الأزمة التركية الهولندية: توتر أنقرة مع الاتحاد الأوروبي مستمر

الأزمة التركية الهولندية: توتر أنقرة مع الاتحاد الأوروبي مستمر

14 ابريل 2017
يبقى التوتر الهولندي التركي سيد الموقف(آدم ألتين/ فرانس برس)
+ الخط -
انتهت الانتخابات البرلمانية الهولندية قبل شهر من الآن، وفاز ائتلاف رئيس الوزراء الهولندي الحالي مارك روتا، في حين تنتظر أنقرة في السادس عشر من شهر إبريل/نيسان الجاري استحقاقاً لتمرير استفتاء ينقل البلاد من نظام برلماني إلى آخر رئاسي، يبدأ العمل به عام 2019.

ويبقى التوتر الدائر بين كل من هولندا وتركيا سيد الموقف، إذ لا تزال ناره مستعرة بين البلدين، إذ كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد طالب الدول الأوروبية باحترام قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات.

 وأشار في كلمة له أثناء استضافة أعضاء "جمعة الأناضول للناشرين"، في القصر الرئاسي بأنقرة، إلى أن تركيا ليست بلداً تُهان كرامته ويُطرد وزراؤه ويُسحل مواطنوه في الشوارع، وذلك في إشارة إلى ما حدث في الحادي عشر من شهر آذار/مارس الماضي، عندما سحبت هولندا تصريح هبوط طائرة وزير الخارجية التركية جاووش أوغلو، ورفضت دخول وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية فاطمة بتول قايا إلى قنصلية بلادها في روتردام، وهو ما رفع من حدة التصريحات التركية، إذ وصف كل من الرئيس التركي ورئيس وزرائه حينها هولندا بالنازية والفاشية التي تدعم الإرهاب.

على الجانب الآخر، وصف روتا، تصريحات أردوغان بـ"غير المقبولة"، واعتبر تصريحات أنقرة التي جاءت على لسان أردوغان "مجنونة"، وإن بلاده لن تعتذر لتركيا، كما قال نائب رئيس الحكومة الهولندية، لودفيك إسشر، إنه من "المقرف بأن توصف بلاده بالنازية من قبل نظام يسير إلى الوراء، في ما يخص حقوق الإنسان".

وتسببت الأزمة بين البلدين في توتر سياسي، بدأت ملامحه بمطالبة أنقرة السفير الهولندي كييس فان ريخ في تركيا، والذي كان يقوم بإجازة خارجية بعدم العودة إلى أنقرة حتى إشعار آخر، إضافة إلى إغلاق المجال الجوي أمام جميع الدبلوماسيين الهولنديين، كما دعت تركيا أمستردام إلى التقدم باعتذار رسمي لما حدث، معتبرة التصرف الهولندي فضيحة سياسية منقطعة النظير.

ويبدو أن تركيا بدأت تأخذ منحى سياسياً وتعاوناً عسكرياً بعيدا عن الاتحاد الأوروبي بشكل عام، فتصاعد التوتر بين أنقرة وهولندا وألمانيا والنمسا، كدّرَ صفو العلاقات التركية الغربية، وهو ما حذا بأنقرة للاتجاه نحو المعسكر الروسي، الذي يمثل تهديداً للدول الأوروبية، كما تدرك أنقرة عدم جدوى محاولاتها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وبحسب المنظور التركي، يُحسب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مسارعته إلى تقديم دعمه لأنقرة على خلفية محاولة الانقلاب التركي في 15 من شهر يوليو/حزيران الماضي، وذلك في خطوة منه لتعكير صفو العلاقات التركية الأوروبية، بالمقابل انضم القادة الأوروبيون إلى جانب الولايات المتحدة لنقد عمليات الاعتقالات التي تلت الانقلاب الفاشل.

أما في مجال التعاون بين البلدين، فقد دعت أنقرة لفرض عقوبات على هولندا، بهدف تشكيل ورقة ضغط عليها، وتتمثل تلك العقوبات بحسب تكهنات لموقع "هابر 7 كوم" تقليص التعاون الاستخباري بين البلدين، كما ستطاول العقوبات التعاون العسكري تحت إطار حلف شمال الأطلسي "ناتو"، إضافة إلى عقوبات في مجال الدفاع الجوي وطواقم الطيران، إذ تمتلك هولندا صواريخ باتريوت في ولاية أضنة التركية.

اقتصادياً تستثمر قرابة 2600 شركة هولندية متعددة في مشاريع مختلفة بتركيا، ويمتلك البلدان روابط تجارية وتبادلاً مالياً وثيقاً، وهو ما حدا بوزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبكجي، إلى التقليل من إمكانية وصول التوترات إلى الشق الاقتصادي والمالي، واعتبر أن وزارته غير مرتبطة بموضوع العقوبات التي تطالب الحكومة التركية بفرضها على أمستردام.

 ويحاول الجانب التركي بشتى السبل تحييد الملف الاقتصادي عن حرب التصريحات الدائرة بين البلدين، فتركيا تعيش أزمة اقتصادية تتمثل بهبوط حاد في الليرة التركية أمام الدولار.

وسبق للاقتصاد التركي أن عايش عقوبات اقتصادية روسية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، على خلفية إسقاط أنقرة للمقاتلة سو 24 الروسية بعد اختراقها المجال الجوي التركي، وتمثلت العقوبات حينها بإيقاف السياحة نحو أنقرة، ووقف التبادل التجاري والاتفاقيات الموقعة بين البلدين بخصوص الطاقة والغاز، وهو ما أرخى بظلاله على السوق التركية، وهذا ما تخشى أنقرة تكراره مع دول أوروبية قد تكون هولندا من بينها.

 

في ما يخص اتفاقية اللاجئين الموقعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، بدأت أنقرة بالتلويح بملف اللاجئين وفتح الحدود عبر تصريحات رسمية تعيد للأذهان الاتفاقية التي تم توقيعها في شهر مارس/آذار 2016 مع الاتحاد الأوروبي.

 وتتمسك تركيا بملف اللاجئين كورقة ضغط على أوروبا، إذ سبق للرئيس التركي أن حذر بأنه قادر على فتح الحدود التركية أمام اللاجئين باتجاه الدول الأوروبية، ولا يستبعد أن يكون التطور السياسي بين أوروبا وأنقرة في ما يخص الاستفتاء التركي القادم، الورقة التي تدفع بأردوغان لفتح الحدود من جديد أمام اللاجئين نحو أوروبا.

فصل جديد من فصول توتر العلاقات التركية الأوروبية بات مفتوحاً على مصراعيه، فأنقرة بدأت تُغرّد خارج السرب الأوروبي مهددة بتصعيد وعقوبات على هولندا، يقابلها تصريحات من رئيس الوزراء الهولندي بأن أي تصعيد للأزمة سيتم الرد عليه، مشيراً إلى أن أمستردام ستبذل ما في وسعها من أجل تخفيف التوتر بين البلدين.