ألغاز علاقة حفتر و"داعش" تُحاكي أسلوب الأسد والمالكي

ألغاز علاقة حفتر و"داعش" تُحاكي أسلوب الأسد والمالكي

طرابلس

العربي الجديد

العربي الجديد
10 مارس 2017
+ الخط -
الجنرال المتقاعد خليفة حفتر؛ قائد الانقلاب في ليبيا، وأحد أبرز الشخصيات في المشهد الليبي بعد الإطاحة بمعمر القذافي. عسكريُّ تكشف مسيرته الشخصية والعسكرية والسياسية، ملامح تتقاطع مع مسيرة وحكم القذافي، ما يهدّد بإعادة إنتاج المشهد الليبي ما قبل الثورة، إن تمكّن من السلطة. يستعرض "العربي الجديد" في ثلاثة تقارير متتالية، مسيرته الشخصية والسياسية، ومسيرة عائلته الغامضة التي تتوزع في قصور متفرقة بين القاهرة وولاية فيرجينيا الأميركية، وخطط توريث الابن الثاني صدام، إضافة إلى ارتباطاته مع "الخصوم" الثلاثة؛ الولايات المتحدة وروسيا وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وما يلي التقرير الثالث:


رغم الشعار الذي رفعه الجنرال المتقاعد خليفة حفتر منذ إطلاقه عمليته العسكرية منتصف عام 2014، تحت مسمى "عملية الكرامة لمحاربة الإرهاب"، غير أنّ مسار المعارك العسكرية، يشير إلى علاقة "غامضة ومشبوهة" بينه وبين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، تتناقلها المجالس الليبية، وتؤكّدها محطات فاصلة ساهمت في تعزيز نفوذ التنظيم في ليبيا.

يصف متابعو حراك حفتر علاقته بتنظيم "داعش" بأنها "استنساخ لتجربة رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي وتجربة بشار الأسد في سورية، والتي تمثلت بمساعدة التنظيمات الإرهابية على التمركز في مناطق معينة ومنحها بعض الانتصارات، من ثم توجيهها لتشن حربا على الثوار والمعارضين، بالإضافة لاستثمارها كفزاعة للمجتمع الدولي، من أجل الظهور أمامه بشكل الطرف الوحيد المؤهل لمواجة الإرهاب نيابة عنه".

بدأت التساؤلات تحوم حول عدم رغبة قوات حفتر المتواجدة بالقرب من مدينة درنة بقتال تنظيم "داعش"، الذي ظهر لأول مرة في ليبيا عام 2013 في درنة، وبالرغم من القصف الجوي الكثيف والمدفعي على مواقع "مجلس شورى ثوار درنة". إلا أن قوات حفتر لم توجه أي ضربة على مواقع تنظيم "داعش"، حتى في أيام التنظيم الأخيرة عندما اضطره "مجلس شورى ثوار درنة" إلى الانسحاب نحو مرتفعات جبال الفتائح شرق درنة، وهي منطقة لا يفصلها عن مناطق تمركز قوات حفتر بأم الرزم وأم حفين سوى بضع كيلومترات، ليتفاجأ الجميع بانسحاب ما تبقى من عناصر "داعش" باتجاه سرت في مايو/أيار 2016 دونما أي اعتراض من قوات حفتر.

يقول الطيار السابق بسلاح الجو الليبي، العقيد عادل عبد الكافي، في تصريحات صحافية، إن "قرابة 100 سيارة مسلحة على متنها أسلحة وجنود لـ(داعش) مرت بخمسة تمركزات لقوات حفتر بالإضافة لقاعدة عسكرية على طول طريق صحراوي مكشوف بطول 800 كيلومتر لتصل إلى سرت". وأكد على ذلك أيضاً المتحدث باسم حرس المنشآت النفطية، علي الحاسي، في بيان رسمي وقتها، مؤكدا أن "قوات حفتر هي من سهلت لداعش الوصول بهذه التعزيزات الكبيرة لدعم وجودها في سرت".

يتساءل عبد الكافي: "لماذا كانت طائرات حفتر تتجاوز مدينة سرت لتقصف مواقع في مصراته وطرابلس دون أن تسقط صاروخا واحدا على تنظيم (داعش)، الذي كان يتواجد في سرت"؟

ويرى متابعو الشأن الليبي أن قوات حفتر، بتقدمها في مارس/آذار العام الماضي باتجاه سرت كانت تحاول منع قوات "البنيان المرصوص" من التقدم على حساب تنظيم "داعش"، كما أنها امتنعت عن المشاركة في القتال ضد تنظيم "داعش" في سرت، عندما دعتها حكومة الوفاق للاشتراك مع قوات "البنيان المرصوص" في القضاء على وجود "داعش" بالمدينة.

يعتقد بعض المحللين بأن فرار عناصر "داعش" من درنة إلى سرت قبيل انطلاق عملية "البنيان المرصوص" كان المقصد منه تعزيز تنظيم "داعش" بالمزيد من قواته المتواجدة بسرت.

