أي مستقبل للمناطق الآمنة؟

أي مستقبل للمناطق الآمنة؟

14 فبراير 2017
أحد أهداف المنطقة الآمنة وقف تدفق اللاجئين(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
ترغب دول المنطقة بالتدخل في سورية، لأسباب مختلفة، وعلى مستويات مختلفة سياسية وعسكرية. هناك محور دعم نظام بشار الأسد، وخصوم هذا النظام. وهناك الراغبون بمحاربة الإرهاب ممثلاً بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والقاعدة. يوجد أيضاً مناوئو إيران وتوسعها في الإقليم، وآخرون يريدون التدخل وإيجاد حلول، أية حلول، لإيقاف تدفق اللاجئين إلى أوروبا ودول الجوار.
لم يكن التدخل لصالح نظام الأسد محكوماً بشيء، ثم أصبح، إلى حد ما، واقعاً تحت الإرادة الروسية. أما التدخل ضد الأسد، فاستمر مرهوناً بصورة حصرية في الإرادة الأميركية. وهناك أسطورة مفادها بأن "أميركا أوباما" لم تتدخل في سورية، بينما الحقيقة أنها تدخلت سلبياً، إن كان بالتحكم بتدخلات الآخرين، أو رفض تدخلهم بالمطلق، والاكتفاء بمحاربة "داعش" ضمن استراتيجية نجحت في مواجهة التنظيم، حتى الآن، لكنها فشلت في إعادة الاستقرار لسورية.

اليوم تأتي جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الخليج على وقع التغيرات في الولايات المتحدة، ووصول دونالد ترامب إلى السلطة. ترامب، الذي استمر طوال حملته الانتخابية يتهم منافسته هيلاري كلينتون بأنها "ستتسبب بإشعال حرب مع روسيا بخطتها لإنشاء مناطق آمنة في سورية"، أعلن في أيامه الأولى في البيت الأبيض عن نيته بناء مناطق آمنة في سورية لعودة اللاجئين. وبغض النظر عن هدف ترامب، أكان إيجاد نهاية للملف السوري، أو الاكتفاء بإعادة اللاجئين كما يعلن، فرغبته تلك ستتسبب بصدام مع روسيا، خصوصاً أنها، كما يبدو، ستتم من خلال حلف شمال الأطلسي، وتركيا، ودعم خليجي، ما يعني أنها لن تكون من خلال اتفاق أميركي – روسي منفرد.
تأتي اليوم فكرة "المناطق الآمنة" بعد أن فات وقتها كثيراً، مقارنة بطرحها بصورة جدية في 2012 و2013. اليوم نتحدث عن ملايين اللاجئين خارج سورية وداخلها. ودور أكبر للمليشيات العراقية واللبنانية والأفغانية التي ترعاها إيران، على حساب أي وجود مفترض لـ "الدولة" السورية. ما يعني أن قيمة المناطق الآمنة في إعادة السلام إلى سورية سيكون محدوداً جداً اليوم، مقارنة بدورها قبل ثلاث سنوات على سبيل المثال.
بدون استراتيجية أوسع، تجعل المناطق الآمنة منطلقاً لفرض حلول سياسية على إيران وروسيا والنظام السوري، لن تكون هذه الخطوة إلا حلاً لأزمة أوروبية – أميركية تتعلق بتدفق اللاجئين، لا نواة لإعادة الاستقرار إلى منطقة مدمرة.