تعثّر تشكيل الحكومة المغربية: تأويلات دستورية متضاربة

تعثّر تشكيل الحكومة المغربية: تأويلات دستورية متضاربة

23 فبراير 2017
تعثّر تشكيل الحكومة منذ أكثر من 4 أشهر(جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -
كلما تأخر ميلاد الحكومة المغربية، التي كلف العاهل المغربي الملك محمد السادس، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، عبد الإله بنكيران، بتشكيلها، تظهر تأويلات دستورية تحاول اقتراح مخارج للأزمة التي أدت إلى حالة جمود في مسار تشكيل التحالف الحكومي، على امتداد أكثر من أربعة أشهر.

وتتأرجح التأويلات الدستورية التي يقدمها محللون وسياسيون مغاربة، بين الفصل 47 من دستور 2011، الذي لم يشر إلى أي حل في حال عجز رئيس الحكومة عن تشكيل أغلبيته، وبين الفصل 42 الذي يتيح للملك التدخل بصفته ضامن حسن سير المؤسسات الدستورية في البلاد.

وفي السياق، علّق الخبير في القانون الدستوري، عثمان الزياني، على هذا السجال قائلا: "مع استمرار حالة الانسداد في تشكيل الحكومة، تكثر الفتاوى الدستورية التي تنتصر لضرورة الحفاظ على الشرعية الدستورية مهما كانت التكلفة السياسية والمالية، وأخرى تحاول أن تقدم تأويلات دستورية قد تحتمل الصواب والخطأ".



وأكد الزياني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن هناك فريقا يدعو إلى اعتماد خيار إجراء انتخابات سابقة لأوانها لاحترام مقتضيات الفصل 47 من الدستور، والذي لم يحمل معه أي استثناءات في حالة تعذّر تشكيل الحكومة من طرف رئيس الحكومة المنبثق عن الحزب المتصدر للانتخابات.

وتابع: "هناك من يحاول إسقاط مقتضيات الفصل 42 على هذه الحالة، والذي يعطي الملك الحق في التدخل لتجاوز حالة الانسداد، من خلال استثمار معطى ممارسة اختصاص التحكيم، أو الحفاظ على سير المؤسسات الدستورية". 


وأضاف: "هناك فريق ثالث يدعو إلى تجاوز الدستور، سواء من خلال طرح إمكانية تعيين رئيس للحكومة من الحزب الثاني الفائز في الانتخابات، أو تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وهي تفسيرات وحلول تزيد الأمر تعقيدا وغموضا، بحكم أنها تنطلق من خلفيات سياسوية وبراغماتية مصلحية".

وذهب الزياني إلى أن "هناك تصارعا لأطروحتين، أطروحة تنتصر للشرعية الدستورية، وأطروحة تغلّب منطق تجاوز حالة الانسداد والعطالة الحكومية، حتى لو تطلّب الأمر تجاوز الدستور، باعتبار أن الوضع يستدعي التعامل مع وضع استثنائي مكلف".

ورأى أن "هذا الشتات الموجود على مستوى الفتاوى الدستورية لا يخدم تجاوز حالة الانسداد، بقدر ما يزيد من تعقيدها، فأمام غموض الدستور وجب الاحتكام إلى المنطق الدستوري الذي يعزز تزكية الخيار الديمقراطي، ويؤسس لمبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها".

ودعا الزياني إلى ما أسماه "الحد من امتدادات الفصل 42 على باقي الفصول، لأننا لا نريد دستورا داخل دستور، أو التأسيس لطبقة عليا داخل الوثيقة الدستورية، محورها ومركزها الفصل 42"، على حد تعبيره.

وخلص إلى "وجوب التفكير مليا في تعديل الفصل 47 من خلال الحفاظ على مكسب تعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز، مع تقييد فترة تشكيل الحكومة بقيد زمني معقول، وإيراد بعض الاستثناءات في حالة تعذّر تشكيل الأغلبية الحكومية".

كما دعا إلى "التأسيس لفقه دستوري مستقل يغلّب التأويل القانوني على حساب التأويل السياسي الذي يخدم أجندات السلطة والأحزاب، وينتصر لمتطلبات البناء الديمقراطي الحقيقي".



المساهمون