انقسام حول موعد الانتخابات العراقية: المالكي و"الحشد" يرفضون التأجيل

انقسام حول موعد الانتخابات العراقية: المالكي و"الحشد" يرفضون التأجيل

13 فبراير 2017
استمرار النزوح من أسباب رفض إجراء الانتخابات(صافين حميد/فرانس برس)
+ الخط -
يتأرجح موعد انتخابات مجالس المحافظات العراقية، بعد بروز خلاف على إمكانية إجرائها في التاريخ المحدد لها في سبتمبر/أيلول 2017، وذلك نتيجة التضارب في المصالح السياسية للكتل المشتركة في العملية السياسية في البلاد.
وفي الوقت الذي تعد كتل تحالف القوى العراقية من أشد الرافضين لهذا الموعد وتطالب بتأجيله، بسبب ما تعرضت له المحافظات التي تتمتع فيها بثقل، من عمليات تهجير واستمرار سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على عدد منها، حتى الآن، تسعى الكتل المرتبطة بمليشيات الحشد الشعبي إلى إجراء الانتخابات بموعدها المقرّر محاولة استغلال الظرف الحالي لتحقيق مكاسب سياسية.
وبحسب مراقبين، فإنّ إجراء الانتخابات يحتاج الى ظروف مناسبة من الناحية الاقتصادية والسياسية والأمنية. ويؤكد هؤلاء أن أزمة النزوح وسيطرة "داعش" على مناطق الموصل وغرب الأنبار وغيرها من المناطق تعد أزمة حقيقية لا يمكن تجاوزها وإجراء الانتخابات مع استمرار هذا الوضع، خصوصاً أنّ هذا الظرف يفتح الباب أمام إمكانية عدم شفافية الانتخابات والقدرة على التزوير فيها باستغلال الظرف.



ويقول النائب عن تحالف القوى، رعد الدهلكي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الأجواء التي يعيشها العراق حالياً غير مناسبة لإجراء انتخابات مجالس المحافظات بموعدها المحدّد". 
ويرى الدهلكي أن "الواقع الأمني والخدمي وأزمة النازحين وبقاء عدد من مدننا تحت سيطرة داعش وعدم اكتمال تحريرها، هي من أكبر الصعوبات التي تحتم تأجيل الانتخابات". ويشير الدهلكي إلى أنّ "تحالف القوى عقد اجتماعاً قبل أيّام عدة بحث خلاله موضوع الانتخابات، وإمكانية إجرائها في موعدها من عدمها"، مبيناً أنّ "التحالف دعا إلى تأجيل موعد إجراء الانتخابات وأيد كل المطالبات والدعوات التي تصب في هذا الاتجاه"، مشدداً على "ضرورة أن يكون الظرف مناسباً، ويتم تحرير مدننا وإعادة النازحين لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة".
وتؤكد جميع المؤشرات الحالية على عدم القدرة على إجراء الانتخابات في موعدها لأسباب عدّة، أهمها المعارك المستمرة مع "داعش" في العديد من الجبهات. ويضاف إلى ذلك الأزمات في تلك المناطق وفي المدن والبلدات التي تحرّرت أخيراً، والتي تشتت أهلها ما بين العودة وما بين النزوح، فضلاً عن المناطق التي منعت المليشيات سكانها من العودة إليها.
وتحاول كتل سياسية استغلال الظرف الحالي وإجراء الانتخابات في موعدها لتحقيق مكاسب سياسية. وتضغط هذه الكتل (القريبة من رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، ومليشيا الحشد) على مفوضية الانتخابات وعلى الجهات المعنية لعدم التأجيل. ويقول الأمين العام المساعد لمليشيا بدر، عبدالكريم الانصاري، في تصريح صحافي، إنّ "هناك عقبات كثيرة أمام إجراء الانتخابات المحلية في موعدها المقرّر، لكنّنا ككتلة بدر لسنا مع التأجيل، ونطالب بإجرائها بموعدها المقرر نفسه".
من جهته يؤكد رئيس كتلة حزب الدعوة البرلمانية، علي البديري، أنّ "إجراء الانتخابات في موعدها المقرّر سينتج عنه فوز المستقلين الحقيقيين وقادة الحشد الشعبي". ويقول البديري، إنّ "الأحزاب المتنفّذة تقاتل من أجل تأجيل الانتخابات"، مشيراً الى أنّ "هذه الأحزاب تولدت لديها قناعة أنّ القسم الأكبر منها لن يحصل على شيء في حال أجريت الانتخابات وتشكيل الحكومات المحلية".
وفي الوقت الذي تعمل مفوضية الانتخابات على استكمال استعداداتها، واجهت تحدياً جديداً قد يتسبب بالتأجيل، ويتمثّل بالتظاهرات المطالبة بحل المفوضية.
وبعدما أعلنت المفوضية، قبل أيّام، استكمال سجل الناخبين الأولي لانتخابات مجالس المحافظات للعام 2017، وإغلاق مراكز التسجيل البايومتري في العشرين من شهر فبراير/شباط. رجّح رئيس المفوضية سربست رسول، "عدم إمكانية إجراء الانتخابات بموعدها". وقال رسول في تصريح متلفز، إنّ "التظاهرات والتهديدات التي تلقيناها ستؤثّر على استعداداتنا الفنية لإجراء الانتخابات بموعدها المحدّد". وأكد أنّ "هذه التهديدات المباشرة وغير المباشرة سترغمنا على التأجيل، لأنّها ستربك عملنا بشكل كبير، وفعلاً انشغلنا حالياً بتلك التهديدات والضغوط التي تمارس علينا من جهات وكتل سياسية محاولة إرغامنا على تقديم الاستقالة".
في موازاة الجدل السياسي، يؤكد مراقبون "صعوبة إجراء الانتخابات بهذا الموعد بسبب الظرف الحرج الذي تمر به البلاد". يقول الخبير في شؤون الانتخابات، عدي الهيتي، في حديث "العربي الجديد"، إنّ "كل الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية لا تساعد على إجراء هذه الانتخابات حالياً"، مبيناً أنّ "الانتخابات ليست عملية سهلة، وأنّها تحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة، والعراق يمرّ بأزمة اقتصادية خانقة، كما أنّ الوضع السياسي والخلافات والتظاهرات عوامل تعيق إجراء الانتخابات، فضلاً عن أزمة النزوح والمعارك مع داعش".
ويلفت إلى أن "هذه الأجواء توفر فرصة ثمينة للكتل التي تسعى لاستغلالها، وتضغط باتجاه إجرائها، لأنّه في حال أجريت لا توجد ضمانات أن تكون انتخابات شفافة ونزيهة، وستتمكن تلك الجهات من استغلالها". ويؤكد "أهمية وضرورة التأجيل وتهيئة الظرف المناسب والأجواء التي تساعد على إجراء هذه الانتخابات".
ووسط هذا الجدل لم تتدخل الحكومة ولم تطلب رسمياً بتأجيل الانتخابات، ممسكة العصا من الوسط بين الكتل السياسية. ووفقاً للقانون فإنّه يتعين على رئيس الحكومة تقديم مبررات مقنعة لتأجيل الانتخابات المحلية وشرح الأسباب التي تدعو الى ذلك في حال أراد ذلك. وتنص الأحكام الختامية من قانون مجالس المحافظات على أنّه يحدّد موعد الانتخابات بقرار من مجلس الوزراء، بناء على اقتراح من المفوضية، على أنه يعلن عنه بوسائل الإعلام المختلفة قبل الموعد المحدد لإجراء الانتخابات بــ 60 يوماً.

المساهمون