قراءة في نتائج استفتاء تركيا: أصوات المناطق والقوميات والأحزاب

قراءة في نتائج استفتاء تركيا: أصوات المناطق والقوميات والأحزاب

17 ابريل 2017
+ الخط -
انتهى الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية في تركيا، بتحقيق الجبهة المؤيدة للتعديلات فوزاً صعباً، عبر الحصول على 51.4 % من الأصوات، بينما كانت حصة جبهة الرفض 48.6 %، وذلك بفارق مليون و300 ألف صوت، والذي يعتبر ضئيلاً مقارنة بوجود أكثر من 56 مليون ناخب بين الخارج والداخل.

وقالت اللجنة الانتخابية التركية إنّ نسبة المشاركة بلغت 85%، بعدما دُعي نحو 55,3 مليون ناخب في الداخل إلى الإدلاء بأصواتهم.

كذلك شهدت الأصوات التي اعتبرت لاغية زيادة كبيرة، وبينما كانت 697 ألف صوت في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، باتت 847 ألفاً و537 صوتاً في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، الأمر الذي يعيده مراقبون إلى تردّد الناخبين بين الجبهة المؤيدة والمعارضة، مقابل رغبتهم بالمشاركة في التصويت.

المدن الكبيرة

كان رفض المدن الكبيرة التعديلات الدستورية المفاجأة غير المتوقعة، وبالذات رفض غالبية سكان كل من أنقرة وإسطنبول وإزمير، إضافة إلى كل من ولاية هاتاي (لواء إسكندرون) وجناكالة وأضنة وأنطاليا وميرسين وغيرها من المدن التي فاقت فيها أصوات الرافضين تلك التي للمؤيدين.

وبينما كانت بايبورت (شمال شرق الأناضول) الولاية التي حصلت فيها جبهة التأييد على النسبة الأكبر 81.67 %، كانت تونجلي (ديرسيم) الولاية التي حصلت فيها جبهة الرفض على النسبة الأكبر من الأصوات بواقع 80.4 %.

ومقارنة بانتخابات الرئاسة التي جرت في أغسطس/آب 2014، فإن 6 ولايات ممن صوّتت للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأغلبية ساحقة، رفضت النظام الرئاسي، ومنها كل من يولوفا (غرب) وأنقرة وأرتفين (شمال شرق) وبيلجيك وغيرها.
ووفقاً للنتائج شبه الرسمية، فقد صوّتت 13 من البلديات الكبيرة لصالح التعديلات، بينما صوّتت 17 أخرى من البلديات الكبيرة ضدّ التعديلات.


أصوات الحركة القومية

خسرت الجبهة المؤيدة، والتي تتألف بشكل أساسي من كل من حزب "العدالة والتنمية" وحزب "الحركة القومية"، ما يقارب عشر نقاط، مقارنة بالأصوات التي حصل عليها الحزبان مجتمعين في الانتخابات البرلمانية الماضية، في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2015، متراجعة من 61.4 % إلى 51.4 %.

ويعيد المراقبون سبب تراجع نسبة أصوات الجبهة المؤيدة بعشر نقاط، مقابل نتائج انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني بشكل أساسي، إلى رفض نسبة واسعة من قواعد حزب "الحركة القومية" (يميني قومي متطرف) التعديلات الدستورية، على الرغم من تأييد قيادة الحزب، وبالذات تلك المقيمة في غرب تركيا.

ويشير بعضهم إلى أنّ الحزب لم ينجح إلا بدفع بـ20 % من أنصاره في عموم البلاد للتصويت لصالح التعديلات، بينما لم يصوّت 2 % من مؤيدي "العدالة والتنمية" لصالح التعديلات الدستورية، إذ تُشير بعض الآراء إلى أنّ هذه الخسارة تعود إلى صفوف المتعلمين والشباب من سكان المدن الكبيرة والمنزعجين من التحالف مع "الحركة القومية".

وحافظ "العدالة والتنمية" على تفوقه الكبير في قلب الأناضول المحافظ كولاية قونيا وأرضروم وسيواس وقايري، بينما سقط التحالف المؤيد للتعديلات الدستورية في عدد من الولايات وبالذات تلك الغربية.

