مواجهة مبكرة بين أميركا وإيران... وتقارب مع الخليج

مواجهة مبكرة بين أميركا وإيران... وتقارب مع الخليج

03 فبراير 2017
ترامب: إيران وُضعت رسمياً تحت المراقبة (نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -


لم يتأخر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في توضيح سياساته تجاه المنطقة في الأيام الأولى من حكمه، والتي جاءت كما كان متوقعاً بمواجهة إيران ومحاربة الإرهاب. وسريعاً وقعت أولى المواجهات بين واشنطن وطهران على خلفية إجراء الأخيرة تجربة جديدة على صاروخ باليستي متوسط المدى، ليستغل ترامب الموضوع ويهاجم الاتفاق النووي، الذي يبدو أنه سيكون هدفه المقبل.
وأعلن ترامب في تغريدات عبر "تويتر" أمس الخميس، أنّه "تم وضع إيران رسمياً تحت المراقبة بعد إطلاقها صاروخاً باليستياً. كان ينبغي عليها أن تكون شاكرة للاتفاق الرهيب الذي قامت به الولايات المتحدة معها"، في إشارة للاتفاق النووي، مضيفاً أن "إيران كانت في مراحلها الأخيرة وعلى حافة الانهيار إلى أن جاءت الولايات المتحدة ووفّرت لها خط الحياة على شكل الاتفاق الإيراني: 150 مليار دولار". وفي وقت سابق أمس، انتقد الرئيس الأميركي إيران على خلفية دورها في العراق. وقال في تغريدة، إن إيران "تسيطر بشكل سريع على المزيد والمزيد من العراق، حتى بعد أن أهدرت الولايات المتحدة ثلاثة تريليونات دولار هناك. هذا واضح منذ فترة طويلة".
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي، مايكل فلين، قد دان الأربعاء التجربة الصاروخية التي أجرتها إيران، الأحد الماضي، معلناً عن توجيه "تحذير رسمي لإيران". وقال فلين، في إفادة صحافية بالبيت الأبيض: "نحذر إيران بشكل رسمي اعتباراً من اليوم". وأضاف: "إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما أخفقت في الرد بشكل كاف على تصرفات طهران الضارة"، مضيفاً "إيران تشعر حالياً بأنها أكثر جرأة، ونحن نوجه إليها تحذيراً رسمياً". واعتبر إطلاق الصاروخ الباليستي، تحدياً لقرار مجلس الأمن الذي يطالب إيران بعدم القيام بأي أنشطة متعلقة بالصواريخ الباليستية المصممة لتكون قادرة على حمل أسلحة نووية.
وقال فلين إن "الأعمال الإيرانية الأخيرة، ومن بينها إطلاق صاروخ باليستي، والهجوم على زورق تابع للبحرية السعودية قام به متشددون حوثيون مدعومون من إيران، تؤكد ما كان جلياً للمجتمع الدولي على الدوام بشأن مسلك إيران المزعزع للاستقرار في كافة أرجاء الشرق الأوسط". ووصف فلين إقدام "قوات الحوثيين المدربة والمسلحة من إيران على توجيه ضربات إلى زوارق سعودية وإماراتية، وتهديد سفن أميركية وحليفة أثناء عبورها البحر الأحمر" بأنها تمثّل "مواصلة إيران تهديد أصدقاء الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة".
لكن إيران ردت معلنة أنها لن تخضع لـ"تهديدات" الولايات المتحدة المتعلقة بتجربة إطلاق صاروخ باليستي. وقال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي: "هذه ليست أول مرة يهدد فيها شخص عديم الخبرة إيران... ستفهم الإدارة الأميركية أن تهديد إيران عديم الجدوى". ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية عنه قوله أمس: "إيران ليست في حاجة لإذن من أي دولة حتى تدافع عن نفسها".


