بريطانيا الجديدة

بريطانيا الجديدة

30 مارس 2017
ماي خلال توقيع رسالة "الخروج" في 28 مارس(كريستوفر فورلونغ/Getty)
+ الخط -
حمل بيان رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، الذي أعقب توقيعاً على رسالة مباشرة معاملة "الطلاق" من الاتحاد الأوروبي، عنوانين عريضين يحددان وجه "بريطانيا الجديدة"، التي غادرت "بيت الطاعة" الأوروبي بعد "زواج" غير هادئ دام 44 سنة.

في العنوان الأول تظهر "بريطانيا الجديدة" متحررة من حيز أوروبا الضيق نحو العالم لبناء علاقات مع أصدقاء قدامى وحلفاء جدد على حد سواء، ولتكون أبواب بريطانيا مفتوحة لجذب الرائدين والمبتكرين وصناع المستقبل من كل أنحاء العالم. في المقابل، لن تكون "بريطانيا الجديدة" بعيدة عن أوروبا التي تتقاسم معها قيم الحرية والديمقراطية، وستواصل الدفاع عن القيم الأوروبية والترويج لها، بالتوازي مع تأسيس أقوى تعاون أمني لمواجهة تهديدات الإرهاب والتطرف التي تتحدى العالم وقيمه الإنسانية.

غير أن ما سكتت عنه ماي من ملامح "بريطانيا الجديدة"، وطفى على السطح سريعاً، وحتى قبل توجه السفير البريطاني في بروكسل، تيم بارو، برسالة الطلاق إلى المفوضية الأوروبية، يشير إلى بريطانيا جديدة غير تلك التي أضاءت عليها رئيسة الحكومة.
ملامح وجه "بريطانيا الجديدة" تختلف في مرآة المكونات السياسية والجغرافية والاقتصادية للمملكة المتحدة، والتي دخلت في مواجهة ساخنة مع حكومة لندن، مطالبةً باستفتاءات، أو تلوّح بمثل ذلك، حول مصيرها ضمن المملكة المتحدة. وهو ما يعني أن المملكة تواجه خطر التقسيم، لا سيما إذا ما فشلت حكومة لندن في إنجاز اتفاق مُقنع مع الاتحاد الأوروبي، يُحافظ على مصالح هذه الأقاليم مع الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن اسكتلندا وإيرلندا الشمالية صوتتا في استفتاء "بريكسيت" لصالح بقاء بريطانيا في الاتحاد.

ومهما اجتهدت ماي في تلميع وجه "بريطانيا الجديدة"، فلا شك أنها لن تنجح في إخفاء الندوب التي أحدثها "بريكسيت"، والتي يبدو أنها ستجعلها غير قادرة مستقبلاً على أداء دور "العظمى" على الساحة الدولية. يضاف إلى ذلك التشكيك بقدرتها في مرحلة ما بعد "بريكسيت"، على مواجهة أخطار كبرى تتهدد الأمن القومي البريطاني، يتصدرها الإرهاب الدولي والتمدد الروسي، ثم الانتشار النووي في دول مثل كوريا الشمالية وإيران، والجريمة المنظمة، ثم هناك التهديدات الإلكترونية، وأخيراً الاضطرابات في أسواق الطاقة العالمية.

المساهمون