القضاء عقبة جديدة أمام المجلس الرئاسي الليبي وحكومته

القضاء عقبة جديدة أمام المجلس الرئاسي الليبي وحكومته

24 مارس 2017
محكمة استئناف طرابلس عطّلت اتفاق الهجرة مع إيطاليا(محمود تركية/AFP)
+ الخط -
لئن ووجهت قرارات محكمة استئناف مدينة البيضاء، شرق البلاد، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والقاضية ببطلان قرارات المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بعدم الاكتراث من قبل المجلس، لجهة أن المحكمة تقع في أراض يسيطر عليها خصومه؛ فإن قرارات أخرى متوالية من المحكمة ذاتها، بمقرها في طرابلس، بدأت تشكّل ضعطًا جديدًا على المجلس الرئاسي وإمكانية بقائه في السلطة.

وقضى أول أحكام محكمة استئناف طرابلس، في يناير/كانون الثاني الماضي، بإلغاء قرار المجلس الرئاسي بتشكيل اللجنة التسييرية للشركة العامة للكهرباء، بعد أن تقدمت الشركة بطعن فيه أمام القضاء. ويبدو أن هذه الجرأة، التي تحلى بها قضاة المحكمة، شجعت مؤسسات سيادية أخرى، مثل المؤسسة الليبية للاستثمار، والتي تدير أصولًا مالية بقيمة 67 مليار دولار، على التوجه للقضاء، إذ حصلت الأخيرة على حكم مماثل في الشهر ذاته، ومن المحكمة ذاتها، يقضي ببطلان قرار الرئاسي بتعيين إدارة جديدة لها. مع العلم، أن المجلس الرئاسي عمل على إعادة هيكلة المؤسسة الليبية للاستثمار.

أمّا الضربة الثالثة التي وجّهت إلى المجلس الرئاسي، فقد كانت يوم الأربعاء الماضي، عندما أصدرت المحكمة قرارها بوقف نفاذ اتفاق المجلس الرئاسي مع إيطاليا، والمتعلق بالهجرة غير الشرعية، إلى حين البت في أمره بحكم قضائي.



وإن علّلت وزارة عدل حكومة الوفاق، في بيان لها أمس الخميس، الأمر بأن القضية لا تزال منظورة أمام القضاء، وأن الحكم الصادر في الشق المستعجل يقضي بوقف نفاذها إلى حين صدور الحكم؛ إلا أن توقيت صدور الحكم وتداوله بشكل واسع شكل ضربة قاسية للحكومة، التي كان رئيسها عائدًا من روما ممثلًا لبلاده في مؤتمر دولي حضره ممثلو دول شمال وجنوب المتوسط لمكافحة الهجرة غير الشرعية. وعلى هامش المؤتمر، تمّت مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق مع الجانب الإيطالي الذي أعلن عن منح ليبيا ثلاثة زوارق بحرية لدعم قدراتها في مجال مكافحة الهجرة.

إعلان المحكمة عن قبول الطعن المقدم من عدد من المحامين والقانونيين الليبيين، وأبرزهم وزير العدل السابق، صلاح المرغني، يعني الاقتراب من قبول الطعن كليًّا، وإبطال الاتفاقية برمّتها، الأمر الذي قد يوقع حكومة الوفاق في مأزق يتعلق باحترامها لالتزاماتها مع دول العالم من جهة، سيما المؤيدة لها كإيطاليا، واحترام أحكام القضاء من جهة ثانية.

ونصّت مذكرة الطعن المقدمة بشكل صريح على أسانيدها، ومنها ممارسة المجلس الرئاسي للسلطة رغم عدم نيله ثقة البرلمان، وتشكّله من خلال أعضاء تتضارب توجهاتهم، مما سبب تعليق بعضهم لعضوياته، بالإضافة لمخالفة الاتفاق الجديد لنص اتفاقية الصداقة الإيطالية الليبية المبرمة في عام 2008.

ورتبت مذكرة الطعن على عدم نيل المجلس الرئاسي ثقة البرلمان؛ عدمَ شرعية وزراء حكومة الوفاق، وانتحالَهم صفات سياسية وقانونية لا يمتلكونها، بالإضافة إلى أن الاتفاق الموقع بين المجلس الرئاسي وإيطاليا فتح الباب لتوطين المهاجرين غير الشرعيين في البلاد، ما يعرض النسيج الليبي للخطر، ويعرضهم للانتهاكات والتعذيب في مراكز الإيواء، فى ظل هشاشة أجهزة الدولة.


وان كانت هذه هي الأسباب التي حدت بالمحكمة إلى وقف نفاذ الاتفاق، إلى حين النظر كليًّا فيه؛ فإنه، ولا شك، يعرّض المجلس الرئاسي وحكومته لضغوط متزايدة حول شرعيته وقانونية وجوده، وينسحب ذلك أيضًا على كل القرارات الصادرة عنه، والتي لم يحكم فيها القضاء بعد، ولا تزال منظورة أمامه.

ومن أبرز القضايا التي لا تزال منظورة أمام القضاء؛ قضية الترتيبات المالية التي انبثقت عن اجتماعات مكثفة جمعت محافظ البنك المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، وحكومة الوفاق، من أجل تسييل ميزانية تسييرية تمكن الحكومة من إدارة عجلة عملها، بعد أن امتنع البرلمان عن منحها الثقة لمباشرة أعمالها، وحصولها على الأموال اللازمة. تلك أيضًا قضية قد تفتح الباب على مصراعيه أمام شرعية استمرار محافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، في شغل منصبه، بعد صدور قرار من البرلمان بإقالته منذ عام 2014.