هل بدأت مساعي إسقاط حكومة الشاهد في تونس؟

هل بدأت مساعي إسقاط حكومة الشاهد في تونس؟

13 ابريل 2017
بلغت الأزمة حد تداول أخبار عن استقالة الشاهد(شون غالوب/Getty)
+ الخط -
تصاعدت في تونس، خلال الأسابيع الأخيرة، موجة الاحتجاجات والاعتصامات بشكل يحيل إلى ما حدث تمامًا قبيل إبعاد رئيس الحكومة السابق، الحبيب الصيد، ما دفع إلى الاعتقاد بأن السيناريو نفسه قد يتكرر مع رئيس الوزراء الحالي، يوسف الشاهد.

ولا تتعلق المسألة بالاحتجاجات وحدها، وإنما بما رافقها من تلميحات وتصريحات من أطراف متعددة، تشير إلى وجود رغبة ونوايا لدى البعض، وربما تحركات لدى البعض الآخر، لاستعجال سقوط هذه الحكومة التي لم يمض عام على تشكيلها.

ويأتي تصريح النائب عن "الجبهة الشعبية اليسارية" المعارضة، عمار عمروسية، ليكشف هذا المناخ العام الذي يحيط بحكومة الشاهد. فقد أكد عمروسية، في تصريح صحافي، أن "حكومة الشاهد باتت تتلقى الضربات من نيران صديقة... وأن هناك مؤامرة تُحاك في قصر قرطاج وداخل نداء تونس ضده، وأن الشاهد لن يكمل على رأس الحكومة بعد هذه الصائفة".

ورغم أن عمروسيّة يحمّل داعمَي الشاهد، الرئاسة وحزبه الأم (نداء تونس)، مسؤولية هذه الأوضاع، ويبرّئ منها المعارضة، إلا أن تصريحه لا يخفي رغبة حقيقية في سقوط هذه الحكومة، التي تعتبرها الجبهة فاشلة.

ولكنّ تصريحًا غريبًا آخر كشف جانبًا مهمًّا من هذه الأزمة التي تمر بها الحكومة، جاء على لسان وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، مهدي بن غربية، الذي قال إنه "لا يخفى على أحد أن دعم الأحزاب الحاكمة لحكومة الوحدة الوطنية بفعل عدة عوامل، ليس بالشكل الذي يجب أن يكون عليه".

ويشير هذا التلميح الواضح إلى حالة من القلق داخل المنظومة الحزبية التي تشكّل حكومة الوحدة الوطنية، ومناخ انعدام الثقة بين بعض مكوناتها، وصل إلى حد توجيه التهم لأحزاب بعينها بالوقوف وراء هذه الاحتجاجات.



وبلغت الأزمة، أمس الأربعاء، حدّ تداول أخبار عن استقالة الشاهد، سرعان ما نفتها مصادر من الحكومة، معتبرة ذلك مجرد "إشاعة مغرضة روجت لها بعض الجهات السياسية".

وانضمّ إلى هذا الجوّ العام المحتقن، تعليق الأمين العام المساعد في الاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، الذي اعتبر، في تدوينة نشرها على حسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن "ثمّة ثلاثة احتمالات.. إمّا أنّ الهدف هو إسقاط الحكومة وخطّة المعصار وسيلتها؛ أو خلق حالة الفوضى و(الكاوو ـــ KO) ومسايرتها لاستغلالها لتمرير الإجراءات الموجعة والمؤلمة؛ أو أنّنا في دولة العبث والسوريالية؛ أو هذه الاحتمالات مجتمعة".


ورغم أن الاحتجاجات لم تبلغ بعد مستوى يشكل تهديدا للحكومة؛ إلا أن تأويلها بهذا الشكل رجَّح وجود رغبة لدى كثيرين في ذلك، وكشف، في الوقت ذاته، عن هشاشة بالغة في الائتلاف الحكومي، وعدم وجود تضامن فعلي بين بعض مكوناتها. ولعلّ اجتماع الرئيس، الباجي قايد السبسي، بزعيم حركة "النهضة"، راشد الغنوشي، أمس الأربعاء، جاء ليبحث هذا الوضع الخطير، ويتدارس سبل تطويق الأزمة، قبل أن تشتعل النيران من كل جانب، تلقائيًّا أو بفعل فاعل.

ولا يخفي تلقّف الأزمة سياسيًّا واستغلالها من أطراف عديدة، حقيقة تدهور الوضع الاجتماعي، وصعوبة تجاوزه بحكم الوضعية المالية المتردية التي تمر بها البلاد، بالإضافة إلى تعوّد الجهات في تونس على انتقال عدوى الإضرابات بسرعة شديدة، بسبب الفشل السياسي الواضح في التعامل مع الأزمات منذ سنوات، واكتفاء الحكومات المتعاقبة بإرسال وفد وزاري إلى المناطق المحتجة، ما دفع المحتجين، الصابرين منذ سنوات، إلى إغلاق الطرق، وإعلان الإضراب العام كلما أرادوا التحاور مع الحكومة وإيصال أصواتهم إلى المسؤولين.

ولكن حكومة الشاهد مجبرة على التعامل مع هذه الأوضاع، واستنباط خطاب سياسي مقنع لهذه الجهات المشتعلة، وتقديم وعود قابلة للإنجاز سريعًا، برغم الصعوبة التي يسبّبها غياب حزام سياسي شعبي يدعمها على الأرض.

ومع تواصل الإضرابات في تطاوين جنوب البلاد، برغم ما أعلنته الحكومة من إجراءات للجهة؛ تحركت مدينة الكاف في الشمال الغربي منذ أسبوعين، بسبب إغلاق مصنع ألماني يشغّل أكثر من 400 عامل وعاملة، وهدّدت منظمات محلية بدخول الجهة في إضراب عام يوم 20 إبريل/نيسان، وانضمّت إليها القيروان وسط البلاد بإعلان يوم غضب، واحتج شباب من معتمدية الفحص، بولاية زغوان، قرب العاصمة، وأغلقوا الطرقات للمطالبة بالتنمية والتشغيل، بالإضافة إلى احتجاج طلبة الحقوق، وإضراب أصحاب سيارات الأجرة في صفاقس وسط البلاد، واحتجاجات مهنية أخرى في أكثر من قطاع.

وبحسب الأرقام، فقد تصاعدت الحركات الاحتجاجية بشكل كبير في شهر مارس/آذار الماضي، ويبدو أن إبريل/نيسان الجاري سيكون أكثر حرارة، وسيشكّل اختبارًا حقيقيًّا للوحدة الوطنية المعلنة، ولجدية الأحزاب المكوّنة لها في إسناد الشاهد، والذي سيختبرها، بدوره، بدءًا من حزبه "نداء تونس"، وربما سيكون مجبرًا على التعويل على نفسه، رغم محدودية ذلك في مواجهة كل تلك الحرائق المشتعلة، والرغبات المتواترة لمشاهدة سقوطه قبل الأوان.



المساهمون