الحالمون المتحمسون

الحالمون المتحمسون

15 فبراير 2017
يشكو الأردنيون من تردي الوضع الاقتصادي(ثيري ترونيل/Getty)
+ الخط -
تناقلت وسائل إعلام أردنية على نحو واسع خبرا مفاده توقيع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على قرار يسمح لمواطني دول عربية بينها الأردن بالسفر إلى الولايات المتحدة من دون تأشيرة. بالضرورة، لا يتطلب الحكم على كذب خبرٍ من هذا الطراز إلا وقفة كبيرة، أو تدقيقاً زائداً عن اللزوم، وذلك حتى قبل أن تنفيه السفارة الأميركية في عمّان ببيان مفصل. الخبر الكاذب، داعب طموحات غالبية الأردنيين، الذين ترتسم أميركا في خيالهم، بلد الأحلام والفرص، والأموال السائلة، ورغد العيش، فصدقوا الخبر من دون محاولة منهم للتأكد من صحته، وراحوا يتجهزون لسفر يحثون إليه الخطى، ولاحقاً قاوموا بيان النفي الصادر عن السفارة واعتبروا أنه الكذب الذي يسعى لإجهاض أحلامهم الكبيرة. النكات الكثيرة التي أثيرت حول مستقبل الأردن بعد القرار الكذبة، تؤشر بشكل جاد إلى الحالة التي وصل إليها المواطنون في بلادهم، وهم الذين يتلمسون على نحو متزايد أثار السياسيات الاقتصادية "الكارثية" المتعاقبة، والتي توّجتها قرارات أخيرة دخلت حيز التنفيذ مطلع شهر فبراير/شباط الحالي، متسببة في ارتفاع أسعار السلع والخدمات على نحو لا يطيقه الفقراء ومحدودي الدخل.

التعليق الأكثر انتشاراً على الخبر الكذبة، كان "آخر واحد بيطلع فيكم ما ينساش يطفي ضو المطار ويسكر الباب وراه"، قد يكون ذلك مبالغاً فيه، لكنه يحاول تفسير واقع متخيل بشكل فنتازي، ترفض السلطة التعامل معه بجدية كأداة قياس لتوجهات الأردنيين.
المتمسكون بالبقاء، سيكونون قلة، يتوزعون بين من فقدوا الأمل نهائياً واستسلموا لواقع بؤسهم وتعاملوا معه قدراً لا خلاص منه، وآخرين يستفيدون من بقائهم كونهم المستفيدين تاريخياً من جود الدولة التي ارتبطوا بها بعلاقة زبائنية، من دون التقليل من أن قلة سيفضلون البقاء لإيمانهم بالوطن.
شهوة الهرب لا تتوقف عن حدود "الحلم الأميركي"، بل تتعداه إلى أي مكان يوفر للأردنيين فرص حياة أفضل، بعد أن ضاقت عليهم الحياة في وطنهم، لذلك تجدهم طوابير على أبواب السفارات الغربية، ومكاتب التوظيف في دول الخليج. لا أحد يمتلك حق نعتهم بـ"الخونة"، بعدما أصبحوا في وطنهم غرباء، وأصبحوا يقتاتون على الأحلام حتى الكاذب منها.