أثيل النجيفي لـ"العربي الجديد": الموصل سُلّمت لـ"داعش"

أثيل النجيفي لـ"العربي الجديد": الموصل سُلّمت لـ"داعش"

17 مارس 2017
هناك مكاتب لأحزاب ومليشيات تحاول استقطاب الشباب (يونس كيليس/الأناضول)
+ الخط -
اقتربت الحرب في الموصل العراقية من وضع أوزارها بعد نحو ستة أشهر على الحملة العسكرية التي أطلقتها بغداد، لاستعادة المدينة من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بدعم غربي واسع. وهو ما دفع الشارع العراقي إلى طرح العشرات من الأسئلة حول ظروف سقوط ثاني أكبر مدن العراق بعد بغداد، وما بعد مرحلة تحريرها من سيطرة التنظيم، الذي ترك إرثاً كبيراً من المشاكل التي قد تؤدي إلى أزمات أخرى في القريب العاجل. في هذا الصدد، حاورت "العربي الجديد" محافظ الموصل السابق، القائد الحالي لقوات حرس نينوى، أثيل النجيفي، الذي أعرب عن مخاوفه وآماله لمرحلة ينتظر جميع العراقيين ألا تكون أسوأ من سابقتها.

* كان لكم تصريحات تتخوفون فيها من عمليات تغيير ديمغرافي بعد تحرير الموصل، لكنكم لم توضحوا سبب تلك المخاوف؟
هناك تعمّد في إبعاد القوى الحقيقية من أهل الموصل أثناء عملية الدخول إلى المدينة والمشاركة في تثبيت استقرارها وأمنها وإعادة المجتمع إلى طبيعته، على حساب إعطاء جهات أخرى من خارج الموصل فرصة السيطرة عليها. واليوم هناك مكاتب لأحزاب شيعية معروفة ومليشيات مسلّحة داخل الموصل تحاول استقطاب الشباب بمختلف الطرق، وتفرض إرادتها بشكل واضح. كل هذا يحصل في الجانب الأيسر (الشرقي) للمدينة، أما في الجانب الأيمن (الغربي) فهناك تعمّد في تدمير المدينة واستخدام سلاح ثقيل للغاية وإجبار للناس على النزوح إلى خارج الساحل الأيمن. لذلك كل هذا هو من أسباب التغيير الديمغرافي، إضافة إلى أنه تم إعطاء نفوذ للمسلحين الشبك (مجموعة سكانية تسكن نحو 60 قرية في نينوى) في سهل نينوى. أما المسيحيون والمسلمون العرب والأكراد، فقد تمّ إقصاؤهم. المسلحون الشبك مدعومون من قبل بغداد ومن قبل منظمة بدر (إحدى فصائل الحشد الشعبي)، لذلك هناك مخاوف حقيقية من تغيير ديمغرافي أو جيوسياسي.

* لماذا يتم تحريك ملف سقوط الموصل بيد "داعش" قضائياً ولم يُستدع رئيس الحكومة السابق نوري المالكي للمحاكمة؟
كنت محافظاً للموصل، وأقول إن الموصل لم تسقط بل سُلّمت لداعش، فالشرطة الاتحادية لم تقاتل التنظيم، بل إنها وعلى مدى 3 أيام كانت تنسحب تدريجياً، على وقع تقدّم التنظيم إلى الساحل الأيمن ولم تطلق رصاصة واحدة. وبعدها انسحبت الشرطة من الجانب الأيمن مع سلاحها وذخيرتها، لينهار بعدها الساحل الأيسر. بالتالي فإن داعش تسلّم الموصل ولم يسقطها، لهذا لا أرى غرابة عندما أرى التدمير الذي يحدث الآن في المدينة. وهو استكمال لمشروع تدمير الموصل. وهو شعوري منذ اليوم الأول لدخول داعش، إذ قلت لمن كان معي في السيارة: أتوقع أن يكون البديل حرسا ثوريا بعدها. أما القضاء فلم يتحرك حتى الآن في هذا الصدد، وما جرى هو تشكيل لجنة تحقيق في البرلمان، كانت لعبة لجهات لا تعرف ما هو التحقيق ولا أصوله، وحاولت إثارة فوضى وإرباك الأوراق ويجب محاكمة المسؤولين عن ذلك.



* أنتم متهمون بترويج مشروع إقليم للموصل؟
طبعاً هناك نوع من التدليس، فحين أتحدث عن إقليم في نينوى أتحدث عن تشكيل قانوني وأتحدث عن حقوق دستورية أباحها الدستور العراقي لتنفيذها. ومن يقول إن الدعوة لإنشاء إقليم هي نوع من الانفصال أو التقسيم، ففي قوله تدليس للحقائق وتشويه للدعوة نفسها. نحن نتحدث عن تنظيم إداري للعراق، ونعتقد أن الإدارة المركزية المباشرة من بغداد لم تنجح خلال الفترة الماضية، بل تسببت بمشاكل في إدارة المؤسسات الموجودة خارج العاصمة. ولا بدّ من إعادة التنظيم الإداري وفقاً للدستور، الذي أقرّ أقاليم إدارية. مع العلم أن محافظة نينوى مقسمة إلى أقسام كثيرة، وما زال فيها أربع بؤر ساخنة، إذا لم يتم تنظيم الإدارة في هذه المناطق بشكل جديد ومختلف، سنجد مشاكل وصراعات كبيرة في المنطقة. والمناطق الساخنة هي سنجار وتلعفر والموصل وسهل نينوى.

