عبدالحكيم بشار لـ"العربي الجديد": الأكراد ممثلون في المعارضة السورية

عبدالحكيم بشار لـ"العربي الجديد": الأكراد ممثلون في المعارضة السورية

26 فبراير 2017
بشار: يرتبط الاتحاد الديمقراطي بعلاقة تبعية مع طهران(باسم دباغ)
+ الخط -
عبّر عبد الحكيم بشار، ممثل المجلس الوطني الكردي وعضو وفد التفاوض التابع للهيئة العليا للتفاوض، عن عدم تفاؤله بإمكانية حصول أي خرق في المفاوضات الجارية في مدينة جنيف السويسرية. وشدّد على أن الأكراد السوريين ممثلون بشكل كامل وعادل في صفوف المعارضة، وأن حقوق الأكراد السوريين لا يمكن أن تتحقق بأي شكل من الأشكال باستمرار وجود نظام بشار الأسد.

وعن أسباب تشاؤمه، يشير بشار، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى غياب رؤية أميركية واضحة للحل في سورية، بسبب إعادة النظر التي تعمل الإدارة الأميركية عليها في ما يخص استراتيجيتها. وشدد على أن النظام السوري يعمل، كما في كل مرة، على إفشال هذه المحادثات. وقال إن "الدخول في عملية سياسية، بشكل جدي، يعني بداية النهاية لهذا النظام، لذلك يقوم النظام في كل جولة من جولات مفاوضات جنيف بوضع العراقيل في وجه البدء بالاتفاق على جدول المفاوضات". وأضاف أن "النظام السوري نظام قاتل، تسبّب بمقتل أكثر من 500 ألف شخص وشرد 12 مليون شخص، وهناك آلاف السجناء والمعتقلين لديه. إن نظاماً كهذا لا يمكن أن يستسلم، إلا إذا تعرّض لضغوط من المجتمع الدولي، إذ إن غياب الدور الأميركي سبّب أزمة كبرى لكل من الشعب والثورة السورية".

وبدت رؤية بشار، ومن خلفه المجلس الوطني الكردي، واضحة وواقعية في ما يخص الاستراتيجية التي يتبعونها لتحقيق الحقوق الكاملة للأكراد السوريين، بالتشديد على أن الحصول على كامل هذه الحقوق لا يمكن أن يتم دفعة واحدة، وبحاجة إلى العمل المكثف مع باقي السوريين، وأن الأكراد ممثلون بشكل عادل في كافة مؤسسات المعارضة، بدءاً من الائتلاف الوطني السوري مروراً بالهيئة العليا للتفاوض وانتهاء بوفد التفاوض وبجميع الوفود الاستشارية.

وحمّل بشار حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني) مسؤولية تفاقم الخلافات بينه وبين المجلس الوطني الكردي، ومسؤولية فشل جميع الاتصالات والنقاشات التي جرت بين الجانبين، حتى تلك التي رعاها رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، على الرغم من الرمزية التي يحملها الأخير في أوساط الحركة القومية الكردية عموماً. ويرفض بشار اعتبار حزب العمال الكردستاني، وجناحه السوري، جزءاً من الحركة القومية الكردية. ويقول "برأيي الشخصي، أنا لا أعتبر حزب العمال الكردستاني أو حزب الاتحاد الديمقراطي حزبين كرديين، كما لا يمكن الحديث عن الحزب الشيوعي السوري بأنه حزب (قومي) عربي. هم (العمال الكردستاني) لديهم مشروع آخر غير كردي، يطلقون عليه مشروع الأمة الديمقراطية، لذلك من الخطأ الكبير والجسيم اعتبارهم جزءاً من الحركة الوطنية الكردية"، مضيفاً "إنهم يستعملون الأكراد كوقود في معاركهم خارج إطار القومية الكردية".


ويرفض نائب رئيس الهيئة العليا للتفاوض توجّه حزب الاتحاد الديمقراطي نحو المناطق ذات الغالبية العربية مثل الرقة. ويقول إن "المعارك السياسية والعسكرية في كل من الرقة ودير الزور لا علاقة لها بالقضية الكردية. لا يكفّون عن الحديث أن المسألة القومية هي مسألة تجاوزها الزمن. هم يبحثون عما يطلقون عليه الأمة الديمقراطية، وهي أمة عير موجودة، فليبحثوا عنها في مجرات أخرى. ومن ثم لا أحد يعرف كيف سيحققون مفهوم أخوة الشعوب. هل يتم هذا من خلال القتال؟". ويضيف "هل من خلال القتال وقمع الشعب الكردي واغتيال الشباب، وإنشاء عشرات السجون واعتقال مئات المساجين، ستتحقق أخوة الشعوب والأمة الديمقراطية"، في إشارة إلى المفاهيم النظرية التي سعى حزب العمال الكردستاني لنقلها إلى سورية، بعد أن طوّرها لمواجهة معضلة القضية القومية الكردية في تركيا، لجلب الدعم الأوروبي، على الرغم من اختلاف الظروف والفضاءات السياسية في البلدين.

