تشريع مصري لتجريم الإضرابات العمالية وتقنين عمالة الأطفال

تشريع مصري لتجريم الإضرابات العمالية وتقنين عمالة الأطفال

27 مارس 2017
عاملان مصريان في فرن بالقاهرة (كريس ماكغراث/Getty)
+ الخط -

لم تعمل الحكومة المصرية على معالجة الثغرات المتعلقة بـ"قانون العمل"، وبدلاً من تعديل المواد التي رفضها العمال بالقانون الحالي، سارعت إلى إعداد مشروع جديد يُخالف الدستور في بعض مواده، إذ قنّن عمالة الأطفال دون السن القانوني، وجرّم تنظيم الإضراب، الذي كفله الدستور.

وناقشت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب مواد القانون المقدم من الحكومة، في ثلاثة اجتماعات متتالية، بالاشتراك مع لجنتي الشؤون التشريعية، والخطة والموازنة. ولا تسري أحكام القانون على العاملين بالجهاز الإداري للدولة، والهيئات العامة، وعمال الخدمة المنزلية، بل على العاملين بالقطاع الخاص.

ومنح القانون أصحاب الأعمال الحق في فصل أي عامل، في حال تقاعسه عن أداء عمله، شرط إعطائه حقوقه ومستحقاته المادية، وتوقيع غرامة لا تزيد على 10 آلاف جنيه (554 دولاراً اميركياً) عند الإضراب، من دون التفاوض مع صاحب العمل، وحظر الدعوة للاعتصام أو الإضراب في المنشآت الاستراتيجية أو المتعلقة بالأمن القومي أو بالخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين.

واشترط القانون ضرورة إخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة، قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام على الأقل، من خلال كتاب مُسجل وموصى عليه بعلم الوصول، على أن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب، وتاريخ بدايته، ونهايته، وحظر دعوة العمال للإضراب بقصد تعديل اتفاقية عمل جماعية أثناء مدة سريانها.

عضو تكتل (25 – 30)، البرلماني خالد شعبان، قال لـ"العربي الجديد"، إن "المشروع المطروح غالى في إجراءات الفصل التعسفي، ولم يضع ضمانات عادلة لحقوق العاملين، بعد أن رضخت الحكومة لمطالب رجال الأعمال المسيطرين على القطاع الخاص"، مشيراً إلى "صعوبة تمرير القانون في صورته الحالية، وضرورة إدخال لجنة القوى العاملة لتعديلات تنحاز للعمال".

وأضاف شعبان أنه "من ضمن مساوئ القانون عدم ضمان تمثيل الشركات أو المصانع بكياناتها النقابية، إذ لم يُنظِم إجراءات الانتخابات النقابية، التي يجب أن تحظى بثقة العمال، لا أن تُفرض عليهم من صاحب العمل، في ظل دورها الهام لتقليل حدة الإضرابات، كونها حلقة الوصل بين الإدارة والعاملين".



وتحفظ على ارتباط الحد الأدنى للأجور بمبلغ 1200 جنيه (67 دولاراً)، قائلاً إنه "ارتبط حين وضعه بسعر الدولار، الذي كان يُعادل 6 جنيهات، بينما قفز أخيراً إلى أكثر من 18 جنيهاً، ما يستلزم إعادة النظر في الحد الأدنى في مواجهة موجة الغلاء الأخيرة، ومعاناة المواطنين من ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية".

واختص القانون المجلس القومي للأجور (حكومي)، بوضع قيمة الحد الأدنى وقواعد صرف العلاوة الدورية، المحددة بـ7 في المائة سنوياً، مع النصّ على ربط الأجر بالإنتاج، وسداد الأجر مرة على الأقل كل شهر للمعينين، ومرة أسبوعياً للعاملين بالإنتاج.

وعن ربط الأجر بالإنتاج، اعتبر عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان، فايز أبو خضرة، أنها "فلسفة مُطبقة في أغلب دول العالم، للقضاء على ظاهرة تراخي الموظفين عن أداء أعمالهم، وتحسين الخدمة المقدمة إلى الجمهور، حتى يبذل العامل قصارى جهده للحصول على دخل أعلى، بشرط إلزام صاحب العمل على ضمان حقوقه، وعدم الجور عليها".

وأضاف أبو خضرة، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "استثناء عمال الخدمة المنزلية من أحكام القانون تمييز واضح يرفضه الدستور، لأنهم شريحة في المجتمع ولا يجب حرمانهم من حقوقهم وتركهم لنظام السخرة"، موضحاً أن اللجنة ترى "ضرورة إدراجهم ضمن الفئات التي يشملها القانون، أسوة بالعمالة الأجنبية".

وأشار إلى أن "مناقشات القانون قد تستغرق شهرين كاملين قبل إقراره في صورته النهائية، نظراً لخضوع مواده للدراسة باللجنة المختصة، واستعراض المقترحات المقدمة من النواب على نصوصه"، لافتاً إلى "حالة الرفض الواسعة داخل اللجنة للنص الخاص بتدريب الأطفال عند سن 13 عاماً".

وأوضح أبو خضرة أن "المادة 26 من القانون تُخالف المواثيق الدولية والدستور المصري، الذي ألزم الدولة بحق الطفل في التعليم، إذ سمحت بعمالة الأطفال تحت مسمى: تدريب الطفل على مهنة أو صنعة في عمر 13 عاماً"، مشيراً إلى أن "المادة تُحرّض الأطفال على ترك مدارسهم، والعمل في الورش والمصانع".

ونص القانون على "تشغيل الطفل لست ساعات يومياً، تتخللها فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة، لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة، وعدم تشغيله ساعات عمل إضافية أو في أيام الراحة الأسبوعية، والعطلات الرسمية، مع حظر تشغيله ما بين الساعة السابعة مساءً والسابعة صباحاً".

النائب عن حزب مستقبل وطن، عبد الفتاح محمد، قال إن "تقنين عمالة الأطفال تعد صارخ على حقوقهم، ويُخالف المواثيق والاتفاقيات الدولية المرتبطة بحقوق الطفل"، مشدداً على "حق لجنة القوى العاملة في حذف النص أو تعديله، بحيث يُشترط للتدريب إتمام السن القانوني للعمل المحدد بـ18 عاماً في الدستور".

ورفض محمد الإبقاء على النص في القانون الجديد، لأنه "سيفتح مجالاً لتشغيل أعداد كبيرة من الأطفال، نظراً لتقاضيهم أجوراً أقل من البالغين"، معتبراً أن "قانون الحكومة لم يُحقق التوازن بين صاحب العمل وحق العامل، بل رفع مدة تواجد العامل بالمنشأة إلى 12 ساعة في اليوم، بدلاً من 10 ساعات في القانون الحالي".

المساهمون