شائعات هدنة في الغوطة على وقع مآسي التهجير

شائعات هدنة في الغوطة على وقع مآسي التهجير

08 مارس 2017
يعمل النظام على تهجير الأهالي للشمال السوري (أنس الدمشقي/الأناضول)
+ الخط -
على وقع إعلان الجيش الروسي، أمس الثلاثاء، وقف لاطلاق النار حتى 20 مارس/آذار الحالي في الغوطة الشرقية، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "قصفاً استهدف مدن دوما وحرستا وأحياء عدة خاضعة لسيطرة الفصائل في شرق دمشق.

يتابع النظام قضم مناطق المعارضة في العاصمة السورية دمشق وريفها، تحت ما يسميه "تأمين العاصمة" بدعم روسي وصمت دولي فاضح، بعد فرضه حصاراً خانقاً عليها منذ أواخر عام 2012، في ظلّ عمل بعض القوى الإقليمية والدولية على المحافظة على النظام، والذي لم تعد تعتبر إنهاء استبداده "أولوية" مع "ظهور تنظيمات إرهابية تصدّرت محاربتها اهتماماتها"، وفقاً لها. بالتالي يقوم النظام اليوم ومليشياته الطائفية بتكرار سيناريو سيطرته على العديد من المناطق المعارضة في ريف العاصمة الغربي، كان آخرها قرى وبلدات وادي بردى، في برزة والقابون وحي تشرين، شمالي شرق العاصمة.

وتشنّ القوات النظامية، مدعومة من المليشيات الطائفية، حملة من القصف العنيف على المناطق السكنية في أحياء برزة والقابون وحي تشرين، والتي تبعد عن قلب العاصمة ما بين 3 إلى 4 كيلومترات، بالقرب من حرستا وعربين التابعة للغوطة الشرقية. وتقع تلك المنطقة تحت سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة، ويفصل أوتوستراد دمشق حمص بين منطقتي النظام والمعارضة، كما تتصل تلك المنطقة بجبل قاسيون المطل على دمشق وتمتد على سفوحه أحياء ركن الدين والمالكي والمهاجرين المحتضن لقصر الرئاسة، وصولاً إلى قصر الشعب في الجهة الغربية منه.

وتفيد مصادر من المنطقة، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن "النظام يعمد إلى تدمير الأحياء الثلاثة بشكل ممنهج، مستخدماً البراميل المتفجرة وصواريخ أرض أرض، أو ما يعرف بين السوريين بـ"الفيل"، بسبب صوتها المشابه لصوت الفيل وهي شديدة الانفجار. كما يستخدم النظام المدفعية الثقيلة، بغرض التدمير فقط". وتشير المصادر إلى أن "الدمار في الأحياء حالياً يتراوح ما بين 70 و80 في المائة، في حين تقوم المليشيات بحصار الأحياء، مانعة عنها المواد الغذائية والطبية".

وتضيف بأن "النظام أنجز المرحلة الأولى من عملية التهجير إثر نزوح عشرات آلاف المدنيين، والذين وصل عددهم قبل الحملة الأخيرة إلى نحو 150 ألف مدني، ليقتصر اليوم عدد قاطني الأحياء على عشرات العائلات، فمنهم من فرّ إلى الغوطة الشرقية، وقلة منهم إلى مناطق النظام". وتشير المصادر إلى أن "ما تبقى من عائلات في الأحياء يعيشون في ظل أوضاع إنسانية سيئة في ظل نقص المواد الغذائية والطبية، إضافة إلى عدم مقدرة العائلات المحاصرة على مغادرة أقبية الأبنية التي تختبئ بداخلها، وهي غير مجهزة بأبسط الاحتياجات اليومية".



ويتوقع مصدر مطلع في دمشق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "تشهد الأيام المقبلة فرض النظام على أحياء القابون وبرزة وحي تشرين تسوية على من تبقى داخل تلك الأحياء، تنصّ على إما الرضوخ لعودة سلطة النظام أو الالتحاق بعشرات آلاف المهجرين من ريف دمشق وحمص وحلب إلى الشمال السوري". ويبدي اعتقاده بأن "النظام يعمل على إخلاء حي القابون وحي تشرين بشكل كامل من الموجودين فيه حالياً، بسبب موقعهم المطل على أوتوستراد دمشق ـ حمص. وفي الغالب تنتهي الحملة وتُصبح هذه المناطق كغيرها من التي دُمّرت بشكل تام، كمدينة داريا في ريف دمشق الغربي وحمص القديمة. وقد تم وضعها على خارطة إعادة إعمار، والتي ستكون من حصة الحلفاء والداعمين".

ويلفت المصدر إلى أن "سيطرة النظام على هذه الأحياء تأتي بسبب تميّزها بموقع استراتيجي، جرّاء قربها من أوتوستراد دمشق ــ حمص، الذي يقع عليه مستشفى الشرطة ومستشفى تشرين العسكري، وإطلالتها من الجهة الشمالية على طريق التل الذي يعتمده النظام كلما قُطع الأوتوستراد من جهة حرستا، كطريق رئيسي من دمشق إلى حمص والساحل وشمال البلاد، لضمان عدم تجاوز المناطق التي تسيطر عليها الفصائل من الأوتستراد". ويشير إلى أن "هذه الأحياء وخاصة القابون وبرزة تعتبر من أهم معابر المواد الغذائية وغيرها من الاحتياجات إلى الغوطة الشرقية، حيث ترتبط مع مناطق الغوطة الشرقية خصوصاً منطقة حرستا بأنفاق عدة لنقل تلك المواد. الأمر الذي سيعني تضييق الخناق على الأخيرة".

وكان النظام قد بدأ سياسة الحصار منذ نهاية عام 2012، وأعقبها بتوقيع "هِدَن الجوع"، والتي ترافقت بعمل دائم لاستنزاف الفصائل وإرهاقها بالملفات الخدمية وزيادة أعداد المدنيين بتلك المناطق، عبر السماح لمن سبق أن نزح بالعودة لها، وتقليبهم على الفصائل، بالإضافة إلى زرع شقاق وصراع بين أهالي تلك المناطق، في ظلّ نقص المواد الغذائية المسموح دخولها لها، واستقطاب مجموعات وأشخاص بتلك المناطق، لتكون مسؤولة عن دخول المواد التي كانت تدر عليهم أرباحاً طائلة. كل تلك الأمور وغيرها ساهمت بإضعاف تلك المناطق وتفرقتها، إلى درجة تساقطها الواحدة تلو الأخرى". وتأتي عمليات النظام عبر قضم مناطق المعارضة في دمشق وريفها، في ظل وجود اتفاق لوقف إطلاق النار بضمانة روسية وتركية، بدأ سريانه أواخر العام الماضي. كذلك يُشار إلى أنه من المتوقع أن يكون هدف النظام المقبل مناطق جنوب دمشق التي تشمل ببيلا ويلدا وبيت سحم والقدم والعسالي، ومن ثم عدد من البلدات في القلمون، ليتبقى أمامه الغوطة الشرقية أكبر مناطق المعارضة في ريف دمشق.

المساهمون