خلافات متصاعدة بين البرلمان التونسي وحكومة الشاهد

خلافات متصاعدة بين البرلمان التونسي وحكومة الشاهد

16 فبراير 2017
تهدّد الخلافات قدرة حكومة الشاهد على العمل (فرانس برس)
+ الخط -



توسّعت دائرة الغضب في البرلمان التونسي على حكومة رئيس الوزراء، يوسف الشاهد، ليصل إلى مختلف الكتل البرلمانية، ما ينبئ بصدام وشيك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وتزايد غضب النواب بسبب ما اعتبروه "تجاوزاً لحكومة الوحدة الوطنية لقواعد الاحترام المتبادل الذي بنيت عليه العلاقة بين المؤسستين السياديتين، ومحاولات تجاوز السلطة الأولى (التشريعية) في البلاد".

وقالت سامية عبو، وهي نائبة عن التيار الديمقراطي، إن "يوسف الشاهد لم يحقق أيًّا من الوعود التي أعلنها أمام البرلمان"، بل إنه "ما انفك يبعث برسائل سلبية عكس ما تعهد به.. فقد وعد بمكافحة الفساد ومحاربة لوبيات الفساد وتنصّل من المصادقة على القانون عند وصوله للجلسة العامة، ويعلن أنه سيحرص على دعم الحريات والشفافية ثم يصدر منشوراً للتضييق على الحريات".

وجاءت هذه المواقف بعد طلب الحكومة تأجيل الجلسة العامة المخصصة للتصديق على مشروع "قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه"، ليلة انعقادها، لتزيد من توتير العلاقة بين الشاهد والبرلمان. ورأى النواب في طلب التأجيل "تعدياً على السلطة التشريعية، واستهزاء من قبل الحكومة بأعمال البرلمان الذي قضى زهاء الشهرين يناقش القانون داخل لجانه وينظم الاستماعات حوله للخبراء والمنظمات".

في المقابل، قال النائب عن حزب حركة "نداء تونس"، منجي الحرباوي، لـ"العربي الجديد" إن "أسباب تأجيل الجلسة العامة الخاصة بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، تعود إلى تواجد وزير الوظيفة العمومية والحوكمة، عبيد البريكي، في مهمة خارج البلاد". واعتبر أن "هذا السبب موضوعي ولا يثير أي إشكال، فلا يمكن مناقشة القانون في غياب الوزير المكلف بالملف"، مشيراً إلى "وجود خلل في التنسيق بين الحكومة والبرلمان وجب تفاديه مستقبلاً وتجاوزه".

وأكد أنه "ليس هناك أي نية للحكومة لسحب هذا القانون"، مشيراً إلى أن "الحرب على الفساد ومكافحته مسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف، وجميع مكونات المجتمع".

بدوره، وصف نائب رئيس كتلة الحرة التابعة لحزب مشروع تونس المعارضة، عبد الرؤوف الماي، ممارسات الحكومة بـ"التعدي على مجلس الشعب ورئيسه، وتجاوز لصلاحياته". وأضاف أن المجلس سنّ قانوناً لإحداث "المجلس الوطني للتونسيين بالخارج" منذ سبعة أشهر والحكومة ترفض إلى يومنا هذا إصدار الأمر الترتيبي لإرسائه، كذلك صادق البرلمان على رزمة من القوانين لم تكلّف الحكومة نفسها عناء تنفيذها بإصدار الأوامر الترتيبية لتفعيلها.

ويبدو أن شهر العسل بين الحكومة والبرلمان قد انقضى بمرور نصف العام الأول على تزكيتها وحصولها على ثقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب، إذ تعدّدت الاحتجاجات البرلمانية. واتهم نواب من لجنة المالية والتخطيط والتنمية الحكومة بالتحايل على إرادة الشعب وتطبيق الاتفاق المبرم تحت قبة البرلمان، المتعلق ببرنامج "السكن الأول".

واتهم رئيس لجنة المالية، منجي الرحوي، في تصريح لـ"العربي الجديد" الحكومة بشبهة فساد مالي، مشيراً إلى أن الأمر الحكومي الخاص بـ"السكن الأول" فضيحة وأمر مخجل، داعياً وزير التجهيز لمصارحة الشعب بالحقيقة وإلا ستتم مساءلته في البرلمان.

ويرى مراقبون أن الغليان غير المسبوق داخل البرلمان قد يصعب أكثر من مهام الحكومة مستقبلاً، فبداية فقدان حكومة الوحدة الوطنية لثقة نواب الشعب وارتفاع منسوب الاحتقان يعيد تونس إلى فترة تهالك الثقة في حكومة الحبيب الصيد والصدام البرلماني، والذي أفقدها القدرة على المواصلة، ولكن الأصوات المعارضة عموماً لا تهدّد الأغلبية المريحة التي تحظى بها الحكومة إلى حد الآن.