فرانك فالتر شتاينماير... "شيخ الدبلوماسية الأوروبية" رئيساً لألمانيا

فرانك فالتر شتاينماير... "شيخ الدبلوماسية الأوروبية" رئيساً لألمانيا

برلين

شادي عاكوم

avata
شادي عاكوم
12 فبراير 2017
+ الخط -

فرانك فالتر شتاينماير (60 عاماً)، الرئيس الألماني المقرر انتخابه اليوم الأحد، هو السياسي الألماني الأكثر شعبية. وينتمي شتاينماير إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ العام 1975، ويتحدر من مدينة دتمولد التابعة لولاية شمال راين فستفاليا غرب ألمانيا. درس شتاينماير، المعروف بهدوئه ورصانته، القانون والعلوم السياسية في جامعة غيسن، بعدما أنهى خدمته العسكرية. وشغل مناصب سياسية عدة، بينها مدير مكتب المستشارية في ولاية سكسونيا السفلى، ومنصب المستشار الأول لغيرهارد شرودر خلال رئاسته للحكومة بين العامين 1998 و2005. ويعتبر مهندس ما يعرف بـ"خطة العام 2010" لإصلاحات هارتز، وعضو اللجنة التوجيهية لإعداد وتنفيذ الإجراءات التي أقدمت عليها الحكومة آنذاك في المجال الضريبي والاقتصادي والصحي. ولشتاينماير مؤلفان، الأول بعنوان "صنع في ألمانيا 21"، والثاني "ألمانيتي، ماذا أؤيد؟".

وعزز حضور شتاينماير، الذي من المفترض أن يتسلم مهامه الرئاسية في 18 مارس/آذار المقبل، من دور الدبلوماسية الألمانية في المحافل الدولية. فهو الذي شغلها وخبرها مرتين، الأولى بين عامي 2005 و2009 والثانية بعد انتخابات العام 2013 وحتى يناير/كانون الثاني 2017، بعد أن شغل منصب نائب المستشارة بين العامين 2007 و2009. وهو خسر الانتخابات لمنصب مستشار في العام 2009 ضد المستشارة أنجيلا ميركل، ولم يحصل حينها إلا على 23 في المائة من الأصوات. وشتاينماير متزوج من زميلته منذ أيام الدراسة القاضية الإدارية، ألكه بودنبندر، وانسحب، لفترة وجيزة، من الحياة السياسية من أجلها في العام 2010، إذ تبرع لها بإحدى كليتيه، بعدما باتت أمام خيارين، إما غسل كلى لمدى الحياة أو أن تخضع لزراعة كلية جديدة. ولهما ابنة وحيدة تبلغ 20 عاماً. وكان شتاينماير تعرض، وهو في سن الشباب، إلى عدوى كادت تفقده بصره قبل أن يخضع لعملية زرع قرنية.



ويعتبر شتاينماير، "المبدئي" الذي سينتقل الشهر المقبل إلى القصر الرئاسي في برلين، المدافع الأول عن حقوق الإنسان حول العالم، والتي كانت دائماً في صلب محادثاته مع المسؤولين الدوليين. ويرفض العقوبات ضد روسيا بسبب دعمها لنظام الرئيس السوري، بشار الأسد، على اعتبار أن ذلك سيجعل موقفها أكثر تشدداً. وهو المتفائل بحذر، بعد سنوات من الجمود، عن وجود مفتاح حل في الشرق الأوسط، والمحذر الدائم من عواقب إنهاء محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

