هل في جعبة دونالد ترامب مفاجأة أخرى غير الشعيرات؟

هل في جعبة دونالد ترامب مفاجأة أخرى غير الشعيرات؟

10 ابريل 2017
غموض في الموقف قبل زيارة تيلرسون لموسكو(نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -
الشروحات التي قدمتها إدارة ترامب، أمس الأحد، لتحركها بعد ضرب قاعدة الشعيرات السورية انطوت على كل شيء ما عدا التوضيح لناحية التعامل مع النظام السوري.

التلميحات والإشارات التي حملتها شروحات المسؤولين الأميركيين طرحت أكثر من علامة استفهام. تباينها وعدم اتساقها تركا الانطباع بأن في الأمر واحداً من اثنين: إما أن أهل القرار في حيرة من أمرهم بشأن الخطوة التالية، وإما أنهم تعمّدوا الغموض لإرباك الخصم وتركه أسير التوجس والظن بنوايا البيت الأبيض

والمعروف أن الرئيس دونالد ترامب ينتمي إلى مدرسة الاحتمال الثاني، فهو لطالما تحدث عن "فضيلة التكتم والمفاجأة" عندما يتعلق الأمر بضربة عسكرية للآخر.

أمس، تولى ثلاثة من أركان الإدارة عرض أبعاد الغارة الصاروخية، وما يعتزم البيت الأبيض عمله في المرحلة التالية. توزعوا على البرامج الإخبارية لشبكات التلفزة الرئيسية الخمس، التي تخصص عادة صباح الأحد للتعليق على قضايا وتطورات الأسبوع، وتستضيف خبراء ونخباً ومسؤولين سابقين وحاليين، لتقديم القراءات والتفسيرات والتوقعات.


وقد شارك في البرامج وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، ومستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، الجنرال هاربرت ماكمستر، والسفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هايلي.

المسؤولون الثلاثة توزعوا على البرامج، مع غياب لافت لوزير الدفاع، جيمس ماتيس، مع أنه  مهندس الضربة، لتقديم مقاربة الإدارة وتصوراتها حول الموضوع.

وكان لافتا أيضا تولي الوزير تيلرسون لهذا الدور لأول مرة، وكذلك المستشار ماكمستر، الذي يتردد أنه قام بعملية "تصحيح" في تركيبة ووظيفة جهاز الأمن القومي في البيت الأبيض، بحيث حجّم دور المستشار المشاكس ستيفن بانن، ونجح في سحب قرار حضوره لاجتماعات المجلس، وتردد، كذلك، أن هذا الأخير هدد بالاستقالة بسبب ذلك.

وركّز الثلاثة على "هزيمة داعش" كأولوية للإدارة، وهذا ليس بجديد، إذ كرره ترامب منذ الحملة الانتخابية، لكن المطلوب الآن توضيح "ماذا بعد؟"، وخاصة أن المتحدثين رسموا صورة مشوشة، بل متعارضة، حول الاحتمالات، خاصة بين ما كشفت عنه السفيرة، التي تبرز أكثر فأكثر كناطقة باسم السياسة الخارجية، وبين ما قاله الوزير تيلرسون، فهي ترى أن "لا سلام" مع بشار الأسد، وأن التوصل إلى مخرج سياسي متعذر بوجوده.

كما أن هايلي وحدها انفردت بإعلان مثل هذا الموقف غير المسبوق من جانب الإدارة، التي كانت قبل أيام قد سلّمت عملياً باستمرار الأسد كـ"حقيقة سياسية"، في حين شدّد تيلرسون على أن الإدارة لم تتراجع عن قناعتها بأن هذا الأمر يعود تقريره للشعب السوري الذي يجب "تمكينه" للنهوض بهذه المهمة، وأن المطلوب هو "تثبيت الاستقرار للانتقال إلى الحل السياسي".

وخلافاً للسفيرة، تجنب وزير الخارجية الإشارة إلى الأسد، وكذلك فعل ماكمستر الذي اكتفى بسرد أولوية "داعش"، مع التركيز على أهمية جعل روسيا "جزءاً من الحل".

يشار إلى أن تيلرسون تحدث، على غير العادة، بلغة "جديدة" لا تخلو من الملامة تجاه روسيا، وتردد أنه يعتزم مفاتحة موسكو بـ"ضرورة" التراجع عن دعمها الأسد.

ولا يتوقع أن تتجاوب موسكو مع طلب تيلرسون، بل ثمة من يستبعد أن يطرح الوزير الأمر أثناء زيارته إلى موسكو، وإلا فإن الإدارة تنوي رفع السقف تمهيداً للتصعيد.

في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى نقطتين: الأولى أن الرئيس ترامب بقي غائباً عن هذا المسرح في اليومين الأخيرين، وترك لفريق من أركانه التعاطي مع هذا الموضوع. الثانية أن هذه اللوحة المشوشة التي رسمتها الإدارة تزامنت مع ازدياد الإشاعات والتسريبات عن تفاقم الخلافات بين أجنحة القوى المحيطة بالرئيس في البيت الأبيض، والتي يتردد أنه يعتزم التخلي عن خدمات بعضهم بسببها.

فهل "اللخبطة" انعكاس لهذا المشهد، أم أنها مقصودة لتعزيز موقف الوزير تيلرسون خلال مباحثاته في موسكو؟ أم أنها ليست سوى وسيلة لصرف الأنظار عن مفاجأة أخرى مضمرة إذا تعثرت زيارة الوزير لموسكو؟

الاحتمال الأخير غير مستبعد في ظل التوجه الخارجي المتشدد، والذي يأخذ أكثر من صيغة، كان آخرها، أمس، زيادة الحشد البحري الأميركي في المياه المتاخمة لكوريا الشمالية.







المساهمون