قلق إسرائيلي من تبعات معركة الموصل: نفوذ إيران يكبر

قلق إسرائيلي من تبعات معركة الموصل: نفوذ إيران يكبر

19 مارس 2017
الحسم بالموصل سيضفي شرعية على دور طهران(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
تجاهر إسرائيل بمخاوفها من تداعيات نهاية حرب الموصل التي تلوح في الأفق، وتنطلق من افتراض مفاده بأن هذا التطور سيؤثر بشكل كبير على أمنها "القومي" بما يستدعي التحسّب لمواجهة هذه التداعيات. وترى إسرائيل أن حرب الموصل التي ستنتهي بهزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ستفضي إلى نتيجتين سلبيتين؛ الأولى تتمثل في تعزيز الوجود الإيراني في الفضاء الممتد من إيران وحتى حوض البحر الأبيض المتوسط، وتتمثل النتيجة الثانية في إمكانية أن يتوجه مقاتلو "داعش" الذين سيخسرون موطئ قدمهم في الموصل، إلى مناطق عدة بسورية وصحراء سيناء ليعززوا مصادر "التهديد الجهادي" للعمق الإسرائيلي.

ويتوقع الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي والرئيس السابق للواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، الجنرال يعكوف عامي درور، أنْ يفضي انتهاء معركة الموصل إلى تحول "جيو-استراتيجي" بالغ التعقيد بالنسبة لإسرائيل. ويرى أن تأدية الإيرانيين والجماعات العراقية التي تعمل تحت تأثيرهم، للدور الأبرز في حسم المعركة البرية ضد "داعش" سيضفي شرعية على الدور الذي ستضطلع به طهران في كل من العراق وسورية ولبنان. وفي مقال نشره موقع صحيفة "يسرائيل هيوم"، أمس السبت، يوضح درور أن قرب اندلاع معركة القضاء على "داعش" في معقله في الرقة و"الإنجازات الميدانية" التي حققها نظام بشار الأسد في سورية، والمفاوضات التي تهدف للتوصل لتسوية للصراع بين نظام الأسد ومعارضيه برعاية روسية، كلها عوامل تساعد الإيرانيين و"الجماعات الشيعية" وعلى رأسها حزب الله، على "تطبيع" وجودهم في سورية بقبول دولي. ويشير إلى أن ما يزيد الأمور تعقيداً حقيقة أن الدور الذي يمكن أن يؤديه "المعسكر السني المعتدل" في مواجهة هذا السيناريو محدود جداً. وحسب الجنرال الإسرائيلي، فإن الإيرانيين شرعوا بالفعل في الإعداد لمرحلة ما بعد الموصل وإنجاز التسوية في سورية، عبر محاولة مأسسة وتجذير وجودهم في هذا البلد من خلال النفاذ بشكل مستقل إلى حوض البحر الأبيض المتوسط.


وفي هذا الصدد، يشير درور إلى أن الإيرانيين يسعون بجدية لتدشين ميناء مستقل وخاص بهم على ساحل سورية الشمالي. ويرى أن دوائر صنع القرار في تل أبيب باتت مطالبة بالتحرك بكثافة لدى روسيا وإقناعها بعدم السماح بإضفاء شرعية على وجود إيران وحزب الله العسكري في سورية بعد التوصل للتسوية الشاملة. ويعتبر أن الروس هم الوحيدون القادرون على إحباط هذا السيناريو. ويضيف أن الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لموسكو هدفت بشكل أساس إلى استباق انتهاء معركة الموصل والتوصل لتسوية شاملة بشأن سورية من خلال محاولة إقناع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بمراعاة "الخطوط الحمراء" لإسرائيل في أية تسوية للصراع في سورية. لكن درور في المقابل، لا يستبعد أن تلجأ إسرائيل إلى الخيار العسكري لمواجهة تبعات أي تسوية في سورية تفضي إلى "تشريع" الوجود الإيراني في سورية. وفي ما يتعلق بخطر "داعش" بعد الموصل، فيرى الجنرال الإسرائيلي أن هذا العامل سيتحول إلى تحد أكثر تعقيداً بالنسبة لإسرائيل بما يوجب تكثيف التعاون الدولي لمواجهته، وفق تعبيره. ويرى المدير العام لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية، حجاي تشورئيل، أن معركة الموصل ستعزز ما سماه "الهلال الشيعي" وستضمن وصول الإيرانيين إلى حوض البحر الأبيض المتوسط. وبيّن أن إيران في الوقت نفسه تريد السيطرة على مضيق باب المندب من خلال الحوثيين في اليمن.

وفي مقابلة نشرها موقع صحيفة "معاريف"، أمس، رأى تشورئيل أن إسرائيل مطالبة بوضع حد لسياستها القائمة على عدم التدخل بما يجري في سورية، مطالباً بتكثيف "التأثير الفاعل" على مجريات الأمور هناك. وفي هذا الصدد، يوضح وزير الاستخبارات والمواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن حكومته لا تكتفي، في سعيها للحفاظ على مصالحها في سورية، بالتواصل مع روسيا، بل تركز بشكل أساس على التنسيق مع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي تتفهم حاجة دولة الاحتلال إلى عدم السماح بموطئ قدم لإيران وحزب الله في سورية. وفي مقابلة أجرتها معه "قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة"، مساء الجمعة، أوضح كاتس أن واشنطن تتفهم أيضاً الجهود التي تبذلها إسرائيل لإحباط عمليات إرسال السلاح لحزب الله.

وهناك في تل أبيب من يبدي تفاؤلاً إزاء فرص تمكن حكومة نتنياهو من احتواء التداعيات "السلبية" لمعركة الموصل. ويشير المعلق العسكري الإسرائيلي، ألون بن دافيد، إلى أن هناك ما يشير إلى أن الجهود الإسرائيلية الهادفة لإقناع بوتين بتقليص دور إيران في سورية قد تسفر عن نتائج إيجابية في ظل اتساع دائرة الخلافات بين الروس والإيرانيين في هذا البلد. وفي تحليل نشرته "معاريف"، يوم الخميس، أشار بن دافيد إلى أن أوضح مظاهر الخلاف الروسي الإيراني تتمثل في إطاحة موسكو بمكانة قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري"، قاسم سليماني، الذي كان يقوم بدور رئيس في تحديد وجهة الأمور في سورية، مشيراً إلى أن الجنرال الروسي، ألكسندر زورابلوف، قد حل محله من ناحية عملية.