العودة إلى القدس

العودة إلى القدس

03 مارس 2017
أهل القدس وناسها العاديون مُهملون (مناحيم كهانا/فرانس برس)
+ الخط -

تكشف المعطيات التي نشرتها مصادر إسرائيلية، عن ارتفاع في عدد المقدسيين الذين يطلبون جنسية إسرائيلية، وانتقال رئيس بلدية الاحتلال، نير بركات، إلى مخاطبة سكان المدينة على صفحته على "فيسبوك"، وتكثيف برامج أسرلة التعليم في القدس المحتلة، عن حجم الكارثة المحيطة بالقدس، وحجم الإهمال الذي تعانيه المدينة المحتلة من قبل القيادة الفلسطينية.
والواقع أن تفريغ المدينة من كل سمات الحراك الوطني والثقافي الفلسطيني، قد تعاظم في العقد الأخير لدرجة تخال أن المدينة لم تكن يوماً، محوراً من محاور قضية الشعب الفلسطيني، فأهلها وناسها "العاديون" مهملون، ومتروكون لقمة سائغة بأيدي الاحتلال وبلديته، وعرضة لاعتداءات المستوطنين الذين يغزون بيوتهم ويستوطنونها تحت حراسة الاحتلال. يقارع أهلها الاحتلال بما أوتوا من أدوات بسيطة وقدرات محدودة، حتى في ساعات اشتعال لهيب المقاومة والعمليات في المدينة لا يشعر أهلها بأن لهم ظهراً يحميهم.
ولعل ما زاد ويزيد يومياً من حالة القدس المأساوية، والكارثية، هو انتقال بعض ما كان فيها من صحف ولجان ونقابات إلى مدينة رام الله. مع هذا الانتقال انتقلت أيضاً وغابت هيبة المدينة، لاشتغال الطبقة السياسية والثقافية الفلسطينية عنها وعن قضاياها بفعل صراعات البقاء وصراعات إبقاء السلطة والبقاء فيها، حتى وإن تغنى أفراد هذه الطبقة بالقدس وبرمزيتها.
في المقابل، لم تتوقف دولة الاحتلال يوماً، عن الاشتغال بالقدس، والتخطيط لسلب أكبر مساحة ممكنة من أراضيها، وبناء الأحياء الاستيطانية فيها، وحشر أهلها في أحياء ضيقة وفقيرة، مرتبطة كلياً بعجلة اقتصاد بلدية الاحتلال وبحركة تجارية محدودة للغاية. وبات أخطر ما تواجهه المدينة وأهلها في العقدين الأخيرين، هو المخطط الإسرائيلي لأسرلة الوعي الفلسطيني في المدينة وتحويل فضائها الفلسطيني إلى مجرد فضاء يتكلم العربية لغة، تُمارس فيه جوانب فلكلورية عربية يمثلها سوق القدس داخل أسوارها العتيقة من دون امتداد وطني أو قومي حضاري. وحتى المراكز القليلة الفاعلة فيها، وغالبيتها مراكز حقوقية، فهي مراكز قامت بمبادرات فردية وبفضل جهد فردي، على الأغلب، من دون أي دعم فلسطيني رسمي لهذه المراكز، ومن دون وضع أي برامج ومخططات تمكّن الناس من مواصلة الصمود والثبات فيها.