تحذير للبرلمان التونسي من عدم دستورية قانون "الاستقلالية المالية"

تحذير للبرلمان التونسي من عدم دستورية قانون "الاستقلالية المالية"

22 فبراير 2017
الخبراء يحذرون من تعارض القانون مع الدستور (ياسين كايدي/الأناضول)
+ الخط -

حذر خبراء في القانون الدستوري، البرلمان التونسي من خرق وشيك للدستور، عبر محاولات تمرير قانون الاستقلالية المالية والإدارية.

ووصف عدد من الخبراء هذا القانون بـ"التجاوز الخطير للصلاحيات الدستورية للبرلمان ومحاولة للالتفاف على مفاصل الدولة، عبر فهم خاطئ للبرلمانيين لبنود الدستور التي تنص على استقلال البرلمان إدارياً ومالياً عن السلط التنفيذية، وذلك بإعطاء صلاحيات أعلى من بقية السلط في الدولة".

وأكد رئيس البرلمان، محمد الناصر، في افتتاح مؤتمر حول كيفية تكريس استقلالية المجلس الإدارية والمالية، وعلاقته بالسلطات الأخرى، أنه "من الناحيتين الدستورية والقانونية، هناك تنصيص واضح في الدستور، على ضرورة تمتع مجلس نواب الشعب بالاستقلالية الإدارية والمالية في إطار ميزانية الدولة. كما ينص على أن تضع الدولة على ذمة المجلس الموارد البشرية والمادية اللازمة لضمان حسن أداء النائب لمهامه"، متسائلا عن كيفية ذلك.



ويحاول البرلمان إلغاء الرقابة على التصرف المالي وضخ موارد إضافية، بالإضافة لتجاوز السلطات الإدارية التي تقيد صلاحياته في الانتداب وتعزيز العنصر البشري، غير أن للخبراء رأيا مخالفا لهذا المسار، إذ يعتبرون أن هذا النص يمكن إسقاطه ورفضه من الناحية الدستورية.

وقال الأستاذ في القانون الدستوري، كمال بن مسعود، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "لا مجال لتنظيم الاستقلالية الإدارية لمجلس نواب الشعب في قانون أساسي أو عادي مستقل، لأن الدستور يمنع التوسع في مجال القانون. وتبدو الإشارة صريحة في البند 65 من الدستور، الذي يؤكد أنه من غير الجائز التنصيص على الاستقلالية الإدارية للبرلمان ضمن نص قانون أساسي"

وشدد بن مسعود على أن "تنظيم الاستقلالية الإدارية للمجلس تدخل في مجال نظامه الداخلي، أما الاستقلالية الإدارية والمالية، فمنصوص عليها في البند 52 من الدستور في إطار ميزانية الدولة، وهو ما يضمن مبدأ الفصل بين السلطات ويكرسه"، مشيراً إلى أن "جوهر القانون يفتح المجال لأن يكون المجلس، ذاتا معنوية قانونية، مستقلة تماما عن الدولة، وهذا ما لا يجوز".

وفي السياق نفسه، نبّه أستاذ القانون، خالد الماجري، من "ضرب مبادىء الفصل بين السلطات أو تجاوز سلطة لأخرى"، مستعرضا التداعيات القانونية والدستورية لمصادقة البرلمان على هذا القانون، مبينا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه يتضمن خرقا واضحا للبند 65 من الدستور لعدم احترام مجال القانون الحصري، و"لا توجد أي إشارة إلى المجالات التي يزعم البرلمانيون أنهم اعتمدوها لتصنيف هذا القانون"

وأضاف أن "هذا القانون مشوب بعيب اللادستورية، لأنه يقع في تضارب واضح مع الفصل 65 من الدستور، الذي ذكر على سبيل الحصر لا الذكر مجالات القانون، ولذلك فهي تشكل خرقا للدستور وتجاوزا من البرلمان لحدود اختصاصه".

في المقابل، دافعت رئيسة لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية (اللجنة البرلمانية التي أعدت هذا القانون)، كلثوم بدر الدين، عن القانون الذي حذر منه الخبراء. وقالت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن  أعضاء البرلمان الذين صاغوا هذا القانون اختاروا أن يكون في صيغة قانون أساسي، على أساس مبدأ التفريق بين السلطات والتوازن بينها.

وأشارت بدر الدين إلى أن "هذا المبدأ ولئن وقع التنصيص عليه في الدستور، فإنه لا يكفي أن يكون القصد منه تحقيق الاستقلالية العضوية للسلطة التشريعية دون تحقيق الاستقلالية الوظيفية لهذه السلطة، إذ لا بد من التنصيص والتأكيد على استقلالية إدارية ومالية واضحة المعالم للسلطة التشريعية، وخاصة أن التجارب في هذا المجال متعددة ومتنوعة".




المساهمون