* ماذا عن حرس نينوى؟
حرس نينوى من أهل نينوى، ومن أبنائها وعشائرها تطوّعوا لقتال داعش وإعادة الأمن لمدن المحافظة. حالياً لدينا لواء كامل مشترك في عملية إمساك الأرض شرقي الموصل لكن ليس داخل المدينة. ولواءان في المعسكرات. والقوة قادرة على أن تدخل الموصل وتمسك ملفها الأمني، لكننا حريصون على أّلا يكون دخولنا المدينة جزءاً من صراعات سياسية. وأعتقد أنه إذا لم يكن هناك اتفاق سياسي على دخول حرس نينوى ليطبّق الأمن وينشره بأسلوب مختلف عن أسلوب الجهات الحالية، كالجيش والشرطة والمليشيات التي تتبع نفس الأسلوب الذي كان قبل سقوط الموصل، فإننا أمام مشكلة حقيقية. ونعتقد أنه إذا دخل حرس نينوى فسيكون مختلفاً، ويعتمد على المواطن كجزء من المنظومة الأمنية ويعطيه ثقة بأن المواطن أقوى من الإرهاب، وأن الجهاز الأمني قادر على حمايته وإذا استطعنا ذلك سيكون الإرهاب ضعيفاً.

* إدارة محافظة نينوى الحالية متهمة بالضعف
لا توجد إدارة مدنية في محافظة نينوى ولا نقول ضعيفة بل معدومة، والناس لا تشعر أن هناك جهة مسؤولة عن إدارة شؤونها العامة وهذه مشكلة كبيرة. إدارة داعش كانت قاسية جداً، وتحكم بقبضة من حديد، وأعتقد بأن العواقب ستكون خطيرة وسيصعب على المدينة والمحافظة استعادة أنفاسها دون إدارة مدنية للمحافظة.

* هل أنتم مع حاكم عسكري للموصل؟
لا أفهم ما هو الحاكم العسكري وما هي صلاحياته كي يستطيع إدارة المحافظة. وقبل التحدث عن الحاكم العسكري، علينا أن نتحدث عن منظومة الأمن والجيش، ونسأل هل يستطيع هذا الحاكم فعلاً؟ ولهذا أعتقد بأن هناك حاجة فعلية لوجود التحالف الدولي قريباً من المحافظة ومن أي شخصية أو جهة تتولى إدارة الموصل، حتى يعطيهم الثقة بوجود قوة داعمة وقوية حتى تنفذ خطتها لخدمة المدينة وأهلها.



* هناك دمار واسع في الموصل كيف ستتصرفون؟
منذ مدة ونحن نبذل جهوداً للقاء بعض الدول العربية، خصوصاً الخليجية، لدعم المناطق المحررة، ليس الموصل فقط، بل كل المناطق المحررة من داعش. وهناك استجابة من هذه الدول لكنها تحتاج لآليات عمل واضحة، حتى تستطيع الدخول والمساهمة في الإعمار. ونحن حريصون على إيجاد تلك الآليات وتوفير الأجواء. وأعتقد بأن وجود الدول هذه سيخلق نوعا من التوازن الحقيقي في العراق والحاجة إلى إعادة تأهيل المجتمع الذي فقد الكثير من إمكاناته الاقتصادية والاجتماعية، وتأثر بفترة بقائه تحت حكم داعش وتأثر سلبا بعلاقته مع الحكومة.

* ماذا عن التواجد العسكري للجيش التركي في بعشيقة؟
التواجد التركي إيجابي بالتأكيد. وهو يقدم دعما لوجستيا وتدريبا لقوات حرس نينوى والأكراد والقوة الموجودة للتدريب والدعم في جهود القضاء على داعش. ولا توجد قوة عسكرية مسلحة في تلك المنطقة على خلاف الادعاءات الأخرى. وتركيا لديها مصلحة كبيرة جداً في استقرار الموصل، وهي مصلحة مشتركة. هم حريصون على استقرار الموصل لمساهمته في ترسيخ الأمن القومي التركي. وتعاونهم مع الدول العربية يسعدنا كثيراً، في أن يكون هناك منظومة إقليمية تساعد الأمن في العراق، خلافاً للتدخل الإيراني. فإيران تتعامل في العراق بمشروع ديني معروف بطرق تدميرية، ولديها قوات عسكرية تعمل خارج إيران، كما أن لديها أجندة ليس فقط في العراق، بل في كل المنطقة. وفيلق القدس أُسس للعمل خارج إيران، لا داخلها. وهذه سابقة لم تحدث بأي دولة أخرى بالعالم.

* ماذا عن حزب العمال الكردستاني وحقيقة دعم بغداد له؟
حزب العمال الكردستاني كان يتلقى سابقاً، وفي فترة من الفترات دعماً من الحكومة العراقية، إلا أنها توقفت عن ذلك بسبب ضغوط دولية. لكنه الآن يتلقى دعماً، لا من الحكومة بل من بعض الفصائل المسلحة المدعومة من إيران. ومسلحو الحزب يحتلون أراضي عراقية في نينوى، وهذه إحدى النقاط التي تنذر بصراع عسكري ليس بين أهالي المنطقة من عرب مسلمين ومسيحيين والأكراد وبين هذا الحزب، بل بينه وبين قوات البيشمركة. ما يعني أن إيران هي من تحرّك.

المساهمون