وجاء التصعيد تجاه طهران، في الوقت الذي أبدت فيه الإدارة الأميركية تفاهماً مبدئياً مع السعودية والإمارات، كما برز في الاتصال الهاتفي بين ترامب والعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد. إضافة إلى تواصل وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس مع ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، وتأكيده على عمق وأهمية العلاقة بين البلدين.
في هذا السياق، استدعت الإمارات يوم أمس القائم بالأعمال الإيراني في أبوظبي، لتسليمه مذكرة احتجاج على دعم طهران لمليشيات الحوثي وقوات الرئيس اليمني المخلوع، علي عبدالله صالح، الخطوة التي جاءت على وقع تصريحات فلين التصعيدية تجاه طهران.
وتأتي التصريحات الأميركية لتتجاوز الإدارة الأميركية الجديدة نهج أوباما حيال إيران، والذي فصل تمدّدَ إيران وزعزعتها لاستقرار المنطقة عن مفاوضات الاتفاق النووي، ليتحوّل الاتفاق إلى بنود تقنية تتجاهل هيمنة إيران على عدد من الدول، ودعمها النظام السوري والحوثيين في اليمن.
وجاء التقارب الأميركي-الخليجي مدفوعاً باستشعار الطرفين الخطر الإيراني في المنطقة، وتوافقهم في ملفات العراق وسورية واليمن، خصوصاً في مواجهة التمدد الإيراني، ومحاربة الإرهاب. وكان وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، قد أكد في اتصال هاتفي مع ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مطلع الأسبوع الحالي، على "قوة العلاقات الدفاعية الأميركية-السعودية" مثنياً على الدور الذي تقوم به المملكة في "محاربة تنظيم الدولة الإسلامية حول العالم". كما أشار ماتيس بحسب بيان للبنتاغون، إلى "قوة العلاقات الأميركية-السعودية وأهميتها، خصوصاً في مواجهة التحديات الأمنية في الشرق الأوسط"، في إشارة إلى إيران بحسب مراقبين.
ولم تصدر الرياض دعماً لقرار ترامب حظر دخول مواطني سبع دول إلى الأراضي الأميركية، إلا أن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، وعبر لقاء مع قناة "بي بي سي" أكد أنه "من حق الولايات المتحدة أن تدافع عن شعبها" في إشارة إلى قرار الحظر. وكان قرار حظر دخول مواطني إيران والصومال والعراق وليبيا واليمن والسودان وسورية إلى الولايات المتحدة قد أثار موجة انتقادات عالمية، واحتجاجات في الداخل الأميركي، ممن اعتبروا القرار تمييزاً دينياً ضد المسلمين، الأمر الذي تحدّث عنه ترامب طويلاً خلال حملته الانتخابية.
أما في الملف العراقي، فقد تأزمت العلاقة بين واشنطن وحكومة بغداد، إثر وضع الإدارة الأميركية العراق ضمن قائمة الدول السبع التي يحظر على مواطنيها دخول الأراضي الأميركية. الخطوة الأميركية التي استنكرها العراق، وأقر البرلمان العراقي قانون "المعاملة بالمثل" تجاه الأميركيين. ولا يبدو أن الدعم الأميركي للحكومة العراقية سيستمر بنفس وتيرة إدارة أوباما، خصوصاً أن ترامب لا يخفي رفضه لهيمنة إيران على بغداد، وعزمه على مواجهة تمدد إيران الذي تسبب فيه الاحتلال الأميركي في العام 2003.
في السياق ذاته، وضعت إدارة ترامب اليمن ضمن الدول التي يحظر على مواطنيها دخول الأراضي الأميركية، في الوقت الذي شنّت فيه القوات الأميركية عملية إنزال خاطفة في محافظة البيضاء ضد من تصفهم بالإرهابيين، العملية التي أسفرت عن مقتل مدنيين باعتراف البنتاغون، وهي خطوة قُرئت تصعيداً عسكرياً إضافياً ضد من تصفهم الولايات المتحدة بالإرهابيين. وكانت مصادر صحافية قد أكدت مشاركة قوات إماراتية مع القوات الأميركية في عملية الإنزال التي شهدها اليمن، وأدت إلى مقتل مطلوب للحكومة السعودية.
في السياق السوري، وعلى غرار مواقف إدارة ترامب المبدئية، لم تتضح بعد تفاصيل رؤية إدارته تجاه الأوضاع هناك. إلا أن ترامب أكد في الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع العاهل السعودي عزمه إقامة مناطق آمنة في سورية، وفي الوقت الذي رحبت فيه الرياض بالخطوة، أكدت أبو ظبي رغبتها بمعرفة المزيد من تفاصيلها قبل اتخاذ موقف حيالها.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد سلمت مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" أسلحة نوعية ومدرعات الأسبوع الحالي، في استكمال لاتفاقات سابقة عقدتها الإدارة الأميركية السابقة. ومن غير الواضح حتى اللحظة إن كانت إدارة ترامب ستواصل دعم "قوات سورية الديمقراطية" في مواجهة تنظيم "داعش"، خصوصاً مع ملامح توافق الإدارة الأميركية مع تركيا، تحديداً في مسألة "المناطق الآمنة" فيما قد ينعكس استمرار دعم "قوات سورية الديمقراطية" سلباً على علاقات أنقرة بإدارة ترامب.

المساهمون