وعن معتقلي قيادات وأنصار المجلس الوطني الكردي في سجون حزب الاتحاد الديمقراطي، يقول بشار "دائماً هناك إطلاق سراح مجموعة ليتم اعتقال مجموعة أخرى. هناك دورة لدى العمال الكردستاني في سورية بشأن المعتقلين. يعتقلون عشرة ويطلقون سراح عشرة وهكذا. دائماً لديهم سجناء سياسيون من المناضلين الذين دافعوا عن حقوق الشعب الكردي لعشرات السنوات في وجه النظام". وشدّد على أن تركيا دولة صديقة للشعب السوري، على عكس ما يدعي الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، موضحاً "حتى الآن تركيا صديقة للشعب السوري. تضم تركيا نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري، بينهم 300 إلى 400 ألف كردي، معظمهم هربوا من بطش الاتحاد الديمقراطي ويعيشون في تركيا بأمان أكثر مما يعيش الأكراد في المناطق الخاضعة لسيطرة الاتحاد الديمقراطي". وتابع "أنا لا أدافع عن حكومة (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان، لكن تركيا تفتح مدارسها للأطفال السوريين، وتقدم الكثير من التسهيلات للسوريين، وما زالت تقف إلى جانب المعارضة السورية. بطبيعة الحال نختلف مع الحكومة التركية في بعض النقاط في الأجندة، ففي النهاية تركيا دولة لديها مصالحها، وهي لا تمثل السوريين، لكنها تبقى بالنسبة لنا كسوريين وكأكراد سورية دولة صديقة".

وأشار بشار إلى أن مشروع المجلس الوطني الكردي في سورية يقوم على فكرة أساسية، وهي التوصل إلى اتفاق على دولة سورية اتحادية تقوم على فدرالية لكل سورية، بدستور علماني، لكنه يستدرك بأن المشروع قد يحتاج إلى المزيد من الإنضاج، ولم يتم مناقشة كافة تفاصيله، بما في ذلك كيفية إقامة هذه الفدرالية على أساس قومي أو مناطقي. ويشدد على أن الاتفاق على كون سورية دولة اتحادية لا يمكن أن يتم من طرف واحد من دون التوافق مع جميع القوى السياسية السورية حوله. ويقول "عندما يتم البحث في المبادئ الدستورية سنستمر في طرح الأمر مع باقي أطياف المعارضة، لكن حتى الآن لم يلاقِ مشروعنا القبول، ولا يمكن الحديث عن نظام فدرالي في سورية من دون قبول السوريين، لأنه يجب أن يقر في الدستور بموجب توافق وطني، وهذا ما نبحث عنه".

وفي تعليقه على مستقبل الاتحاد الديمقراطي المستبعد بضغط تركي في حال التوصل إلى اتفاق سوري، يقول بشار إن "الاتحاد الديمقراطي لديه حليفان، الأول هو الأميركي، وهو حليف مؤقت مرتبط بمحاربة داعش. أعتقد أنه بعد الانتهاء من قتال داعش ستتغير العلاقة بينهما. إن الولايات المتحدة مطلعة على انتهاكات الاتحاد الديمقراطي ولديها سجل هائل حول الاعتقالات التي ينفذها الأخير، وكذلك تجنيد القاصرين والتجنيد الإلزامي، إلى غير ذلك من الانتهاكات". وأضاف "يبقى الدور الإيراني، إذ إن الاتحاد الديمقراطي يرتبط بعلاقة تبعية مطلقة مع طهران، وستقوم الأخيرة بتحديد دور الاتحاد الديمقراطي ما بعد داعش". ويؤكد أن الاتصالات مع الاتحاد الديمقراطي متوقفة، بعد فشل جميع محاولات التوصل إلى اتفاق معه، حتى تلك التي رعاها رئيس إقليم كردستان العراق، بكل ما يحمله من رمزية في صفوف الحركة القومية الكردية.

ويرى أن حزب العمال الكردستاني ليس من نسيج الحركة الوطنية الكردية، لذلك فإن "أي اتفاقات مستقبلية معه حول مواضيع معينة، ستكون من باب التعايش والتعاون مع أي حزب ينشط في المنطقة الكردية"، مستدركاً "لكن التعاون معهم من باب أنهم جزء من الحركة القومية الكردية سيكون أكبر خطأ يمكن ارتكابه". ويشير إلى أن الاتحاد الديمقراطي يشكل المانع الوحيد في وجه دخول قوات من البشمركة إلى "روج آفا" (شمال سورية) التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني السوري، والتي تم الإشراف على تشكيلها وتدريبها من قبل سلطات إقليم كردستان وتحارب "داعش" على الجبهات العراقية. ويضيف "لدخول هذه القوات يجب أن يكون هناك توافق دولي، وبالذات أميركي"، رافضاً أي مشاركة لقوات البشمركة في القتال خارج المناطق ذات الغالبية الكردية.

المساهمون