استئناف معركة الموصل القديمة... وتحييد السلاح الثقيل

استئناف معركة الموصل القديمة... وتحييد السلاح الثقيل

29 مارس 2017
نازحون ينتظرون للحصول على مساعدات (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -
استأنفت القوات العراقية، أمس الثلاثاء، العمليات العسكرية في منطقة الموصل القديمة، بعد توقف دام لعدة أيام، على خلفية مقتل مئات المدنيين، بقصف عنيف نفذته طائرات التحالف الدولي وتكدس نحو ربع مليون مدني في أحياء أخرى. وشهدت غرف قيادة العمليات المشتركة حالة من الفوضى والارتباك، خلال اليومين الماضيين، بعد الكشف عن مقتل مئات المدنيين في منطقة الموصل الجديدة، إذ ألقى ضباط عراقيون باللوم على طيران التحالف الدولي في ارتكاب المجزرة، بينما حاول التحالف الدولي التنصل من مسؤولية ما جرى، مؤكداً تنفيذه غارات جوية استناداً إلى معلومات يقدمها ضباط عراقيون يديرون العمليات العسكرية على الأرض. وقال رئيس أركان الجيش الأميركي، الجنرال مارك ميلي، بعد لقائه رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أول من أمس، إن ثمة محققين في الموصل للتحقيق فيما إذا كانت ضربة نفذتها قوات التحالف أم متفجرات زرعها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) سببت انفجاراً كبيراً دمر مباني وقتل المئات. 

وقال قائد عمليات نينوى، اللواء الركن نجم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات العراقية تعمل على التخلص من الورم"، في إشارة إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وأضاف أن "العمليات العسكرية تهدف إلى تحرير المدينة القديمة، والتقدم صوب الأحياء الأخرى، بهدف إكمال المهمة"، لافتاً إلى أنه "تم تحييد السلاح الثقيل من المعركة". وأكدت مصادر عسكرية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أن "قيادة العمليات المشتركة أصدرت أوامر مباشرة إلى القوات الأمنية العراقية تقضي بالتوقف عن استخدام المدافع الثقيلة والصواريخ محلية الصنع، والتي بحوزة قوات الشرطة الاتحادية ومليشيات الحشد (الشعبي) التي تساندها في معارك غرب الموصل، والاعتماد على أسلوب حرب الشوارع، عبر استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية المحمولة على الكتف، ونشر مئات القناصة فوق المباني المطلة على المدينة القديمة وسط الساحل الأيمن للموصل، مع استئناف المعارك".

وتأتي هذه الخطة بعد أن قررت قيادة العمليات المشتركة مراجعة خططها العسكرية خلال هجومها على منطقة الموصل القديمة، خصوصاً أن عدداً كبيراً من المدنيين يقتلون يومياً بسبب المعارك، واتخاذ تنظيم "داعش" المدنيين دروعاً بشرية، في حين يبقى أكثر من ربع مليون شخص محاصرين داخل أزقة الموصل القديمة والمناطق الأخرى التي ما تزال تحت سيطرة "داعش" في الموصل. وقال المقدم في قوات الرد السريع، عبد الأمير المحمداوي، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات الشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع شرعت بعملية عسكرية جديدة في منطقة الموصل القديمة، وفي حال تعذر تحقيق تقدم سيصار إلى الالتفاف عليها والتقدم نحو أحياء أخرى لعزل المنطقة بشكل كامل عن باقي أحياء المدينة". وينبغي على القوات العراقية السيطرة على 12 حياً سكنياً قبل الإعلان عن حسمها المعركة، وهي أحياء الموصل القديمة، والزنجيلي، والعربي، والنجار، والرفاعي، والثورة، والعروبة، والإصلاح الزراعي، والهرمات، وحاوي الكنيسة، ومشيرفة، والمطاحن، ويقطنها، بحسب مصادر حكومية عراقية، ما بين 250 إلى 300 ألف نسمة، إلا أن منظمات ومسؤولين محليين يؤكدون أنها تصل إلى 500 ألف شخص من سكان غرب الموصل.

واضطرت آلاف الأسر إلى النزوح باتجاه مناطق جنوب غرب الموصل، بسبب اشتداد المعارك والقصف العشوائي المتبادل بين القوات الأمنية العراقية وعناصر تنظيم "داعش"، فضلاً عن تعرض العوائل المحاصرة للجوع والعطش، بعد نفاد ما بحوزتهم من مؤونة منذ بداية العمليات العسكرية في غرب الموصل. وأشارت تقارير لمنظمات دولية إغاثية إلى أن "عدد النازحين من مناطق غرب الموصل وصل إلى أكثر من 214 ألف شخص، منذ انطلاق العمليات العسكرية الشهر الماضي، وهم يعانون من شظف العيش، لافتقادهم إلى أبسط مقومات الحياة كالغذاء والدواء". ونتيجة لتفاقم أوضاع النازحين من مدينة الموصل، وعدم قدرة المخيمات على استيعاب المزيد منهم، فقد أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية عن افتتاحها مخيماً جديداً، أطلقت عليه اسم "مخيم جدعة 5"، ويقع جنوب الموصل، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من النازحين الفارين من مناطق القتال في غرب الموصل. وأعلن المسؤولون عن مخيمات النازحين في مناطق حمام العليل والخازر وصول المخيمات إلى أقصى طاقتها الاستيعابية، وعدم قدرتها على استقبال المزيد من النازحين.

وقال رئيس منظمة "رسل السلام" العراقية، الدكتور عبد اللطيف سعدي، إن نحو 3500 مدني قتلوا في الساحل الأيمن للموصل، غالبيتهم نتيجة القصف الجوي والمدفعي، مشيراً، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى وجود نحو 11 ألف جريح أيضاً، و"هذه نسبة كبيرة تختصر صورة المعركة وعدم مبالاة المشاركين فيها بحياة السكان". وتابع "جميع تلك الأرقام تخمين، أو محاولة للاقتراب من الواقع، والرقم الصحيح للضحايا غير معروف، فالقوات العراقية تفرض حظراً على الجميع، خصوصاً في ما يتعلق بالقتلى المدنيين، لذا نحن نعطي الحد الأدنى من الضحايا وليس الأعلى".