دراسة شتاينماير للقانون والعلوم السياسية، وحصوله لاحقاً على شهادة الدكتوراه، ساهمت في "نضوج" دبلوماسيته وحنكته السياسية، وسمحت له أن يفرض نفسه كأحد أبرز الشخصيات السياسية في حزبه، ومكنته من تسلم مناصب حساسة في مقتبل العمر، قبل أن يسطع نجمه على المستوى الأوروبي والدولي. وجعلته خبرته أن يكون في أحيان كثيرة عراب الحلول، والساعي دائماً إلى تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين، منها دوره في إنجاز مفاوضات الملف النووي الإيراني ومحادثات جنيف بشأن سورية، ما جعله يتفوق على أقرانه من وزراء الخارجية الأوروبيين. وتمكن بصراحته المعهودة من رفع الصوت في أحيان كثيرة، وبعث إشارات، في الوقت المناسب، ليبدد بعض المواقف. واستطاع وزير الخارجية السابق بصلابته استيعاب مختلف ردود الفعل الصادرة عن نظرائه، والتي كان آخرها ما حصل خلال نقاشات واجتماعات دول الاتحاد الأوروبي المتعلقة بأزمة اللاجئين، التي شغلت الكثير من اهتماماته، لكونها شكلت موضوع أطروحة الدكتوراه التي عمل عليها، وناقش فيها دور الدولة في حماية المشردين. وعاد بعد ذلك، وقرَن الأقوال بالأفعال، عبر زيارة العديد من مخيمات اللجوء في دول العالم. وأعرب، في أكثر من مناسبة، عن اقتناعه بأن إنهاء أزمة اللجوء يجب أن يكون أولاً عبر إيجاد الحلول في البلدان المصدرة للاجئين، وتعزيز الديمقراطية في تلك المجتمعات. وبشأن القضية الفلسطينية، كان شتاينماير قد حذر، على هامش أعمال مؤتمر باريس للسلام في الشرق الأوسط أخيراً، من خطورة بعض الأفكار الخاصة بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، كما أوحى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وأشار إلى "أنها ستتسبب بردود فعل من الجانب الفلسطيني، وعندها سيشعر المرء أننا أمام موجات تصعيد جديدة مع بداية هذا العام"، مشدداً على ضرورة تجنب ذلك.

هذه السيرة الذاتية خوّلت شتاينماير ليترأس السلطة في جمهورية ألمانيا الاتحادية في المرحلة المقبلة. ويقتصر دور الرئيس، الذي يعتبر منصباً فخرياً، على توقيع الاتفاقيات باسم الحكومة مع الدول الأجنبية، كما وتسلم أوراق اعتماد السفراء. إلا أن المراقبين يرون أنه سيكون لخبرة وشخصية وعلاقات شتاينماير، بالتنسيق مع المستشارية، تأثير بالغ، لإبقاء ألمانيا الاقتصادية في موقع سياسي ريادي، على الرغم من الأزمات المستفحلة حالياً، ليس أقلها خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي والحرب في الشرق الأوسط والعلاقات الصعبة مع أميركا بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وهذا الأمر عبر عنه شتاينماير، عندما كتب أخيراً في صحيفة "بيلد" الألمانية، محذراً من أن "على ألمانيا أن تعد نفسها لأوقات صعبة أثناء حكم الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب".

وبترك شتاينماير لمنصبه على رأس الدبلوماسية الألمانية، يكون الاتحاد الأوروبي خسر أحد أبرز وزراء خارجية دوله، و"قبطان السفينة الأوروبية وشيخ دبلوماسيتها"، بحسب ما وصفته بعض وسائل الإعلام الألمانية، ولتطرح سؤالاً مفاده "ألم يكن من الأجدى التوافق على شخصية أخرى غير شتاينماير، الذي تأتي مغادرته لهذا المنصب اليوم في زمن غير ملائم؟".

ذات صلة

الصورة

سياسة

قُتل 40 شخصاً على الأقل، وجُرح العشرات، في إطلاق نار أعقبه اندلاع حريق، مساء اليوم الجمعة، في صالة للحفلات الموسيقية في ضاحية موسكو.
الصورة

سياسة

أثار اعتقال اللاعب الإسرئيلي ساغيف يحزقيل في تركيا أمس، ردود فعل غاضبة في إسرائيل، دفعت وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت لاتهام تركيا بأنها ذراع لحركة حماس.
الصورة

سياسة

كشفت وسائل إعلام تركية، اليوم الجمعة، تفاصيل إضافية حول خلية الموساد الموقوفة قبل أيام، مبينة أن هناك وحدة خاصة تابعة للموساد تشرف على "مكتب حماس في تل أبيب".
الصورة
تحاول السلطات الألمانية قمع المتعاطفين مع فلسطين (ينغ تانغ/Getty)

مجتمع

يواصل البرلمان الألماني "البوندستاغ" مناقشة التعديلات المطروحة حول التجنيس، وبينما تضم التعديلات تقليص عدد سنوات الإقامة اللازمة للحصول على الجنسية، برز نقاش جد