ملهاة حل الدولتين

ملهاة حل الدولتين

13 مارس 2017
ترامب سيعود ليؤكد على "حل الدولتين" (شيريس ماي/Getty)
+ الخط -
استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتصالاً هاتفياً من رئيسة تايوان تساي إنج وين، عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية وقبل تنصيبه رسمياً، وتزامناً مع تصريحاته لصحيفة "وول ستريت جورنال" عن عدم تمسكه بسياسة "صين موحدة" التي هندسها هنري كيسنجر في سبعينيات القرن الماضي، لتحكم العلاقة بين الطرفين منذ ذلك الحين. لاحقاً، تراجع ترامب عن تصريحاته، وأكد اتباعه سياسة "صين موحدة".

عبّر ترامب مراراً عن حنقه على إدارة بوش الابن، لأنها لم "تأخذ النفط" وتغادر العراق فوراً بعد الاحتلال. وبغض النظر عن اعتبار "النفط" حقيبة يمكن حملها والمغادرة، إلا أن وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، نفى خلال أول زيارة له إلى بغداد "نية" الأميركيين أخذ النفط العراقي، مؤكداً "لسنا هنا من أجل النفط"، منكراً تصريحات ترامب التي دأب لأشهر على تردادها.

وصف ترامب الاتفاق النووي الإيراني بأنه "الأسوأ في التاريخ"، مؤكداً عزمه تمزيق الاتفاق خلال يومه الأول في البيت الأبيض. يكاد أن يكون عداء إيران هو "الجامع المشترك الأكبر" بين جميع أقطاب إدارة ترامب. من غير المتوقع أن تكون سياسات ترامب "لينة" تجاه طهران، فاحتمالات التصعيد واردة دائماً، لكن، تراجع ترامب أيضاً، ولم "يمزّق" الاتفاق النووي في أيام سلطته الأولى كما وعد.

من الواضح أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يصطدم شيئاً فشيئاً بواقع آخر غير الواقع المتخيل في ذهنه. يكتشف أن إدارة الولايات المتحدة أصعب وأعقد بكثير من إدارة مجموعة استثمارات عقارية، الأمر الذي جعل الرئيس الأميركي يهرب بصورة شبه أسبوعية للعب الغولف في منتجع (مارا لاغو) في فلوريدا، حتى قبل أن يكتمل عقد إدارته.

ما معنى كل هذا؟ معناه أننا يجب أن نصدق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، عندما قال إن ترامب أكد له في اتصال هاتفي تمسك الولايات المتحدة بحل الدولتين. ترامب الذي عَيّن سفيراً أميركياً في إسرائيل يزايد على اليمين الإسرائيلي في يمينيته، واعتبر صهره، جاريد كوشنر، داعم المستوطنات، مبعوث سلام للمنطقة، والذي أكد لنتنياهو عدم تمسكه بحل الدولتين، وأنه يرى الحل "ما يتفق عليه الطرفان" أي بنيامين نتنياهو وذاته، سيعود ليؤكد على "حل الدولتين" مرة أخرى خلال لقائه المرتقب مع عباس في واشنطن، بعد أن يفهم مغزى هذا الحل المستحيل: بقاء الأوضاع على ما هي عليه، إسرائيل تبني المستوطنات، والسلطة الفلسطينية تتمتع بامتيازاتها.