هادي في الإمارات: محاولة لاحتواء الخلافات جنوباً

هادي في الإمارات: محاولة لاحتواء الخلافات جنوباً

28 فبراير 2017
جنود يمنيون يحرسون مطار عدن (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

بعدما وصل التوتر في العلاقات بينهما إلى مرحلة غير مسبوقة، في وقت سابق من فبراير/ شباط الحالي، بدأ الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، زيارة مفاجئة إلى الإمارات العربية المتحدة، تمثل تطوراً هاماً من الممكن أن ينعكس إيجابياً على الأوضاع في المحافظات الجنوبية لليمن، بعد أن ظهرت الخلافات بشكل واضح بين هادي وأبو ظبي، التي باتت تتمتع بنفوذ واسع في جنوب البلاد. وأكدت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، بنسختها التابعة للشرعية، أمس الإثنين، أن هادي وصل إلى أبو ظبي للقاء ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، وذلك لـ"الوقوف على عمق العلاقات ومتانتها"، التي ذكرت الوكالة اليمنية أنها "تتجسد في التعاون والتكامل والتضحيات الأخوية المشتركة، في معركة المصير المشترك لليمن والأشقاء في دول التحالف العربي ضد القوى الانقلابية"، في إشارة إلى جماعة أنصار الله (الحوثيين) وعلي عبدالله صالح.

وأكد مصدر مقرب من الرئاسة اليمنية، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن الزيارة تتناول بدرجة أساسية ملفات الخلاف الشائكة بين الحكومة الشرعية، ممثلة بهادي، وأبو ظبي، على ضوء الأزمة التي تصاعدت مطلع الشهر الحالي، بين قوات من الحماية الرئاسية وأخرى تتولى حماية مطار عدن الدولي، مدعومة إماراتياً، رفض قائدها توجيهات رئاسية بتسليم المطار. وتوقع المصدر أن ينعكس التفاهم إيجابياً على الاستقرار والتنمية في "المحافظات المحررة". وتتمتع الإمارات بنفوذ واسع في مدينة عدن وبقية محافظات جنوبي وشرق اليمن. وتصدرت القوات الإماراتية، جنوباً، واجهة عمليات التحالف، الذي تقوده السعودية، ضد الانقلابيين أثناء تحرير تلك المحافظات في يوليو/ تموز وأغسطس/ آب 2015. ولاحقاً برزت الإمارات كطرف إقليمي تولى الإشراف على إعادة بناء وإنشاء العديد من الوحدات الأمنية والعسكرية، وملف إعادة بعض المؤسسات الخدمية، التي تضررت غالبيتها أو انهارت خلال الحرب.

ومع ظهور أبو ظبي، كما لو أنها صاحب القرار الأول في جنوب اليمن، في الفترة التي تلت مرحلة إخراج الانقلابيين، بدأت الخلافات تبرز بين هادي والقيادة الإماراتية خلال العام 2016، إذ تدخلت الإمارات بالعديد من التعيينات في السلطة المحلية والأجهزة الأمنية جنوباً، على نحو نشأ معه نزاع على النفوذ بين الشخصيات المحسوبة على الإمارات والمقربين من الرئيس اليمني. ومن أبرز الأذرع المحسوبة على الإمارات، قوات الحزام الأمني، التي أشرفت أبو ظبي على تأسيسها في عدن ومحيطها خلال العام الماضي. كما تدعم الإمارات تيارات وشخصيات من "الحراك الجنوبي" المطالب بالانفصال، والذي يصرح بعض قادته بالولاء للإمارات أكثر من الحكومة الشرعية.

ووصلت الخلافات إلى أوجها، في فبراير/ شباط الحالي، حين وجه هادي قوة من الحماية الرئاسية لاستلام المطار من القوة التي تتولى حمايته، والتي يقودها الضابط صالح العميري، الملقب بـ"أبو قحطان"، وهو من المقربين من الإمارات، والذي رفض تسليم المطار. وبعدما حاصرت قوة من الحماية الرئاسية (تألفت حديثاً من رجال المقاومة)، المطار، في 12 فبراير الحالي، وقعت اشتباكات محدودة، شنت خلالها مروحية إماراتية غارة استهدفت قوات موالية للرئيس. من جانبه، سعى هادي إلى احتواء أزمة المطار، بسحب قوات الحماية الرئاسية، وغادر في الـ13 من الشهر الحالي إلى السعودية، وكان من المقرر أن يلتقي ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، إلا أن اللقاء لم يحدث، بسبب تخلّف بن زايد عن الحضور، ليعود هادي إلى عدن مجدداً، بعد زيارة السعودية التي استمرت أسبوعاً. ومع زيارته إلى الإمارات، أقامت أبو ظبي مراسم استقبال رسمية لهادي، إلا أنه وُصف أيضاً بأنه "استقبال باهت"، إذ كان في مقدمة مستقبليه في المطار رئيس جهاز الاستخبارات الإماراتي، اللواء علي محمد الشامسي، والمبعوث الإماراتي الخاص إلى اليمن العميد علي محمد الأحبابي، وسفير الإمارات لدى اليمن، سالم بن خليفة الغفلي، من دون أي مشاركة لشخصيات وزارية.

ومن المتوقع أن تمثل الزيارة تطوراً هاماً يمكن أن ينعكس على مستوى الاستقرار في المحافظات الجنوبية لليمن، سواء نجحت أو فشلت في ردم الهوة، بعد أن ظهر جلياً، خلال الفترة الماضية، أن طرفين يتنازعان النفوذ، وهما هادي والشخصيات المحسوبة على حكومته من جهة، وأبو ظبي والشخصيات العسكرية والمحلية المحسوبة عليها من جهة أخرى. وتُتّهم أبو ظبي بدعم تيار محسوب على "الحراك الجنوبي" المطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، في ظل وضع يعزز ترسيخ سيناريو إعادة تقسيم البلاد، بين شمال وجنوب على الأقل، مع وجود حكومة انقلابية في صنعاء، في مقابل الحكومة الشرعية في عدن.