مطلع إبريل... موعد جديد لإعلان استعادة الموصل

مطلع إبريل... موعد جديد لإعلان استعادة الموصل

16 مارس 2017
تعرض العائلات المحاصرة للجوع والعطش غرب الموصل(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
عبر مكبرات الصوت العملاقة المثبتة على عربات الهامر العسكرية، بدأ الجيش العراقي منذ فجر أمس الأربعاء يوجه نداءاته للسكان بلزوم منازلهم ورفع رايات بيضاء فوقها وكذلك مطالبته لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الاستسلام. ويعتمد الجيش هذا الأسلوب في التواصل وبثّ الرسائل لأن المساحة التي يسيطر عليها مسلحو "داعش" لم تعد تتطلب إلقاء منشورات في فضائها، وبات بإمكان الصوت أن يصل لجميع تلك المناطق المحاصرة بشكل كامل من جميع الاتجاهات. وهي أحياء الإصلاح والعريبي والهرمات وتموز وحاوي الكنيسة ومشيرفة والصناعة وبوابة الشام والزنجيلي والنهروان والرفاعي واليرموك، والتي تقع جميعها في الجزء الشمالي الغربي للساحل الأيمن من الموصل.

واكتسب القتال خلال الساعات الماضية طابعاً أكثر شراسة، إذ يتنقل مقاتلو كلا الطرفين من منزل إلى آخر ومن شارع إلى زقاق في حرب عصابات واضحة، لكنها تخاض باستخدام أسلحة ثقيلة بدلاً من المتوسطة، على خلاف ما أعلن عنه مسؤولون عسكريون في بغداد، قبل أيام. وشهدت أحياء نابلس ووادي العين والرسالة معارك عنيفة، فيما تجددت الاشتباكات داخل الموصل القديمة بعد هدوء استمر طيلة مساء الثلاثاء وصباح الأربعاء.

وأكد مسؤولون في الجيش العراقي أن غالبية عناصر تنظيم "داعش" اختاروا البقاء والقتال كونهم انتحاريين ومن جنسيات عربية وآسيوية. وقال قائد عمليات نينوى، اللواء نجم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "أفراد داعش لم يعد أمامهم إلا إلقاء سلاحهم أو القتال حتى الموت بنيران قواتنا أو تفجير أنفسهم"، وفق تعبيره. وبيّن أن "المعركة من ناحية عملية انتهت ولم يعد هناك شيء اسمه عاصمة الخلافة في الموصل". وأوضح أن قطعات القوات الأمنية العراقية باتت تقف على مسافة عشرات الأمتار عن الطرف الغربي للجسر القديم الذي يربط وسط منطقة الموصل القديمة بجزئها الشرقي، مضيفاً أن جامع "النوري" الذي ألقى فيه زعيم تنظيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، خطابه الأول، "سيكون قريباً جداً تحت سيطرتنا إضافة إلى منارة الموصل الحدباء التاريخية"، بحسب قوله.

وأعلن القيادي في الجيش العراقي، العقيد سعد خلف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "قوات الجيش من الفرقة المدرعة التاسعة والفرقة 16 بالإضافة لقوات الحشد الشعبي تمكنت من السيطرة على قرية الجفال والمجمع السكني في منطقة شيخ محمد شرق منطقة بادوش شمال الموصل". ولفت إلى أن "قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي ستتقدم خلال الساعات المقبلة للسيطرة على الأحياء السكنية شمال الجانب الغربي لمدينة الموصل، بعد السيطرة على أكثر من 80 بالمائة من مساحة منطقة بادوش"، على حد تعبيره.


وعلى الرغم من تقدم القوات العراقية الذي يبدو سريعاً في مناطق غرب الموصل، إلا أنه لم يصدر حتى الآن أي تصريح من القيادات العسكرية العراقية حول السقف الزمني لنهاية المعارك في غرب الموصل، مع أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أعلن أن "معارك الموصل في مراحلها الأخيرة"، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده في مكتبه ببغداد ليلة الثلاثاء. وحذر العبادي مسلحي "داعش" من أنهم سيقتلون إن لم يستسلموا. وذكر أنه سيزور واشنطن الأسبوع المقبل وسيلتقي بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للبحث معه في شأن المعركة وما بعدها.

وتشير توقعات قيادات عسكرية ميدانية إلى أن حسم معارك الموصل بشكل نهائي سيكون مطلع شهر إبريل/نيسان المقبل، بعد إتمام السيطرة على أغلب مناطق الجانب الغربي للمدينة خلال الأيام القليلة المقبلة، ومحاصرة من تبقى من عناصر "داعش" في أحياء صغيرة.

ومع تواصل العمليات العسكرية في غرب الموصل، اضطرت آلاف الأسر من سكان غرب الموصل إلى النزوح باتجاه مناطق جنوب غرب الموصل بسبب اشتداد المعارك والقصف العشوائي المتبادل بين القوات العراقية وعناصر "داعش"، فضلاً عن تعرض العائلات المحاصرة للجوع والعطش بعد نفاد ما بحوزتهم من مؤن منذ بداية العمليات العسكرية في غرب الموصل. وأشارت تقارير لمنظمات دولية إغاثية إلى أن "عدد النازحين من مناطق غرب الموصل وصل إلى أكثر من 100 ألف نازح منذ انطلاق العمليات العسكرية". وقد أجلي الآلاف منهم إلى خارج الموصل بواسطة المركبات العسكرية وهم يعانون من مشاكل غذائية وصحية لافتقادهم أبسط مقومات الحياة كالغذاء والدواء.

واستمرت القوات الأمنية العراقية في احتجاز مئات الرجال والشباب في ظروف صعبة في منطقة حمام العليل جنوب الموصل لغرض التحقيق معهم والتأكد من عدم انتمائهم لتنظيم "داعش"، بينما سمحت لأفراد عائلاتهم بالتوجه بمفردهم نحو مخيمات النازحين في حمام العليل والقيارة.

ونتيجة تفاقم أوضاع النازحين من مدينة الموصل وعدم قدرة المخيمات على استيعاب المزيد منهم، وجّهت قيادات عسكرية عراقية القوات الأمنية بإبقاء سكان مناطق غرب الموصل في مساكنهم خلال العمليات العسكرية الدائرة هناك، على الرغم من الأوضاع الخطيرة واستمرار الاشتباكات والقصف العشوائي المتبادل. ورجح مسؤولون محليون في الموصل أن تتم إعادة سكان المناطق المحررة في غرب الموصل والبعيدة نسبياً عن مناطق القتال، خلال الأيام المقبلة، لتخفيف الضغط الحاصل على المخيمات والجهود الإغاثية المقدمة للنازحين.