دروس من التظاهرات السورية

دروس من التظاهرات السورية

04 فبراير 2017
في زملكا ــ الغوطة الشرقية (خالد العادل/الأناضول)
+ الخط -
رغم كل المآلات السلبية التي وصلت إليها الثورة السورية، سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد الميداني، بسبب الإرادة الدولية التي عملت، طوال السنوات السابقة، على إجهاضها، إلا أن السوريين الذين كسروا حاجز الخوف منذ ست سنوات ولا يزالون صامدين في الداخل السوري، لا يتركون مناسبة إلا ويُثبتون فيها للعالم أن ثورتهم مازالت مستمرة، وأنهم رغم كل الخيبات لا يزالون متمسكين بالأهداف التي خرجوا من أجلها، والتي يأتي في مقدمتها التخلص من الاستبداد وبناء دولة عدالة ومواطنة يتساوى فيها الجميع تحت سقف القانون. فقد واجهت الثورة السورية خذلانا دوليا جاء من بعض الدول التي سمّت نفسها صديقة للشعب السوري، قبل الدول التي اتخذت مواقف معادية للثورة منذ يومها الأول، تجلى في تخلٍّ تام ساعد من خلاله أصدقاء الثورة من يعاديها على تحقيق مخططاته في محاولة إجهاضها.

ويأتي في مقدمة من ادعى صداقة الثورة، الولايات المتحدة، التي قامت استراتيجيتها على الدعم الكلامي للثورة، فيما اتخذت فعليا دور المتفرج الذي تعاطى مع طرفي الصراع "المعارضة والنظام" كأعداء، لها مصلحة في استمرار القتال فيما بينهم، وذلك بعدم السماح لسقوط أي منهم للحفاظ على حالة استعصاء عسكري. ففي الوقت الذي كانت تطرح فيه واشنطن محاربة الإرهاب كأولوية، كانت تسمح للنظام بصناعة الإرهاب ومحاربته كمبرر لوجوده، وكانت تغض الطرف عن ملايين الدولارات التي وصلت للتنظيمات المتطرفة مقابل منعها عن الفصائل والهيئات التي تتبنى أهداف الثورة. في المقابل، كانت الدول المعادية للثورة تعمل على تغييرات ديموغرافية في سورية وضرب الحاضن الشعبي للثورة، بدعوى محاربة الإرهاب، في الوقت الذي كانت فيه التنظيمات المتطرفة تمكّن نفسها على الأرض السورية، لتصبح القضية الأساسية هي القضاء على الإرهاب، ويصبح موضوع الثورة السورية تحصيلا حاصلا.

رغم كل التآمر الدولي على ثورتهم، لا يزال السوريون مصممين على تحقيق أهداف ثورتهم ضد كل أشكال الاستبداد دون تمييز بين استبداد النظام وأي استبداد آخر، فما أن توقّف طيران النظام والطيران الروسي عن قصفهم حتى خرجوا بعشرات الآلاف، يوم الجمعة الماضي، في تظاهرات عمّت معظم المناطق السورية تحت شعار واحد: "لا مكان للقاعدة في سورية" ليُثبتوا للعالم أن ثورتهم لا تزال مستمرة حتى لو تآمر عليها الكون.