قراءات روسية لزيارة لوبان إلى موسكو: تحدٍ لـ"الإستبلشمنت" الفرنسي

قراءات روسية لزيارة لوبان إلى موسكو: تحدٍ لـ"الإستبلشمنت" الفرنسي

25 مارس 2017
زيارة لوبان "ليست حماقة أو جرأة" (كيريل كودريافيتسيف/فرانس برس)
+ الخط -



أثارت زيارة زعيمة "الجبهة الوطنية" اليمينية المتطرفة مارين لوبان، إلى موسكو، ولقاؤها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تساؤلات حول دوافع المرشحة للانتخابات الرئاسية في فرنسا من الزيارة، ومدى واقعية فوز شخصية غير مدعومة من "الإستبلشمنت"، تكراراً لفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، برئاسة الولايات المتحدة.

ووصفت صحيفة "فزغلياد" الروسية، اليوم السبت، زيارة لوبان إلى موسكو، بأنّها ليست "حماقة أو جرأة"، وإنّما "الخطوة الممكنة الوحيدة من وجهة نظر التكنولوجيا السياسية في حملتها الانتخابية".

واعتبرت الصحيفة أنّه "في ظل هزيمتها (لوبان) شبه الحتمية، لا داعي للبحث عن أصوات إضافية لليساريين، ولكن إظهار الإصرار والمبدئية قد يكون في صالحها".

وذكّرت الصحيفة بأنّ العام 2016، تميّز بمجموعة من الانتصارات لمناهضي العولمة "غير النظاميين" في الغرب، تُوّجت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وفوز ترامب بالرئاسة الأميركية، بينما يحاول أنصار العولمة استعادة مواقعهم هذا العام، وبدأوا بنجاحهم في الانتخابات الأخيرة في هولندا، في حين تبقى انتخابات الرئاسة الفرنسية الحدث الأهم والمنتظر.

وأشارت الصحيفة الروسية، إلى أنّ "الإستبلشمنت" الفرنسي، لا يخفي رهانه على المرشح المستقل المنتمي لتيار الوسط إيمانويل ماكرون، في وقت تم "استبعاد وتشويه" صورة مرشح اليمين الوسط "صديق بوتين" فرانسوا فيون، والذي كانت تؤخذ عليه "براغماتيته وقناعته بضرورة تطبيع العلاقات مع روسيا".

وبعد تراجع فرص فيون، تشير استطلاعات الرأي في فرنسا، إلى أنّ المنافسة الرئيسية ستكون بين ماكرون ولوبان، وسط إجماع الخبراء على ضعف فرص زعيمة "الجبهة الوطنية". وخلصت الصحيفة إلى أنّه "في هذا الوضع شبه المحكوم عليه"، لا داعي للوبان أن تحاول إظهار الولاء لـ"الإستبلشمنت" الفرنسي، أو إثارة إعجاب الأوساط اليسارية للناخبين عن طريق تخفيف لهجتها.

وأشارت في هذا السياق، إلى أنّ "التلاعب" كان سيعرّض لوبان لخطر خسارة دعم "النواة الصلبة" من ناخبيها، دون الحصول على أصوات إضافية من الفئات الأخرى، بينما إظهار موقفها بوضوح قد يزيد من تعبئة أنصارها، ويثير إعجاب أشخاص آخرين بـ"رفضها للحلول الوسط وجرأتها واستعدادها للدفاع عن قناعاتها حتى النهاية".

وختمت الصحيفة بخلاصة مفادها، أنّه في حال صدقت التوقعات وخسرت لوبان سباق الانتخابات الرئاسية الفرنسية، فإنّها حتى في هذه الحالة "لن تخسر شيئاً، بل ستثبت مرة أخرى التزامها بمبادئها، وقد يكون ذلك عاملاً هاماً للنجاح في انتخابات أخرى، لأنّ السياسة سباق لمسافة طويلة".

من جانب آخر، اعتبرت صحيفة "غازيتا رو" الإلكترونية، في مقال بعنوان "بوتين يجعل لوبان وسطية"، أنّ زيارة مرشحة اليمين المتطرّف إلى موسكو، قد تساعدها في الحصول على تأييد ناخبين يساريين.

وأوضحت الصحيفة، أنّ الجزء الأكبر من ناخبي لوبان في فرنسا، يمثّلون الطبقات المهمّشة والعمال، وهم يستجيبون بشكل جيد للوعود بتسوية أزمة المهاجرين، وحلّ المشكلات الاقتصادية.

"بوتين يجعل لوبان وسطية"/ميخائيل كليمنتييف/getty 

ونقلت الصحيفة عن مدير مركز البحوث الفرنسية في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، يوري روبينسكي، قوله إنّ "لوبان تمكّنت من تحويل أنظار المجتمع من تمثيلها حزباً متطرّفاً، إلى المشكلات التي تواجهها فرنسا بسبب أزمة الهجرة".

وفي السياق، رجّح مدير مركز البحوث الأوروبية والدولية التابع للمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو تيموفي بورداتشوف، أنّ زيارة لوبان إلى روسيا، لن تبعد عنها مؤيديها الحاليين المعنيين بالدرجة الأولى بحلّ مشكلات فرنسا المتعلقة بالهجرة غير الشرعية من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل هي "محاولة لجذب الناخبين اليساريين المعنيين بمشكلات أخرى".

وقال بورداتشوف لـ"غازيتا رو"، إنّ "هناك العديد من الفرنسيين البسطاء، عارضوا السياسة الأميركية حيال الاتحاد الأوروبي وروسيا، وازدادت نسبة الراغبين في رفع العقوبات عن موسكو. تحاول زعيمة الجبهة الوطنية اللعب على مشاعر هؤلاء".

وأشارت الصحيفة، إلى أنّ دعم موسكو للوبان "قد يثير مخاوف في فرنسا وبلجيكا على حدّ سواء، إذ عرفت مرشحة اليمين المتطرف بدعمها لخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، والتخلّي عن اليورو ودعواتها إلى تطبيع العلاقات مع موسكو، واعترافها بانضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا".

ونقلت "غازيتا رو" عن نائبة أوروبية ألمانية قولها، إنّ "روسيا تعتبر أنّ الاتحاد الأوراسي (روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقرغيزيا) فكرة مغرية أكثر من الاتحاد الأوروبي، ولذلك تراهن على من يريد تدمير الاتحاد الأوروبي".

وكانت لوبان قد زارت موسكو، يوم الجمعة الماضي، بدعوة من لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما (النواب) الروسي، ولكنّها لم تلتق مع نواب روس فحسب، وإنّما أيضاً مع بوتين.

وأشار الرئيس الروسي، خلال اللقاء، إلى أهمية العلاقات مع فرنسا، مؤكداً أنّ روسيا تتواصل مع ممثلي السلطة الحالية والمعارضة على حدٍّ سواء "دون الرغبة في التأثير على الأحداث"، على حدّ قوله.