حفتر والحسم العسكري: رهانات صعبة لتعظيم المكاسب

حفتر والحسم العسكري: رهانات صعبة لتعظيم المكاسب

21 فبراير 2017
حفتر يراهن على دعم القبائل والعائلات الكبيرة(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

يحاول قائد "قوات الكرامة" التابعة لبرلمان طبرق، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، التلويح بين الحين والآخر بمسألة الحسم العسكري في ليبيا، لمواجهة أي قوى مسلحة غير القوات التي يقودها. وظهر هذا التلويح الذي لم يكن في صورة تهديد، خلال لقاءات حفتر مسؤولين مصريين في القاهرة، خلال الأسبوع الماضي، لبحث التوصل لاتفاق سياسي لوحدة ليبيا، تحت مظلة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج. ولكن حفتر رفض لقاء السراج بشكل علني، وضغط على رئيس مجلس النواب في طبرق، عقيلة صالح، لرفض لقاء السراج أيضاً، باعتباره الرجل القوي في ليبيا حالياً، بحسب مصادر مطلعة على سير المشاورات المصرية مع الفرقاء الليبيين.
ويطرح التلويح بالحسم العسكري في ليبيا من حفتر، تساؤلاً حول القدرة على ذلك خلال الفترة القريبة المقبلة، حتى مع الحصول على دعم من أطراف دولية وتحديداً روسيا، عدا عن الدعم المصري الإماراتي. وقالت مصادر ليبية مقربة من معسكر برلمان طبرق، إن حفتر يلوّح بالحسم العسكري، اعتماداً على الدعم الروسي لتحركات ما يعرف بـ"الجيش الوطني الليبي"، فضلاً عن الدعم الإماراتي المصري.
وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن إحدى الدول الأوروبية تدعم حفتر عسكرياً باعتباره الرجل القوي في ليبيا، ولكن ليس بصورة معلنة، بخلاف موقف دول أوروبية ترى أنه بات جزءاً من المعادلة وليس خارجها. وتابعت أن حفتر يراهن على دعْم القبائل والعائلات الكبيرة وتحديداً في الشرق، ولكن دول الجوار تريد الدخول في اتفاق سياسي يضم كل الأطراف الفاعلة من دون استثناء، وعدم التطرق لفكرة الحسم العسكري.
من جهتها، قالت مصادر مصرية، إن حفتر لم يتحدث صراحة عن الحسم العسكري في ليبيا، ولكنه مجرد تلويح فقط سواء في لقاءات رسمية أو غير رسمية. وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن حفتر يأمل في الحصول على دعم دولي وإقليمي بشأن الحسم العسكري، على اعتبار وجود قرار من مجلس الأمن الدولي بحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا، ولكن أغلب الأطراف الفاعلة في الأزمة ترفض مسألة الحسم العسكري.
وتابعت، إن حفتر يعوّل على الدعم الإماراتي، ولكن الجانب الإماراتي لا يدرك التفاصيل على أرض الواقع، خصوصاً أن هناك حسابات عسكرية دقيقة تجريها المؤسسة العسكرية المصرية، ولا تشير التقديرات إلى إمكانية الحسم العسكري القريب، وإلا كانت مصر دعمته. ولفتت إلى أن حفتر يسعى للدعم الروسي، ولكن هناك معوقات عدة لأن ليبيا منطقة نفوذ أوروبي، وتتحرك روسيا فيها بحذر شديد. وشددت المصادر على أن التلويح بالحسم العسكري ليس إلا محاولة لتعظيم مكاسب حفتر فقط، في ظل رفض إقليمي ودولي هذا السيناريو.
وقال الخبير العسكري، العميد صفوت الزيات، إن رهانات حفتر على الحسم العسكري في ليبيا، صعبة للغاية، لأن هناك فارقاً بين الرغبة والقدرة. وأضاف الزيات لـ"العربي الجديد"، أن الحسم العسكري في ليبيا خيار غير مطروح على الساحة على المستوى القريب، إلا إذا نجح حفتر في الحصول على دعم عسكري كبير وقوي.
وتابع، إن حفتر يسعى للحصول على دعم من روسيا، وإذا تحقق ذلك، فإن سيناريو الحسم العسكري قد يكون ممكناً من الناحية النظرية، لأن هذا الدعم في سورية لم يحسم المعركة على أرض الواقع، مشيراً إلى أن الدعم الروسي للنظام السوري، في مجمله قصف جوي من طائرات متطورة، لسد ثغرات معينة، ولكنه لم يقضِ على فصائل المعارضة المسلحة.
وتوقّع الزيات عدم موافقة حلف شمال الأطلسي ودول أوروبا الغربية، على تكرار السيناريو الروسي في سورية مع ليبيا، عبر دعم حفتر، باعتبار أن سيناريو الحرب الأهلية في المجال الحيوي لأوروبا أمر غير مقبول تماماً. وشدد على أن القدرة العسكرية لحفتر تمركزها في شرق ليبيا وهي منطقة نفوذه، ولكن خارجها الأمر صعب للغاية، ولعل العرض العسكري لقوات "البنيان المرصوص" كفيل بالرد على فكرة الحسم العسكرية.
ولفت إلى أن قوات "البنيان المرصوص" تُقدّم نفسها للغرب على أنها تمكنت من طرد "داعش" من غرب ليبيا وتحديداً من سرت، وهي من دفعت الثمن لطرد التنظيم، وما كان لحفتر القدرة على تحقيق هذا الانتصار، مشيراً إلى وجود رغبة في إشراك الكل في عملية سياسية، سواء حفتر أو غيره من القوى الفاعلة على الساحة الليبية، وهذا بعيداً عن فكرة الدعم العسكري المصري والإماراتي العلني والصريح.
وبالحسابات العسكرية، وفقاً للزيات، فإن الحسم العسكري الذي يلوح له حفتر بين الحين والآخر صعب، لأنه يعني السيطرة على نحو 500 كلومتر من بنغازي وحتى الحدود الليبية مع تونس غرباً، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا مع دعم قوة عسكرية عظمى تمتلك سلاح طيران قوياً، وربما يكون رهان حفتر على روسيا.


