"العربي الجديد" في "الخان الأحمر" الفلسطيني المهدّد بنكبة جديدة

"العربي الجديد" في "الخان الأحمر" الفلسطيني المهدّد بنكبة جديدة

القدس المحتلة

العربي الجديد

العربي الجديد
14 مارس 2017
+ الخط -

يرفض الناطق باسم التجمعات البدوية في الخان الأحمر عيد خميس أبو غالية، الإدلاء بكثير من التفاصيل حول الواقع المرير الذي تعانيه هذه التجمعات على امتداد المنطقة، حيث يقع أكثر من خمسة آلاف بدوي من مختلف العشائر والقبائل البدوية، التي هجّرها الاحتلال من مساكنها في موطنها الأصلي بتل عراد في صحراء النقب، تحت تهديد الطرد والتهجير.

"العربي الجديد" زار "خان الأحمر"، وعاد بمشاهد قاسية حول نكبة جديدة تعدّ لها سلطات الاحتلال.

الوصول إلى أحد هذه التجمعات شرق القدس المحتلة، والواقع بمحاذاة طريق القدس أريحا أشبه برحلة جبلية وعرة في صحراء قاحلة تمزقها الشوارع السريعة وشبكة الطرق الحديثة والمتطورة، المفضية إلى المستوطنات اليهودية في تجمع غوش أدوميم الاستيطاني، حيث مستوطنات "معاليه أدوميم"، و"ميشور أدوميم"، و"كفار أدوميم"، بينما يضطر أطفال البدو ونساؤهم إلى سلوك الوديان الوعرة والخطرة معرضين أنفسهم لمخاطر الملاحقة من جنود الاحتلال، أو الموت دهسا من قبل مركبات المستوطنين ودوريات الجيش.



في خيمته التي تحولت إلى ما يشبه الديوان، التقينا "أبو غالية"، وكان حديثه مشحونا بالغضب على كل من يدعي بأنه يقدم مساعدة أو مساندة لتجمعات البدو من مسؤولي السلطة الفلسطينية.

 وفي حديثه، يتحدى أبو غالية وزير التعليم العالي الفلسطيني، صبري صيدم، الذي لا ينفك يتحدث عن دعم وزارته للتجمع أو المدرسة الوحيدة فيه. يقول أبو غالية إن هذه المدرسة بناها الأهالي من إطارات السيارات القديمة، ليدرس فيها أكثر من 170 طالباً وطالبة حتى الصف الثامن، وتنتهي بهم الحال إما إلى الانقطاع عن الدراسة، وهذا مصير الطالبات اللواتي يحجمن عن الدراسة خارج التجمع بسبب الأوضاع الاقتصادية لعوائلهن، أو الدراسة في مدارس بعيدة عن أماكن سكناهم في العيزرية وأريحا، وهي حال من تسعفهم عائلاتهم، لكن الخطر شديد على حياة هؤلاء الطلاب، بسبب حوادث دهس تعرضوا لها وأودت بحياة عديد منهم.





يقول أبو غالية: "جل المساعدات يتبرع بها متضامنون أجانب، خاصة الإيطاليين الذين قدموا أكثر من مرة مساعدات للمدرسة وتلاميذها، وجهزوا حديقتها، وحين تبرع القنصل الإيطالي ذات يوم بألعاب للمدرسة، وبينما كانت الشاحنات تفرغ حمولتها حضرت قوات الاحتلال، صادرت الشاحنة بحمولتها، ولا تزال تلك الألعاب محتجزة لدى الاحتلال، ويشترطون إعادتها بنقلها إلى مناطق السلطة خارج التجمعات البدوية، حدث ذلك كله على مرأى القنصل الإيطالي، الذي لم يملك من أمره شيئا سوى الاحتجاج".


 بالقرب من تجمع أبو غالية، يقطن وزراء وأعضاء كنيست من اليمين المتطرف في مستوطنة "كفار أدوميم"، أمثال: وزير البناء والإسكان، أوري أرئيل، تحيط بهذه المستوطنة أبراج مراقبة ترصد كل ما يجرى في التجمع، بينما يحظر على أطفال التجمع الوصول إلى أطراف تلك المستوطنة في واد قريب، وغالبا ما تطارد مواشيهم ويطارد رعيانهم، فيعتقل الرعيان وتصادر المواشي.

مع ذلك، فإن التحدي الأكبر الذي يواجه هذا التجمع الذي تقطنه 130 عائلة، هو الحفاظ على أكثر من 40 مسكنا فيه، إضافة إلى حماية المدرسة الوحيدة، وكما يقول أبو غالية: "نواجه تحديا كبيرا في حقنا بالسكن، وأيضا في حق أبنائنا بالتعليم، وحدنا نواجه معركة الوجود هذه"، مبيناً أن "ما ينشر في وسائل الإعلام حول مساعدات تقدم لنا ليس دقيقا، بل في مجمله غير صحيح. لدي من الوثائق ما يكشف زيف هذه الادعاءات، ولن أتردد في نشرها، نحن الآن في معركة لمنع هدم أكثر من 40 مسكنا ومدرسة، ورسوم المحامي جمعناها من العائلات المقيمة في هذا التجمع".


