأة ينطوي على أن يلاقي الأسد مصير العقيد الليبي الراحل معمر القذافي أو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، في ما بدا إشارة إلى مقتله. أما الخيار الثالث فيهدف إلى استخدام التهديد بتهم جرائم الحرب. ففي حين تعتقد الإدارة الأميركية أن النظام السوري مسؤول عن هذه الجرائم، فإن التوجّه سيكون بربط جرائم الحرب بالأسد نفسه. ولكن "أسوشييتد برس" أشارت إلى أن محاكمة الأسد بشكل ناجح ستكون صعبة لأسباب قانونية وجيوسياسية، إضافة إلى دعم روسيا وإيران له. ولفتت الوكالة إلى أن إدارة ترامب لم تقل أي شيء حتى الآن عن العمل مع إيران لتعزيز السلام في سورية، لكنها تعتقد أن التهديد بإجراء تحقيق في جرائم الحرب وعرض نفي آمن للأسد في مكان ما خارج سورية، ربما في إيران أو روسيا، يمكن أن يكون مقنعاً. وكشف المسؤولون الأميركيون للوكالة عن أن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، أبلغ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ووزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الأسبوع الماضي في موسكو أن مثل هذا العرض ومغادرة الأسد الطوعي هو الخيار المفضل لدى الإدارة الأميركية.


وتحدثت وكالة "أسوشييتد برس" عن مرحلة ما بعد الانتقال السياسي، مشيرة إلى أنه على الرغم من الاختلافات، يصر مسؤولو ترامب على أن تدخّل روسيا أمر حاسم لحل الحرب السورية، بالنظر إلى التأثير الذي اكتسبته موسكو في سورية بعد مساعدة الأسد. وتسعى إدارة ترامب للحصول على دعم روسي من خلال ضمان وصول الروس إلى قاعدتي طرطوس البحرية واللاذقية الجوية في أي سيناريو ما بعد الأسد، ولكن من غير الواضح كيف يمكن للولايات المتحدة أن تقدّم مثل هذا التأكيد نظراً لعدم اليقين من الذي سيشغل سورية في تلك المرحلة. وقال المسؤولون الأميركيون للوكالة إن تيلرسون نقل الخطوط العريضة لهذه الخطة إلى بوتين والمسؤولين الروس في موسكو، ولكنه لم يطلب منهم رداً فورياً، قائلاً لروسيا أن تفكر فيها. ومن غير الواضح متى سترد موسكو، وفقا لما ذكره المسؤولون.

لكن موسكو نفت وجود هذه الخطة، إذ نقلت وسائل إعلان روسية عن السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، نفيه الأنباء عن قيام تيلرسون بطرح الخطة المذكورة على بوتين خلال لقائهما في موسكو. الكشف عن هذه الخطة يأتي في وقت تشهد فيه الساحة تحركات للعودة إلى أستانة وجنيف. وجمع لقاء ثلاثي في طهران أمس خبراء إيرانيين وروسيين وأتراكاً، لبحث نقاطٍ تتعلق بنظام وقف إطلاق النار في سورية، تحضيراً لاجتماعات أستانة 4، المزمع عقدها في الثالث والرابع من الشهر المقبل. وجاء اجتماع طهران أمس، بينما كان وزير الخارجية الكازاخستاني، خيرت عبد الرحمنوف، يعلن ضرورة توسيع دائرة الدول المراقبة لعملية أستانة، موضحاً أن "الجانب الكازاخستاني يعمل على هذه المسألة مع الدول الضامنة، وطرحنا على هذه الدول، خصوصاً على روسيا، مسألة إمكانية مشاركة دول عربية مثل السعودية وقطر، ونحن نهتم بأن يكون الاتحاد الأوروبي على اطلاع بمجريات عملية أستانة".
في موازاة ذلك، تبدو موسكو حريصة على استعجال عقد جولة جديدة من مفاوضات جنيف، بعد انتهاء اجتماع أستانة مباشرة؛ وتسعى، في هذا الإطار، إلى عقد اجتماعٍ تمهيدي في المدينة السويسرية يضم مسؤولين روسيين وأميركيين وأمميين الأسبوع المقبل، لكنها بحسب نائب وزير خارجيتها، ميخائيل بوغدانوف، لا تزال تنتظر تأكيداً من واشنطن للمشاركة في الاجتماع المرتقب.

في غضون ذلك، صعّدت طائرات النظام وروسيا، أمس الثلاثاء، استهدافها لمناطق سيطرة المعارضة في مناطق مختلفة. وأدت إحدى هذه الغارات، إلى مقتل تسعة أطفال وامرأة، في بلدة معرة حرمة الخاضعة لسيطرة المعارضة، في ريف إدلب الجنوبي. كما قُتل خمسة مدنيين وجرح العشرات، بغارة من الطيران الروسي على بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي. وشنّت الطائرات الروسية غارات على مدن وقرى عندان وبيانون وحريتان ومنطقة آسيا وكفر حمرة شمال حلب، ومناطق في ريف حلب الجنوبي، أسفرت عن وقوع إصابات بين المدنيين، فضلاً عن أضرار مادية. وفي السياق ذاته، تحدث مركز حلب الإعلامي عن إصابة سبعة عشر شخصاً معظمهم أطفال، إثر قصف جوي استهدف بلدات كفر داعل، خان العسل والمنصورة، في ريف حلب الغربي، ليل الإثنين-الثلاثاء، بينما تدور معارك عنيفة بين المعارضة المسلحة وقوات النظام على جبهة البحوث العمليّة غرب حلب. كذلك شن الطيران الروسي أمس، غارات جوية على مدينتي دوما وحرستا في ريف دمشق الشرقي، وعلى حي القابون شرق مدينة دمشق.
إلى ذلك، تحدثت مصادر لـ"العربي الجديد" عن مقتل ثلاثة عشر شخصاً بينهم مدنيان اثنان، وأربعة من النازحين العراقيين وسبعة من عناصر "داعش"، بغارات من طيران التحالف الدولي استهدفت مناطق قرب دوار المصريّة في مدينة البوكمال شرق دير الزور. وفي محافظة الرقة، شن تنظيم "داعش" هجوماً معاكساً على مواقع للمليشيات الكردية في قرية عائد شرق مدينة الطبقة.