على سبيل المثال، كان من المفترض أن تحصل جبهة التأييد في ولاية أضنة، بموجب نتائج الانتخابات الأخيرة على ما يقارب 56 % من الأصوات (19.3 للحركة القومية و37.3 للعدالة والتنمية) إلا أنّ جبهة الرفض حصلت على 58 %.

كذلك الأمر في ولاية أنطاليا التي كان من المفترض أن تحصل جبهة التأييد على 59 % (41.7 للعدالة والتنمية و17.3 للحركة القومية) إلا أنّ جبهة الرفض حصلت على 59.1 %.

أصوات الأكراد

ليس من المبالغ فيه القول، إنّ الانتصار الأهم أو ربما الوحيد لحزب "العدالة والتنمية"، وفق نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، كان في جنوب شرق الأناضول، الذي تسكنه غالبية كردية ساحقة.

ورغم أنّ غالبية أصوات جنوب شرق الأناضول بقيت من الرافضين، إلا أنّ الأصوات الكردية شهدت انزياحاً كبيراً لصالح التعديلات الدستورية في العموم، مقارنة بالانتخابات البرلمانية العامة التي جرت في يونيو/حزيران 2015.

وبدا ذلك رسالة واضحة موجهة لحزب "العمال الكردستاني"، مفادها رفض شعبي للقتال المسلّح، وكذلك إشارة لسقوط المشروع الرئيس الذي قام عليه حزب "الشعوب الديمقراطي" ممثلاً بتتريك "الحركة القومية" الكردية، بما رافقه من مصالحات واسعة بين "الكردستاني" واليمين الكردي والعشائر العاملة مع الدولة في إطار تنظيمات حماة القرى التابع للداخلية التركية، والتي يبدو أنّها ابتعدت مرة أخرى عن "الشعوب الديمقراطي" بعد الضربات العسكرية التي تلقّتها من "الكردستاني".

وفي استفتاء التعديلات، تمكّن "العدالة والتنمية" من رفع أصواته، في جنوب وشرق الأناضول، بنسبة 373 ألف صوت لتبلغ جبهة التأييد مليوناً و226 ألفاً، وجبهة الرفض مليوناً و810 آلاف.

وارتفعت أصوات "العدالة والتنمية" في ديار بكر، من 14.8 في انتخابات يونيو/ حزيران/يونيو، إلى 32.4 % في الاستفتاء، بزيادة 10 نقاط عن انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني.

في شرناق، ارتفعت أصوات "العدالة والتنمية"، من 9.7 % في انتخابات يونيو/ حزيران، إلى 28.6 % في الاستفتاء، وكذلك الأمر في ماردين، من 19.8 % في يونيو/ حزيران، إلى 41 % في الاستفتاء، وفي ولاية هكاري من 9.7 % في انتخابات يونيو/ حزيران، إلى 32.5 % في الاستفتاء.

العديد من الأسباب لعبت دوراً في هذا التغيّر، لصالح توزيع الأصوات.

وبحسب النائب المحافظ عن الشعوب الديمقراطي، ألتان تان، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، فإنّ هذه النتائج كانت متوقعة، ولها العديد من الأسباب، "فلم يكن التصويت لصالح التعديلات الدستورية بقدر ما كان رسالة ضدّ سياسة الخنادق والاشتباكات التي جرت بعد نزول كوادر العمال الكردستاني إلى المدن، وذلك إضافة إلى عدم قيام الشعوب الديمقراطي بحملة جيدة، بعد أن باتت معظم كوادره في السجون بما في ذلك قياداته، كزعيم الحزب صلاح الدين دميرطاش وفيغان يوكسكداغ".

ويؤكد ذلك أيضاً، الصحافي عبد القادر كونوكسفر، من أبناء دياربكر، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "هناك أيضاً أصوات المستفيدين الذين انفضوا عن الشعوب الديمقراطي بعد خساراته للبلديات إثر قيام وزارة الداخلية بوضع قيمين عليها بعد أن قام الكردستاني باستخدامها لصالح عملياته، وهؤلاء المتنفعون كانوا يقومون بجزء هام من الحملة ومن تجيير الأصوات، وانتهاءً ضغط كوادر الكردستاني على الشعب والعشائر بعد تمكن الدولة من بسط سلطتها، لكن السبب الرئيسي يعود للغضب من سياسات الكردستاني".