"داعش" يخسر خطوط دفاعاته: حرب شوارع بالساحل الأيمن للموصل

"داعش" يخسر خطوط دفاعاته: حرب شوارع بالساحل الأيمن للموصل

26 فبراير 2017
محاولات لتحرير المناطق القريبة من مطار الموصل(هامن بابان/الأناضول)
+ الخط -
خلال الأسبوع الأول من معركة تحرير الساحل الأيمن للموصل، أصبح واضحاً أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بدأ يفقد توازنه أمام تقدّم القطعات العراقية، والقصف الكثيف لطيران "التحالف الدولي" ومدفعيته التي واصلت قصف أهدافه وخطوط دفاعاته، لينكشف ظهر التنظيم وتتفكك خطوط دفاعاته تباعاً، والتي حصّن بها مركز المدينة.

وعلى وقع القصف المكثّف لطيران التحالف ومدفعيته، يضطر "داعش" إلى تغيير استراتيجيته من المواجهة إلى استنزاف وتشتيت القطعات المتقدمة عن طريق تجمعات صغيرة تواجه هنا تارةً وتضرب هناك تارةً أخرى. وفي الوقت نفسه، يعمل "داعش" على الانسحاب نحو مركز مدينة الموصل، والتي قد تكون معركة الحسم فيها أكثر صعوبة بسبب كثافة المدنيين الموجودين فيها، في حين بدأت القطعات العراقية بالتدفق نحو مطار الموصل ليكون مقراً لقيادتها وتوزيع مهامها.

وتسعى القوات العراقية المهاجمة لتحرير ما تبقى من مناطق قريبة من المطار، والتي تعد بوابة مركز المدينة القديمة في الموصل. وقال ضابط في قيادة عمليات "قادمون يا نينوى"، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "القطعات العراقية لم تمنح التنظيم فرصة التقاط أنفاسه بعد انتزاع مطار الموصل ومعسكر الغزلاني منه". وبيّن أنّ "القطعات التي تجمّعت في المطار تحرّكت وفقاً للخطة المرسومة لها، بعدما تدفّقت قطعات كبيرة من الساحل الأيسر إلى مطار الموصل". وأوضح أنّ "القيادة المركزية وزّعت القطعات وفقاً للخطة المعدّة وتحرّكت باتجاه الأحياء القريبة من المطار، وقد بدأت فعلاً بانتزاعها تباعاً من يد داعش"، بحسب تعبيره. وأكد "السيطرة على أحياء حاوي الجوسق وتل الرمان والمأمون وأجزاء من وادي حجر وأجزاء من حي الطيران الذي يضم مباني الحكومة المحلية ومجلس المحافظة ومبنى القنصلية التركية". وأضاف أنّ "هذه المناطق التي لا يفصلها سوى كيلومترين أو أقلّ بقليل عن مركز المدينة القديمة، تعدّ الحدّ الفاصل عن المدينة، الأمر الذي يدفع التنظيم لمحاولة تأخير تقدّم القطعات العراقية محاولاً التحصن داخل الأحياء السكنية للمدينة القديمة".

وأشار الضابط نفسه إلى أنّ "التنظيم بدا مكسوراً، ولم يبد مقاومة عنيفة أمام القطعات المتقدّمة". وذكر أنّ "التنظيم واجه القوات بمجموعات صغيرة، تناور بوجهها وتعمل على المشاغلة والانسحاب، فيما تراجع أغلب عناصر التنظيم نحو الأحياء السكنية في مركز المدينة، الأمر الذي يؤشّر إلى أنّ التنظيم سيستعد للمعركة في داخل تلك الأحياء مستغلاً الكثافة السكانية بها، والتي تفرض على القطعات العراقية التقييد بالقصف والتقدّم"، وفق قول المصدر نفسه. وتابع أنّ "طيران التحالف الدولي الذي يوفر تغطية كاملة للقطعات المتقدّمة، مستمر بقصف أهداف وتجمعات داعش"، مضيفاً أن هذا الطيران "أحبط عدداً من الهجمات الانتحارية بسيارات مفخخة وقصفها قبل وصولها إلى أهدافها باتجاه القطعات العراقية"، وفق تأكيده.


وأكد قائد جهاز "مكافحة الإرهاب"، اللواء الركن معن السعدي، أنّ "قوات الفرقة الذهبية وصلت إلى مشارف الجسر الرابع من الضفة الجنوبية للموصل". وقال في تصريح صحافي إنّ "قوات الجهاز فرضت سيطرتها الكاملة على الملعب الرياضي في منطقة الدواسة، وهي الآن باتجاه مركز المدينة من المحور الجنوبي". وبيّن أنّ "القوات قتلت أكثر من 50 عنصراً من داعش، واعتقلت آخرين خلال سير المعارك".

وأثنى عضو لجنة الأمن البرلمانية، محمد الكربولي، على "التقدّم الكبير الذي أحرزته القطعات العراقية في معارك الساحل الأيمن للموصل". وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "التقدم الكبير يدل على قدرة وقوة للقطعات العراقية التي تخوض معارك الموصل"، مؤكداً على "أهمية العمل على التنسيق أولاً بأول مع قيادة التحالف الدولي للسير وفق خطط مشتركة مدروسة تضمن حسم المعارك وتحقيق النصر الكامل على داعش"، وفق وصفه.

ورأى الخبير العسكري، عبد الباري العزاوي، أنّ "كل المؤشرات والمعطيات الميدانية تؤكد وجود انكسار واضح في صفوف داعش الذي يحاول تدارك الموقف بالتحصن داخل مركز المدينة القديمة"، بحسب ما ذكر. وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاستراتيجية الجديدة المتبعة من قبل القطعات العراقية، والتي تطبّق بالتنسيق مع طيران التحالف الدولي الذي كثّف قصفه بشدّة على أهداف داعش، تسببت بحل عقد دفاعات داعش، واضطراره لترك المواجهة والتحول نحو المشاغلة والانسحاب التكتيكي"، وفق تعبيره. وأضاف أنّ "طيران التحالف الدولي لم يمنح التنظيم فرصة لتنفيذ أي هجوم أو تفجير بوجه القوات المتقدّمة، من خلال ضرب أي تحرّك له". وذكر أنّ "كل ذلك دفع التنظيم إلى التراجع حتى بدأ بالتجمّع داخل أحياء المدينة القديمة المكتظّة بالسكان ليحاول الاحتماء بالمدنيين وإعداد خطط المواجهة فيها"، على حد تأكيده.

وأشار العزاوي إلى أنّ "المعارك كلّها لا تزال خارج المنطقة القديمة، والتي تختلف كثيراً بطبيعتها الجغرافية وشوارعها عن المنطقة القديمة، إذ إنّ فيها شوارع واسعة أتاحت للقطعات العراقية دخولها بالدبابات والآليات العسكرية". ولفت إلى أن تنظيم "داعش" لجأ في المقابل "إلى التحصن في المنطقة القديمة، وقد قطع كافة طرقها الرئيسية محاولاً فرض استراتيجية جديدة تحول دون تمكّن القطعات العراقية من دخول المدينة وخوض حرب شوارع فيها، ما يجعل من ذلك تحدياً جديداً يواجه القطعات المتحركة نحو مركز الموصل، ويفرض عليها وضع الخطط الكفيلة بتحقيق النصر"، بحسب قوله.

المساهمون