وعلى غرار تسهيل فرار عناصر "داعش" من درنة شرق البلاد، مكنت قوات حفتر ما تبقى من قوات "داعش" المتمركزة في منطقة الصابري وسوق الحوت في بنغازي، مطلع شهر يناير/كانون الثاني الماضي، من الفرار، من أقصى شرق المدينة مرورا بعدة تمركزات لـ"قوات الكرامة"، لتصل قوات "داعش" إلى غرب المدينة باتجاه أجدابيا وتختفي بعدها في الصحراء، ولا تزال وجهة هذه القوات غامضة حتى الآن.

وعن حيثيات هذا الحادث، أوضح مجلس شورى مدينة بنغازي، في بيان صدر وقتها، أنهم "لاحظوا اختفاء قوات حفتر من تمركزاتها بالصابري وسوق الحوت قبل أن تتحرك آليات تنظيم (داعش) باتجاه غرب المدينة، لترجع قوات حفتر، بعد وقت قصير من مغادرة (داعش) إلى تمركزاتها وتسيطر على تمركزات تنظيم داعش التي تركها خلفه"، متهمين قوات حفتر بتسهيل فرار (داعش) من المدينة.

وهو ما أكدته حكومة الانقاذ بطرابلس، في بيان رسمي، قال إن "اتفاقا حصل بين حفتر و(داعش) يقضي بالسماح لمسلحي التنظيم بالخروج الآمن من بعض أحياء بنغازي باتجاه منطقة الوسط الليبي بكامل سلاحهم وعتادهم وأسرهم".

وأكد قادة عمليات البنيان المرصوص ومن بينهم المتحدث باسمها محمد الغصري، في أكثر من مرة على "فرار عناصر داعش من سرت إلى الجنوب الليبي، ووجود علاقة مشبوهة بين التنظيم والقوات الموالية لحفتر بالجنوب الليبي، ولا سيما القوات التي يقودها العقيد محمد بن نائل فر براك الشاطئ والتي أكد، خلال تصريح لـ"العربي الجديد" نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن عناصر "داعش" الفارة من سرت تتواجد ضمن صفوفها التي تحاصر قاعدة تمنهنت بالقرب من سبها وقتها. كما رجح، خلال تصريح صحافي آخر، أن يكون أبوعياض التونسي، القيادي في التنظيم، من بين الفارين من بنغازي باتجاه مناطق غرب ليبيا.

ما علاقة حفتر بقضية سفيان الشواربي ونذير القطاري؟

صدى علاقة "داعش" بحفتر لم يتوقف على الداخل الليبي بل وصل مداه إلى دول الجوار، فقضية الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري هي الأخرى لا تزال تلقي بظلالها على هذه العلاقة.

في 24 فبراير/شباط من عام 2015، أكد وزير الثقافة بحكومة البرلمان عمر القويري، المعروف بولائه الشديد لحفتر، في مؤتمر صحافي، عقب لقاء مع رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ناجي البغوري، أن "الصحافيين التونسيين المختطفين في ليبيا لا يزالان على قيد الحياة وأنهما بخير".

في 9 مارس/آذار 2015، أعلن وزير داخلية حكومة البرلمان أحمد بركة في تصريح صحافي أثناء لقائه بكاتب الدولة التونسية لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالشؤون العربية والأفريقية تهامي العبدولي بمقر وزارة الخارجية في تونس "أنهما على قيد الحياة، وأنه تم تحديد مكان تواجدهما وأن الإفراج عنهما قد بات وشيكا".

لكن تلفزيون "ليبيا الحدث" المقرب من حفتر بث أخيراً اعترافات لأحد عناصر تنظيم "داعش" وهو عبد الرزاق ناصف عبد الرزاق، قال فيها إن الصحفيين التونسيين قتلا في العشرين من فبراير/شباط عام 2015 ودفنا بمكان شرقي درنة. وبالمقارنة بين الاعترافات الأخيرة المذكورة وتصريحات مسؤولي سلطة حفتر السياسية يظهر وجود ارتباك كبير قد يعكس وجود علاقة حقيقية بين تنظيم "داعش" وحفتر بالفعل.

ذات صلة

الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.
الصورة
عمال بحث وإنقاذ في درنة في ليبيا (كريم صاحب/ فرانس برس)

مجتمع

بعد مرور أكثر من أسبوع على الفيضانات في شمال شرق ليبيا على خلفية العاصفة دانيال، لا سيّما تلك التي اجتاحت مدينة درنة، وتضاؤل فرص الوصول إلى ناجين، صار هاجس انتشار الأوبئة والأمراض يثير القلق.
الصورة
دمر الفيضان عشرات المنازل كلياً في درنة (عبد الله بونغا/الأناضول)

مجتمع

ترك الفيضان كارثة كبيرة في مدينة درنة الليبية، كما خلف آلاف الضحايا، وقد تدوم تداعياته الإنسانية لسنوات، فالناجون تعرضوا لصدمات نفسية عميقة، وبعضهم فقد أفراداً من عائلته، أو العائلة كلها.