 


في جولة مع "أبو غالية" داخل باحة المدرسة، يظهر حجم التحدي الذي يواجهه السكان، وتعكسه الكتابات والرسومات التي تغطي الجدران عن صمود البدو ورغبتهم في الحياة، وفي مواجهة الاقتلاع الوشيك، في حين لا يكترث كثيرون منهم للافتة تحمل اسم "دولة فلسطين - وزارة التربية والتعليم" علقت على أحد جدران المدرسة، لأن الواقع مختلف تماما، كما يعتقد المواطنون هناك.

وفي حين يوغل الاحتلال في ممارساته بحقهم، بعد أن اقتطع جزءا من أراض تتاخم المدرسة كانت تستخدم كساحة وجرّفها لصالح شق طريق استيطاني، أقام الاحتلال مضخة لتفريغ الغازات المنبعثة من شبكات المجاري داخل حدود المدرسة، ما جعل المكوث هناك لا يطاق، خاصة أيام الصيف ومع انبعاث الروائح الكريهة من تلك المضخة.

 كان علينا بعد ذلك أن نغادر هذا التجمع البدوي، عبر طريق وعر أسفل جسر يفضي إليه، مع وعد بلقاء آخر يجمعنا بالعائلات البدوية المنكوبة والمهددة بالطرد، بعد أن تقرر المحكمة العليا الإسرائيلية مصيره بصورة نهائية، وكما قال لنا أبو غالية، حين تأتون في المرة القادمة، سنزودكم بكل ما لدينا من وثائق، وكلها تدين من يدعون أنهم قدموا مساعدة لنا، والواقع أنهم لم يفعلوا شيئا، ومن يقل عكس ذلك فليثبت على الأرض ادعاءه".

في الانتقال إلى تجمع آخر من تجمعات البدو في منطقة العيزرية، وهو تجمع "أبو النوار"، أكبر التجمعات البدوية في المنطقة، لا تختلف حال المواطنين هناك، فسكان هذا التجمع الذي يداهمه الاحتلال بصورة دورية مهددا بهدم المزيد من مساكن قاطنيه من البدو، يخوضون أيضا معركة وجود وتحد، أولها الحفاظ على المسكن والمأوى، وثانيها، حق أبنائهم في التعليم، ولهذا كان تشييد روضة هناك هدفا حيويا للسكان، كما يقول داود الجهالين (أبو عماد)، ممثل تجمع "أبو النوّار"، وكما هو الحال بالنسبة لتجمعات البدو الأخرى المهددة بالطرد والترحيل والإزالة.

يضيف أبو عماد:" في السابق هدموا الروضة، وكانت عبارة عن بركسين، قبل أن نعيد بناءها، واليوم جهودنا جميعها تنصب حول حمايتها ومنع هدمها من جديد، في حين تبرع أحد المواطنين باستخدام صالون حلاقته في فترة من النهار لتدريس الطلاب".

ووفقا للجهالين، فإن نحو 34 عائلة من التجمع الذي يضم 110 عائلات، تقطن التجمع، فيما يزيد عدد سكانه إلى نحو سبعمائة نسمة، تحاصره مستوطنتا "معاليه أدوميم" في الشرق، و"كيدار" في الجنوب، وخلافا لما تحظى به التجمعات الاستيطانية من خدمات متطورة جدا في جميع المجالات، يفتقر "أبو النوار" إلى مدارس أو خدمات عامة، ويضطر عشرات الطلاب للسير على الأقدام مسافة تزيد على ستة كيلومترات يوميا، للوصول إلى أقرب مدرسة في تجمع عرب الجهالين، معرضين أنفسهم لمخاطر الاعتداء من المستوطنين، أو التعرض لهم من قبل جنود الاحتلال، خاصة حرس الحدود المعروفين بعنفهم وقسوتهم في التعامل مع الفلسطينيين، والأكثر عرضة لهده الاعتداءات هم الرعاة من أبناء التجمع، الذين تصادر مواشيهم، أو يعتقلون على تخوم المستوطنات بدعوى دخولهم مناطق ممنوعة.

وحسب الجهالين، فإن "الحل الوحيد لقضيتهم هو العودة إلى موطنهم الأصلي في تل عراد ببئر السبع، حيث كانوا في العام 48 ضحية أول تهجير، لكنهم لن يسمحوا هذه المرة بترحيلهم وتهجيرهم مرة أخرى".

ويرى الجهالين، أن السلطة الوطنية الفلسطينية مطالبة أكثر من أي وقت مضى، بتعزيز صمود أهالي التجمع، من خلال تطوير البنية التحتية لمناطق سكناهم، وتنفيذ مشاريع تنموية مساندة وداعمة لبقائهم".

ذات صلة

الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.
الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.
الصورة

مجتمع

يضطر سكان شمال قطاع غزة إلى الانتظار لساعات طويلة للحصول على مساعدات إنسانية، جراء اشتداد الجوع بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أشهر...

المساهمون