إسرائيلي وراء تهديد المراكز اليهوديّة عبر العالم... والدافع "مجهول"

إسرائيلي وراء تهديد المراكز اليهوديّة عبر العالم... والدافع "مجهول"

23 مارس 2017
الشرطة الإسرائيلية اعتقلت المتّهم بعد عامين من نشاطه(فرانس برس)
+ الخط -
لم تكن حملة التهديدات التي طاولت مئات المراكز اليهوديّة عبر العالم كما صوّرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية تحديدًا، والعالميّة على حدّ سواء، والتي تابعت القضيّة باهتمام بالغ كان يطغى، في أحيان كثيرة، على قضايا مثل كراهية المسلمين وعداء الأقلّيات، لا سيما مع صعود دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتّحدة. تلك التهديدات، التي واكبتها مجدّدًا مزاعم "معاداة الساميّة"، اتّضح أخيرًا، بالنسبة لأكثر من جهاز استخباراتي عبر العالم، أنّ مصدرها واحد، وهو إسرائيل، قبل أن تكشف الشرطة الإسرائيلية، اليوم الخميس، أن من يقف وراءها هو مراهق إسرائيلي "مجهول الدافع"، بحسب زعمها.


ووفقًا لما نقلته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم، فإن الشرطة الإسرائيلية ألقت القبض على إسرائيلي في التاسعة عشرة من عمره، ويحمل أيضًا جواز سفر أميركيًّا، بعد أن خلصت تحقيقاتها إلى أنّه كان المسؤول عن إطلاق تلك التهديدات "الوهميّة" للمراكز والمعابد اليهوديّة عبر العالم، مضيفة أنّه سيظلّ رهن الاعتقال لمدّة أسبوع، إلى حين البتّ في القضية.


وتعقيبًا على ذلك، قال وزير العدل الأميركي، جيف سيشنز، إن هذا الاعتقال "ينمّ عن عزم الحكومة الأميركية على عدم التسامح مع جرائم الكراهية"، مضيفًا: "أشيد بمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) والشرطة الإسرائيلية لما قاموا به من عمل رائع في هذه القضية".



وذكرت "هآرتس" أن وحدة الهجمات الإلكترونية في الشرطة الإسرائيلية اعتقلت المتّهم بعد أن تلقّت معلومات من الـ"إف بي آي"، وغيرها من سلطات إنفاذ القانون في العالم، وضبطت أيضًا أجهزة الحاسوب وغيرها من الأدوات التي أتاحت له إطلاق تلك التهديدات بطريقة صعّبت من مهمة الشرطة في تحديد موقعه، بحسب زعمها.


وأضافت الصحيفة أن المشتبه به كان يعيش في إسرائيل منذ عدّة سنوات، وأن الجيش رفض تجنيده بعد أن وجده "غير صالح للخدمة"، مضيفةً أن دافع المتّهم ما زال "مجهولًا"، غير أنّ الشرطة اتّهمته بمئات الحوادث التي تضمّنت إطلاق تهديدات لمؤسسات يهوديّة حول العالم على مدى سنتين أو ثلاث سنوات.


وبحسب الصحيفة أيضًا، فإن المشتبه لا يبدي نيّة للتعاون مع الشرطة، وقد رفض منح الإذن بتفتيش حاسوبه، موضحة أنّه كان يتلقّى تعليمه في منزله من قبل والديه، ولم يسبق أن تلقّى تعليمًا خارج المنزل، فيما يحاول المحققون أيضًا تحديد ما إذا كان المشتبه به قد تلقّى أموالًا تتعلّق بالتهديدات.


ويعود الحادث الأول، المنسوب إلى المتّهم، إلى عام 2016، حينما تلقّت مؤسسة يهوديّة في نيوزيلندا مكالمة تتضمّن بعض التهديدات، وقد اكتشفت الشرطة في البلاد، لاحقًا، أن مصدرها إسرائيل. وفي العام نفسه، وقع حادث مماثل في أستراليا، وكانت إسرائيل أيضًا هي المصدر. وعلاوة على ذلك، تعرّض 16 مركزًا يهوديًّا في تسع ولايات أميركية إلى تهديدات مماثلة، وعلى أثرها سلّم مكتب التحقيقات الفيدرالي الشرطة الإسرائيلية تقريرًا حولها، بعد أن توصّلت إلى أن مصدرها جميعا هي إسرائيل.


وأضاف تقرير الصحيفة الإسرائيلية أنّ وكالة "تلغراف" اليهوديّة حصلت على إحدى المكالمات المنسوبة إلى المتّهم، وكان فحواها: "إنها قنبلة (سي 4)، تحتوي على الكثير من الشظايا، ويغلفها كيس. خلال وقت قصير، الكثير من اليهود سيذبحون، سوف تنفجر رؤوسهم من الشظايا، هناك الكثير من الشظايا. سيكون هناك حمام دم في وقت قصير. أعتقد أنني أخبرتكم بما فيه الكفاية. عليّ أن أذهب".


ورغم علامات الاستفهام الكثيرة التي يمكن أن تثار حول هذه القضيّة، لا سيّما ادّعاء الشرطة بأن الدافع وراءها "مجهول"، واتّخاذ المتّهم المراكز اليهوديّة، دون سواها، هدفًا له، فضًلا عن أن المتّهم، بحسب التقرير، كان يزاول نشاطاته منذ عامين دون أن تنجح شرطة الاحتلال في تحديد موقعه، وهو أمر لا يحدث في وقائع أخرى، إلا أن المهم، في سياق المعلومات المتوفّرة، هو السلوك الإعلامي والسياسي الذي رافق القضيّة منذ بداياتها، لا سيما أنّها، على هشاشتها، تفاعلت إلى درجة أن ترامب خرج بنفسه ليستنكر الأمر، قائلًا: "التهديدات المعادية للسامية التي تستهدف الجالية اليهودية والمراكز اليهودية مروعة ومؤلمة"، وهو ما استثمره أيضًا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته معبدًا يهوديًّا في أستراليا الشهر الماضي، حينما صرّح قائلًا: "من المهم جدًّا أن الرئيس ترامب اتخذ موقفًا قويًّا ضد معاداة السامية، ومن المهم أن نواصل جميعا ذلك في السنوات المقبلة".


ولربّما تصبح هذه المعطيات ذات دلالة إذا ما استذكرنا، في السياق المذكور، تصريحات نتنياهو عقب الهجمات التي استهدفت صحيفة "شارلي إيبدو" والمتجر اليهودي في فرنسا قبل عامين، حينما انتهز حالة الخوف التي عاشها يهود فرنسا، على أثر الهجمات، لدعوتهم من أجل الهجرة إلى إسرائيل، وتسويق الخطاب الإسرائيلي عن "الإسلام الراديكالي"، وهو المصطلح الذي تبنّاه ترامب لاحقًا.


(العربي الجديد)