لبنان: إيقاع جديد لمفاوضات قانون الانتخابات

لبنان: إيقاع جديد لمفاوضات قانون الانتخابات

14 ابريل 2017
عون (يمين) والحريري (يسار) في قصر بعبدا (حسين بيضون)
+ الخط -
نجح رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، في فرض إيقاع جديد للمفاوضات السياسية القائمة في البلاد حول شكل القانون الانتخابي المُزمع إقراره لإجراء الانتخابات الأولى في البلاد بعد فرض تمديد النواب لولاياتهم لمدة 4 سنوات. وإن كان الأثر المباشر لقرار عون يقتصر على "منع انعقاد المجلس النيابي لمدة شهر كامل"، في سابقة دستورية استند فيها إلى المادة 59 من الدستور المُقر عام 1927، فإن الخطوة بحد ذاتها أكدت لمُختلف القوى السياسية قدرة الرئيس على طرح مشروعه لاعتماد النسبية الكاملة في القانون الجديد، على طاولة البحث، وبقوة الدستور.

وكان يوم الأربعاء الماضي قد شهد جولة طويلة من اللقاءات التي استبقت دعوة رئيس مجلس النواب، نبيه بري، لعقد جلسة تشريعية، أمس الخميس، على جدول أعمالها اقتراح قانون مُعجل مُكرر قدمه النائب، نقولا فتوش، لـ"تمديد ولاية مجلس النواب عاماً كاملاً (حتى يونيو/حزيران 2018) تفادياً للفراغ الدستوري في المؤسسة الأم". وفي استجابة من رئيس البرلمان نبيه بري، لقرار رئيس الجمهورية، تم تأجيل الجلسة حتى مايو/أيار 15 المقبل "إفساحاً في المجال أمام إقرار قانون جديد على أساس نسبي، يمنع الفراغ عن المؤسسة التشريعية".

وبوجود صيغ عدة لمشاريع قوانين انتخابية يتركز النقاش، بحسب مصادر سياسية متقاطعة، على صيغة مختلطة تجمع النظامين الأكثري والنسبي، مع الإبقاء على المعيار الطائفي كأساس للتصويت. تجمع الصيغة المطروحة بين ما طرحه صهر رئيس الجمهورية، رئيس "التيار الوطني الحر"، ووزير الخارجية، جبران باسيل، والملاحظات التي وضعها الرئيس، بري، على الطرح. تتركز فكرة المشروع الجديد على تأهيل المرشحين داخل طوائفهم عبر الاقتراع وفق نظام أكثري، ثم التنافس في ما بينهم وفق النظام النسبي مع تقسيم لبنان إلى 10 دوائر انتخابية. وهو ما يضمن للأحزاب الكبرى حيازة مرشحيها على أكثرية الأصوات ضمن طوائفهم، لتصبح مرحلة النظام النسبي مفاضلة بين الأسماء الحزبية/الطائفية التي تأهلت في المرحلة الأولى عبر النظام الأكثري.

ومع اكتمال عقد التوافق بين القوى الكبرى، سيعود ملف الانتخابات إلى طاولة مجلس الوزراء، في ترجمة للتعهد السابق لرئيس الحكومة، سعد الحريري، بإرسال مشروع قانون انتخابي لمجلس النواب بعد بحثه في الحكومة. وسيسمح التوافق الجديد للجنة الوزارية المختصة بقانون الانتخابات التي أعلن عنها الرئيس، الحريري، في الاجتماع مجدداً، بعد جلسة يتيمة وعقيمة عقدتها مطلع الأسبوع.



ومن المفترض، أن تحدد هذه اللجنة مدة التمديد التقني الذي تحتاجه وزارة الداخلية والبلديات، لوضع الأطر اللوجستية لتطبيق القانون الجديد، علماً أن تجربة الانتخابات البلدية الأخيرة التي أشرفت عليها الوزارة، العام الماضي، لم تكن مشجعة، بحسب تقارير منظمات حقوقية وأخرى معنية بديمقراطية الانتخابات. وشابها أخطاء تنظيمية أدت لتأخر الفرز، واستسهال ارتكاب المخالفات التي من شأنها أن تؤثر على نزاهة العملية الانتخابية.
وإلى جانب إقرار القانون الذي يحقق مصالح القوى الكبرى بصرف النظر عن المطالب الإصلاحية التي ترفعها بعض الأحزاب العلمانية في لبنان ومنظمات المجتمع المدني والحراك الشعبي، تمنح هذه التسوية الجديدة رصيداً سياسياً للرئاسات الثلاث والقوى الطائفية الكبرى، التي ستظهر من موقع المنتصر أمام جمهورها الطائفي، بسبب الدور الذي أدته في "تذليل الأزمة وإنتاج القانون".

هذا وتأتي استعادة الدولة اللبنانية لنشاط الرئاسات الثلاث فيها (رئيس الجمهورية، ورئيس البرلمان، ورئيس الحكومة) في الذكرى الـ42 لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في 13 أبريل/نيسان 1975، التي أنهاها اتفاق الطائف عام 1990، وتخلله تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح السلطتين التنفيذية والتشريعية، في بلد طائفي تتوزع فيه مراكز الحكم الثلاثة ووظائف الفئة الأولى في الدولة على أساس طائفي.

وقد عطّل "التوافق" مختلف الصلاحيات الدستورية للرئاسات الثلاث، لمصلحة اتفاق القوى السياسية على طريقة التعاطي مع الملفات المطروحة في لبنان منذ نهاية الحرب وحتى اليوم. وساهمت الوصاية السورية السياسية والأمنية على لبنان، في رسم معالم الحراك السياسي اللبناني طوال 15 عاماً بين عامي 1990 و2005، قبل انسحابها في 26 أبريل/نيسان 2005. ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، تبدلت تحالفات القوى السياسية، من فريقين حملا عناوين وطنية جذابة، كـ"الحرية والسيادة والاستقلال" التي عبّرت عنها "قوى الرابع عشر من آذار"، مقابل عناوين "التحرير وقوة ردع العدو الإسرائيلي" التي عبّرت عنها "قوى الثامن من آذار"، إلى تحالفات طائفية تحاول احتكار التمثيل المذهبي، والتفاوض مع تحالفات مذهبية ثانية على الحصص في الحكم والثروات الوطنية كالنفط والغاز.