عرض المقايضة الأميركية على روسيا: موسكو أقرب إلى الجزرة

عرض المقايضة الأميركية على روسيا: موسكو أقرب إلى الجزرة

12 ابريل 2017
ترامب يلوّح بالحلول الدبلوماسية والعسكرية(صامويل كوروم/الأناضول)
+ الخط -
يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب فسح المجال أمام "كل الخيارات" لمواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سورية. وهذا ما جعل تصريحات البيت الأبيض ووزارة الدفاع (البنتاغون) والرئيس نفسه متباينة تجاه مصير الأسد، والأولوية الأميركية في سورية، بعد هجمات قاعدة الشعيرات.

وينعكس الغموض الأميركي في سورية، على العلاقات الأميركية – الروسية، في ظل محاولات إدارة ترامب الأخيرة الخروج بموقف دولي موحد ضد بشار الأسد، ومناوئ لروسيا.

وبدأت واشنطن بمحاولات بلورة هذا الموقف في مجلس الأمن الدولي، من خلال تصعيد استخدام النظام السوري للسلاح الكيمياوي في مجزرة خان شيخون، إلى حد اتهام موسكو بالتواطؤ أو العلم بالمجزرة قبل وقوعها.



لكن النجاح في هذا السياق، كان بالخروج بموقف رافض للأسد في اجتماعات مجموعة الدول الصناعية السبع في إيطاليا، إذ أكدت كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا بالاجتماع مع تركيا والسعودية وقطر والإمارات والأردن أنه "لا حل ممكناً في سورية مع بقاء الأسد في السلطة"، كما صرح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت.

وتنظر موسكو بالكثير من الريبة إلى هذه التباينات الأميركية، والتحركات الدولية تجاهها، فتعمد إلى التصعيد تارة، والتهدئة تارة أخرى. حتى أن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف وصف، بتذمّر، الخطاب الأميركي تجاه سورية، أمس الثلاثاء، بـ "اللغز"، مضيفاً أن خطاب واشنطن تجاه موسكو "يميل إلى أن يكون غليظاً وفظاً".

كل الخيارات على الطاولة

في الوقت الذي دأبت فيه وسائل الإعلام العالمية على مقارنة سياسات ترامب بالسياسات الخارجية لسلفه باراك أوباما، من خلال تأكيد أن ترامب يفعل اليوم ما كان ينتقد عليه سلفه بالأمس. إلا أن هذه المقارنة تميل لصالح ترامب، عند الحديث عن التعاطي مع روسيا وسورية.



وينتقد ترامب مع سورية وروسيا اليوم حرفياً ما كان يقوله لأوباما حول "فسح المجال لكل الخيارات" خلال السنوات السابقة. وانتقد أيضاً بصورة مستمرة تصريحات أوباما حول استبعاد الخيارات العسكرية في سورية، وتأكيده عدم إرسال قوات أميركية على الأرض لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق.

كما اعتبر أن ما كان يقوم به الرئيس الأميركي آنذاك من خلال هذه التصريحات "كشف أحمق للنوايا". اليوم يفعل ترامب ما كان يريد من أوباما فعله حرفياً، التلويح بالحلول الدبلوماسية، والخيارات العسكرية، و"فسح المجال أمام كل الخيارات".

العصا والجزرة مع روسيا

كانت ضربات "التوماهوك" الأميركية على قاعدة الشعيرات في سورية، إعلاناً لعودة "الخيار العسكري" كورقة ضغط قد تستخدمها واشنطن ضد الأسد في أي لحظة. لكن في الوقت ذاته، تؤكد واشنطن عدم رغبتها بالدخول في حرب مفتوحة في سورية، أو مع روسيا، من خلال التشديد على أن الضربات "رد على استخدام النظام للسلاح الكيماوي" وعمل "محدود ومناسب". ما يعني أن الضربات العسكرية كانت جلباً لورقة التدخل العسكري، الذي استبعدها الرئيس الأميركي السابق رغب تجاوز الأسد لـ"الخط الأحمر" الذي رسمه أوباما.

إلا أن موضوع الحملة الأميركية في سورية قد تغير، أخيراً، وبدل أن يكون نظام الأسد مستهدفاً، أصبحت روسيا نفسها كذلك. ويُعتقد أن الولايات المتحدة تحاول الضغط على روسيا من أجل التخلي عن إيران ونظام الأسد، مقابل رفع العقوبات الأميركية عن موسكو، وتسوية الخلافات حول ضم روسيا لإقليم القرم في أوكرانيا، إضافة إلى تسوية خلافاتها مع اليابان.

من هنا كانت محاولات وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، احتواء الموقف، والتأكيد على أن الخلافات مع موسكو في سورية لن تدفع الولايات المتحدة للدخول في صدام مباشر مع روسيا.



وأكد ماتيس، أمس، أن "السياسة الأميركية لم تتغير في سورية، وما زالت تركز على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية"، مشدداً على أن التوتر مع موسكو في سورية "لن يخرج عن السيطرة". وقال ماتيس: "يتصرف الروس بما فيه مصلحتهم، وليس من مصلحتهم أن تخرج الأوضاع عن السيطرة".

ويحاول الأميركيون الضغط على روسيا من أجل التخلي عن الأسد، وبدء عملية انتقالية في دمشق، تستبعد الأسد، والمليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية والأفغانية المرتبطة به.

انطلاقاً من ذلك، فإنه من غير المستبعد إقامة مناطق آمنة يُحظر الطيران فوقها، ناقشها كل من وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، ومن المحتمل أن تساهم روسيا في إقامة مثل هذه المناطق، إذا كان البديل أن تقوم الولايات المتحدة بفرض حظر الطيران بصورة منفردة.

ولا تزال روسيا تتحسر حتى اللحظة على عدم معارضتها إقامة مناطق حظر طيران في ليبيا، الخطوة التي أدت إلى توسع هجمات حلف شمال الأطلسي (الناتو) على القوات الموالية لمعمر القذافي، حتى سقوط النظام في طرابلس ومقتل الرئيس الليبي.

دلالات