تفاصيل وليد المعلم

تفاصيل وليد المعلم

05 مارس 2017
يغرق النظام المفاوضات بالتفاصيل (سلفاتوري دي نولفي/فرانس برس)
+ الخط -


مع اختتام فعاليات مؤتمر جنيف أربعة، أثبت النظام السوري أنه لا يزال يتبع الأسلوب ذاته في التعاطي مع الاستحقاقات الدولية المتعلقة بإيجاد حل سياسي للقضية السورية، منذ بداية الثورة وحتى اللحظة، متبنياً الكلمة الشهيرة لوزير خارجيته وليد المعلم عام 2011 حين قال مخاطباً المجتمع الدولي الذي كان في غالبيته منحازاً ولو إعلامياً للثورة السورية، "سنغرقكم في التفاصيل". إذ لا يزال النظام ينجح في جرّ أي مفاوضات إلى تفاصيل وجزئيات لا علاقة لها بصلب العملية التفاوضية، والتي من المفترض أن تؤدي إلى عملية انتقال سياسي للسلطة، في حين يتمكّن النظام من خلال تلك الجزئيات والتفاصيل أن يلعب على عامل الوقت الذي هو عمر النظام الافتراضي.
فمنذ بيان جنيف واحد عام 2012 الأكثر وضوحاً في رؤيته شكل الحل السياسي في سورية، "هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات"، مروراً بجنيف 2، وصولاً إلى بيان فيينا الذي أنتج قرار مجلس الأمن 2254، والذي تحدث عن حكم غير طائفي وانتخابات ودستور، وصولاً إلى جنيف 4، ظهر النظام وكأنه لا يزال قادراً على إغراق كل تلك الاستحقاقات الدولية بالتفاصيل، بل جرّ الأمم المتحدة إلى الدخول بتفاصيل ولجان لبحث قضايا ثانوية قد يستغرق إنجاز أعمالها سنوات.
ولكن في حقيقة الأمر أن قدرة النظام على تطبيق مقولة المعلم في إغراق المجتمع الدولي والمعارضة بالتفاصيل، هي قدرة معدومة عملياً، كون النظام ما هو إلا دمية تأتمر بأمر الإيرانيين والروس، وهي لا تمتلك حتى القدرة على اتخاذ قرارات تتعلق بشأنها الداخلي. إلا أن قدرة النظام على الظهور بمظهر المتمكّن من الهروب من الاستحقاقات إلى التفاصيل، مرتبطة أصلاً بمدى جدية المجتمع الدولي بإيجاد حل سياسي في سورية، والذي يبدو أنه حتى اللحظة لا تتوافر الإرادة الدولية الكافية لصياغة هذا الحل، ما يعطي النظام القدرة على التهرب من تحقيق أي نجاح في كل المفاوضات التي يخوضها مع المعارضة. طبعاً هذا بالإضافة إلى الدعم السياسي والعسكري الكبيرين، من الدول الداعمة له، "مقابل تنازلات هائلة يقدّمها لهم"، كان آخرها على المستوى السياسي الفيتو الروسي السابع على التوالي ضد قرار يدين جرائمه. فهل تتوفر إرادة دولية تدخلنا بعمليه جدية وتتجاوز كل تفاصيل المعلم؟

المساهمون