ضباط شرطة بالعراق... سماسرة ووسطاء بين الضحية ومليشيات الخطف

ضباط شرطة بالعراق... سماسرة ووسطاء بين الضحية ومليشيات الخطف

17 فبراير 2017
تورط قرابة 600 ضابط ورجل أمن(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

ألقت حادثة اختطاف طبيب عراقي في بغداد الأسبوع الماضي على يد مليشيا مسلّحة، ثم إطلاق سراحه مقابل فدية مالية، بلغت ربع مليون دولار، بظلالها على دور الشرطة العراقية في ملف الخطف، الذي بات يرعب سكان بغداد ويدفعهم لتركها أو التزام منازلهم. وقد أكدت مصادر أمن عراقية وأفراد من عائلة الطبيب، أنّ ضابطاً بالشرطة برتبة عقيد، لعب دوراً في إطلاق سراحه من خلال التواصل مع المليشيا الخاطفة، وإيصال مبلغ الفدية لهم.

وتقدر تقارير محلية عراقية عدد حالات الاختطاف التي تجري يومياً في بغداد، بما بين 6 و10 حالات، تنتهي نصفها بقتل المختطف، والآخرون يتم إطلاق سراحهم مقابل مبلغ مالي يتم التوافق عليه بين المليشيا أو العصابة المسلّحة، وبين ذوي الضحية عبر وسطاء تختارهم المليشيا نفسها، وهم بالعادة رجال أمن، أو زعماء قبليين أو رجال دين مقرّبين للمليشيا.

وفي هذا السياق، قال مسؤول حكومي رفيع في وزارة الداخلية العراقية لـ "العربي الجديد" "إن معلومات مؤكدة تشير إلى تورط ما لا يقل عن 600 ضابط ورجل أمن، في أعمال سمسرة لصالح المليشيات والجماعات المسلّحة، وتعمل مفتشية الداخلية والاستخبارات للتعرف إليهم".

كما بيّن أنّه في "الأسبوع الماضي ألقي القبض على ضابطٍ يشغل منصب معاون مدير مركز شرطة في جانب الرصافة ببغداد، استلم أموالاً من زوجة تاجر، وأوصلها إلى مجموعة مسلّحة تختطف زوجها، وتم إطلاق سراحه. الضحية وبعد إطلاق سراحه، ترك بغداد واتصل بالاستخبارات، وقدم أرقاما تسلسلية للأموال التي دفعها. وبعد اقتحام منزل الضابط، وجدت حوالي 10 آلاف دولار من مجموع المبلغ، كما اعترف أنه تلقى عمولةً من المليشيا".

وفي الوقت الذي يتوجّب على عناصر الشرطة، محاربة تلك المليشيات والجماعات المسلّحة التي سبق أن أصدرت ما يعرف بـ "هيئة الحشد الشعبي" بياناً أعلنت براءتها من تلك العمليات، إلا أن دور الشرطة يكاد يكون معدوماً.

بدوره، أكد القيادي في التيار المدني العراقي ليث سعدون لـ "العربي الجديد" وجود مساعدة من الشرطة في هذا الملف بشكل مباشر، وقال "إن الفساد داخل الجهاز الأمني والخوف من المليشيات، هو من يجعل من عمليات الاختطاف تتصاعد كل يوم".

ويعتمد جهاز الشرطة في بغداد منذ تأسيسه عقب الاحتلال الأميركي للبلاد، على أعضاء أحزاب ومقرّبين منهم، فضلاً عن عناصر مليشيات تم دمجهم في جهاز الشرطة ضمن مشروع تبناه الحاكم المدني بول بريمر عام 2004، عرف حينها ببرنامج دمج المليشيات في المؤسسات الأمنية. وهو ما أدى وفقا لمراقبين، الى بقاء الجهاز بعيدًا عن العمل المهني أو الحرفي السليم واستشراء الفساد في مفاصله المختلفة.

عضو مجلس بغداد البلدي في الرصافة، طالب الحسناوي، أكد أيضاً، تحوّل بعض ضباط الشرطة من مطاردين للجريمة إلى سماسرة، مبيّناً أن الحرب على الإرهاب جعلت الحكومة تتغاضى عن تلك الجرائم، لكنها تتحول مع مرور الوقت إلى إرهاب بشكلٍ أو آخر.

ورأى أنّ "وزارة الداخلية بحاجة الى زرع الثقة بنفوس الضباط، وجعلهم لا يخافون من الجماعات المسلحة والمليشيات التي تمتهن تلك الأعمال، وباتت تدر على بعضها نحو مليون دولار شهرياً. كما أنها بحاجة إلى تفعيل جهاز الرقابة الداخلية على مراكز الشرطة وتوعية السكان بعدم الانصياع لتهديدات مافيات الخطف".

المساهمون