في اتجاهٍ موازٍ، تروج مصادر مقربة من حفتر، إلى أنه يخطط لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة، في حال إتمامها بحلول فبراير/شباط 2018، بحسب ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات القاهرة أخيراً. وكشفت مصادر ليبية لـ"العربي الجديد"، عن رغبة حفتر في خوض انتخابات الرئاسة المقبلة، حال إتمامها بحلول فبراير المقبل، أو بعد ذلك التوقيت.
وقالت المصادر، إن حفتر يستند في هذه الخطوة إلى الدعم الإقليمي من بعض الدول، فضلًا عن دعم روسي وبعض دول الاتحاد الأوروبي، وعلى خط أيضاً، الولايات المتحدة الأميركية بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة. وأضافت أنه يقدّم نفسه باعتباره الرجل القوي في ليبيا، القادر على جمع الفرقاء ومواجهة المليشيات المسلحة، من أجل توحيد ليبيا، معتمداً على دعم عسكري إقليمي ودولي. واعترفت المصادر بصعوبة إجراء انتخابات الرئاسة في ظل الفوضى التي تعيشها ليبيا، ولذلك يصمم حفتر على عرقلة أي اتفاق سياسي، ويفضل الاعتماد على الحل العسكري للقضاء على كل المليشيات المسلحة لضمان السيطرة التامة منفرداً على الأوضاع في ليبيا. وشددت على أن حفتر أوصل للمسؤولين المصريين رغبته في القضاء على المليشيات المسلحة لدحرها، ليس فقط تنظيم "داعش"، ولكن كل التيارات الإسلامية.
في السياق نفسه، اعترفت مصادر مصرية، مقربة من ملف رأب الصدع الليبي، بأن المشاورات بين حفتر وصالح من جهة، وفائز السراج من جهة أخرى، فشلت تماماً في الوصول لاتفاق محدد بين الطرفين المتنازعين. وقالت المصادر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن الجهود المصرية فشلت في جمْع الفرقاء على طاولة مفاوضات واحدة، لأن حفتر أبدى رفضاً شديدًا للقاء السراج، بل إنه ضغط بقوة على صالح لعدم مقابلة رئيس المجلس الرئاسي. وأضافت أن المسؤولين المصريين حرصوا على استضافة صالح، لحلحلة الموقف تماماً، ولكن حفتر رفض بشدة لقاء السراج، استناداً إلى أنه يمتلك القوة الحالية على الأرض. وتابعت أن حفتر رفض أن يكون مجرد وزير دفاع تحت قيادة السراج، لحين انتهاء المرحلة الانتقالية، والدخول في انتخابات رئاسية ونيابية جديدة.
ولفتت المصادر إلى أن الطرح الذي تبناه السراج هو تشكيل حكومة برئاسته وتضم نائبين، الأول عن الشرق وطرح اسم فتحي المجبري، والثاني عن منطقة الجنوب، على أن يتم ضم كل المجموعات المسلحة في الجيش الليبي تحت قيادة حفتر. وأشارت إلى أن القاهرة أصيبت بخيبة أمل جراء فشل المشاورات الأخيرة التي استضافتها، بعد عرقلة حفتر محاولات الاتفاق السياسي لحل الأزمة الليبية، والتعويل على الحسم العسكري. وأوضحت أن اللقاء المشترك بين حفتر والسراج كان الفرصة الأخيرة بالنسبة القاهرة لرأب الصدع، ولكن بدت الأمور أكثر سوءاً مما تخيلته اللجنة الوطنية المصرية لمتابعة الملف الليبي.