إسرائيل و"الدولة الفلسطينية في سيناء": خزعبلات أم خطة جدية؟

إسرائيل و"الدولة الفلسطينية في سيناء": خزعبلات أم خطة جدية؟

16 فبراير 2017
تعزز المخاوف بسبب تهجير أهالي المنطقة الحدودية(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
يرى كثيرون في مصر أنه لا يمكن فصْل حديث الوزير الإسرائيلي في حكومة، بنيامين نتنياهو، أيوب قرا، عن تبنِّي إسرائيل والولايات المتحدة خطة قال، إنها مصرية طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء، عن مخطط الجيش المصري لإخلاء المنطقة الحدودية بين سيناء وغزة. في المقابل، يعرب آخرون عن ثقتهم، أن هذا الكلام محصور في إطار "الخزعبلات" التي تقرب من حدود الخرافة. 
وعكف الجيش المصري على إخلاء الشريط الحدودي بين سيناء وغزة، خلال العامين الماضيين، وإنشاء منطقة خالية من السكان، وإقامة قناة مائية على الشريط الحدودي، فضلاً عن إتباع سيناريو "التهجير الطوعي"، من خلال القصف الجوي والمدفعي الذي أجبر اﻷهالي على الرحيل عن تلك المناطق المستهدفة.


وخطوة التهجير القسري أو الطوعي التي نفذها الجيش المصري، صاحبها هجوم شديد على النظام المصري الحالي، باعتبار أنها تصبّ في صالح الكيان الصهيوني، وسط تشكيك في أنها تكون خطوة على طريق توطين أهالي غزة في قطاع من سيناء.
سيناريو توطين أهالي غزة في سيناء كان قد طرح، منذ سنوات طويلة، من جانب الكيان الصهيوني كأحد حلول القضية الفلسطينية، إلا أن المثير للدهشة هو اعتراف إسرائيل، أن هذا المخطط يدعمه الرئيس المصري الحالي. وفي ديسمبر/كانون اﻷول 2002، اقترح وزير البنية التحتية السابق في حكومة أرييل شارون، إيفي إيتام، بشأن منح مصر شبه جزيرة سيناء لإقامة كيان فلسطيني لحل القضية الفلسطينية وتخفيف ما وصفه بالمعاناة الإنسانية عن اللاجئين الفلسطينيين.
وقال الوزير الإسرائيلي يومها، خلال محاضرة في مدينة هرتسليا، "إن شبه جزيرة سيناء منطقة جغرافية منفصلة، وكبيرة وخالية من السكان، وتشكل إمكانية يمكن فحصها، وهنا لا نتكلم عن ترحيل أو ترانسفير للعرب، إنما عن إقامة كيان فلسطيني في تلك المنطقة". وقالت مصادر قبلية في سيناء، إنه منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهناك أنباء تتردد بقوة حول سيناريو توطين أهالي غزة في سيناء، لكن جميعها كانت بلا أي دليل أو مؤشرات حقيقية. وأضافت المصادر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن سيناريو تهجير أهالي سيناء، ربما كان إحدى حلقات ما نشره الوزير الإسرائيلي، ولا سيما أنّ مسألة القناة المائية التي أقيمت على الشريط الحدودي وعملية التهجير وإغراق الحدود، كانت بتنسيق وطلب مصري، بحسب ما كشف وزير البنية التحتية. ووفقاً للمصادر، فإنه لا يمكن تنفيذ هذا السيناريو تماماً حتى لو أن النظام المصري يوافق عليها، ﻷنها "خيانة للدماء التي سالت على أرض سيناء في مواجهة الاحتلال، وتكشف عن الغرض من الحرب التي تشنها قوات الجيش المصري على المدنيين، وليس اﻹرهاب كما يزعمون"، على حد وصفها. وشددت المصادر على أن هذه الخطوة، لو تم التلويح حتى بتنفيذها، سيكون رد الفعل من الشارع السيناوي في غاية القسوة والشدة على النظام الحالي أولاً، ثم على القوات المتواجدة في سيناء، محذرة "من حتى فكرة طرح هذا اﻷمر". 
ولفتت المصادر إلى أن عدم الرد المصري على حديث الوزير الصهيوني، يعتبر مشاركة في هذه الجريمة، مطالبةً بضرورة إصدار بيان شديد اللهجة رداً على اتهام السيسي بالتورط في هذه الجريمة. في المقابل، أكدت مصادر مصرية قريبة من دوائر اتخاذ القرار، أن ما طرحه الوزير اﻹسرائيلي لا يعبّر عن الموقف الرسمي المصري مطلقاً، ﻷن هذا اﻷمر حتى لو وافق عليه السيسي لا يمكن تمريره من القوات المسلحة على وجه الخصوص. وقالت المصادر، في حديثها لـ "العربي الجديد"، إن مسألة توطين الفلسطينيين في سيناء هي مخطط إسرائيلي في اﻷساس، ويطرح في كل عام ومناسبة لحل القضية الفلسطينية، وهو طرح غير مرحب به مطلقاً، على الرغم من 
محاولات التخفيف عن اﻷشقاء في فلسطين. ولفتت المصادر إلى أن مصر سيكون لها رد قوي بعد دراسة الموقف، وتحديداً عقب لقاء الرئيس اﻷميركي، دونالد ترامب، رئيس الحكومة اﻹسرائيلية في واشنطن، لا سيما أن حديث الوزير اﻹسرائيلي لم يصدر بشكل رسمي.
من جهته، قال المتخصص في الصراع العربي اﻹسرائيلي، محمد عصمت سيف الدولة، إنه لا يمكن تصديق خزعبلات الوزير الصهيوني، ﻷنها لعبة قديمة ومحروقة لزرع الفتن بين الشعبين الشقيقين. وأضاف سيف الدولة، في تدوينة على موقع "فيسبوك"، أنه حتى لو كان الخبر صحيحاً واتفق السيسي ونتنياهو وترامب على إقامة دولة فلسطينية في سيناء بدلاً من الضفة الغربية، فلن يقبل الشعب الفلسطيني ذلك ولن يتخلى عن وطنه للصهاينة، وكذلك لن يقبل الشعب المصري التخلي عن شبر من سيناء.
في المقابل، أبدى خبير في مركز اﻷهرام للدراسات السياسية، تخوّفه من إمكانية طرح فكرة توطين أهالي غزة في سيناء للنقاش بين الطرفين المصري واﻹسرائيلي، ﻷن طرح اﻷمر حتى للنقاش، يعتبر تحولاً خطيراً في القضية الفلسطينية، مع اﻷخذ في الاعتبار العلاقة الوطيدة بين النظام المصري والاحتلال الصهيوني. وقال الخبير السياسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير ينذر بإمكانية التنازل عن أراض مصرية في الفترة المقبلة، وهو أمر يدعو للقلق الشديد للوهلة اﻷولى، بغض النظر عن صحته. واعتبر أن "السيسي لم يعد لديه أي مصداقية في الشارع المصري" بعد محاولة التنازل عن تيران وصنافير، والتي أفشلها القضاء المصري، واﻷخطر هو تصديق قادة المؤسسة العسكرية على رغبة السيسي، وهو مؤشر أكثر خطورة.

المساهمون